مقالات مختارة

المالكي في ذكرى سقوط الموصل

1300x600
كتب علي حسين: حتما نحن شعب ناكر للجميل، بحيث بلغت بنا الوقاحة مبلغا جعلتنا ننكر على السيد نوري المالكي الإنجازات العظيمة التي قدمها خلال السنوات القصيرة الماضية، صرفنا جهدنا في تقليب دفاتر "فخامته"، فيما الرجل كان يقدم في كل يوم إنجازا يجعل من العراق بلدا بمصاف الدول المتقدمة.

لم يخطئ المالكي حين وصف المشككين بإنجازات حكومته بأنهم ينتمون إلى داعش، ويعانون من انحرافات عقلية تجعلهم لا يريدون أن يدركوا أن الحكومة حققت إنجازات كبيرة، وضربت داعش، وبنت العراق. 

إذن، كنا مع المالكي نحن نعيش أزهى عصور الرفاهية، فالوقائع تؤكد بالدليل القاطع أن المالكي استطاع بفضل خبراته أن ينقل العراق، الذي كان يعيش على هامش التاريخ، خلال سنوات قصيرة من الزمن، ليصبح اليوم واحدا من أفضل البلدان، فقبل أن يتسلم السيد المالكي زمام الأمور كانت البلاد تعيش أسوأ عصورها، بلاد لم تكن فيها سوى الخرائب، تستجدي المعونات من دول الجوار، فاستطاع السيد المالكي بوقت قياسي أن يبني بلدا للناس، لا مكان فيه للانتهازية والطائفية والمحسوبية، والأهم أنه استطاع بجهوده الخاصة أن يحول العراق من بلد فقير ومهمل إلى قوة اقتصادية وسياسية كبرى، وأن يبني واحدة من معجزات هذا القرن.

كيف تسنى لنا أن "نتفرعن" على إنجازات "فخامته" وننسى بلاءه الحسن وهو يشن حروبه على الفساد والمفسدين، وتوفير الخدمات وبث الأمن والأمان في النفوس؟ .

نسينا نحن المتخلفين عقليا أن الرجل تسلم تركة ثقيلة، وأن الأوضاع كانت قبله غاية في السوء على نحو تدفع المواطن إلى أن تسيل دموعه إشفاقا على هذا المسؤول المسكين، الذي حمّلوه أمانة تنوء بحملها الجبال.

ما أعلنه السيد المالكي يمكن تصديقه في أي بلد إلا العراق، فنحن نقدم للعالم كل يوم الدليل على أننا نعيش زمن الفرهود العظيم، وأن مصطلحات النزاهة لا تنفع في بلد غيبت فيه إرادة الناس، لقد ظل المواطن خلال السنوات الماضية يسمع كل أربعاء خطبة المالكي، وهو يعده بالرفاهية والازدهار، ويصدر له البيانات الرسمية حول ثمار التنمية القادمة ومنافع الزيادات في صادرات النفط التي ستعوضه عن بؤس وفقر العهود الماضية، لكن الواقع أثبت عكس ذلك، فكلما زادت أموال العراق أطلقت أيدي السراق، لتكون النتيجة في النهاية زيادة في أعداد الفقراء وغيابا تاما للخدمات، وبلدا تحول يوما بعد آخر إلى دويلات تتصارع من أجل المنافع.

عندما يعتقد البعض أنه يمكن أن يعود بثوب جديد، فإنه حتما يعاني من قصر في النظر، عندما لا يرى كيف تحولت البلاد بفضل خططه الأمنية التي وضعها إلى غابة من الجثث، وبدلاً من أن يخجلوا ويتواروا عن الأنظار، نجدهم يتسابقون على الفضائيات، واحد يشتم الجميع، وآخر يندد بالتحالف الدولي، وثالث يقول بسخرية وهو يستعيد لحظة سقوط الموصل: "إن خروجي من السلطة كان الخطيئة الكبرى" .

(صحيفة المدى العراقية)