ملفات وتقارير

اتحاد الشغل يهاجم أداء حكومة الشاهد.. فهل انتهت الهدنة؟

هاجم الطبوبي أداء حكومة يوسف الشاهد- أرشيفية

شكلت التصريحات المتتالية لأمين عام اتحاد الشغل التونسي -أكبر منظمة نقابية للعمال- نور الدين الطبوبي، خلال تقييمه لأداء حكومة الشاهد، التي وصفها بـ"النتائج السلبية "، منعرجا حاسما في العلاقة بين هذه المنظمة النقابية ويوسف الشاهد، الذي يرى كثيرون في الأوساط السياسي أنه يستمد قوته من هذه المنظمة النقابية، بعد تآكل الحزام السياسي المساند له، سواء من النهضة ونداء تونس، أو من باقي الأحزاب التي وقعت سابقا على "وثيقة قرطاج" (خارطة عمل سياسية انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية وحددت أولويات عملها أحزاب في الحكم والمعارضة ومنظمات وطنية).

 

تقييم سلبي لأداء الحكومة

 

وهاجم الطبوبي خلال حضوره افتتاح أشغال المؤتمر رقم 25 العادي لاتحاد الشغل، في 3 مارس/ آذار 2018، أداء حكومة يوسف الشاهد، مشددا على أن: "الاتحاد لن يكون بعد اليوم شاهد زور على تونس، ولا يمكن حصر وظيفته في مربع المطلبية البحتة والقبول بالقرارات السياسية المسقطة، وبأنه آن الأوان للتقييم الجدي لأداء الحكومة".

 

وتوجه مخاطبا الشاهد بالقول: "المسئول المحنك والسياسي الناجح مطالب بالأرقام ومطالب بالنتائج، وأنا عندما أنظر وأتمعن اليوم في هذه النتائج أجدها كلها سلبية". 

 

وشدد الطبوبي على أن حكومة الشاهد خالفت التعهدات التي قطعتها، ولم تتحرك لاحتواء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجه البلاد وتواتر موجة الاحتجاجات الاجتماعية وسلسلة الإضرابات في أكثر من قطاع، كالصحة والفسفاط والتعليم، كما لم يفوت الفرصة لانتقاد أداء وزراء الشاهد، بالقول: "عندما تحدثت عن الحكومة لم استهدف أيّ شخص، هناك تفكك في أجهزة الدولة وبعض الوزراء، كلّ يغني على ليلاه، والحال أن الحكومة يجب أن تكون متجانسة في أدائها، وموحدة في خطابها".

 

مؤاخذات أمين عام اتحاد الشغل على أداء حكومة الشاهد ودعوته إلى إجراء تحوير وزاري جزئي ليست الأولى خلال هذه المدة القصيرة، حيث سبق أن صرح في 23 فبراير/ شباط الماضي، خلال مداخلة عبر راديو "شمس أف أم " المحلي، بأنه "آن الأوان لضخ دماء جديدة في بعض الوزارات والمؤسسات العمومية والإدارات العامة، وأن اتحاد الشغل لم يمنح صكا على بياض لحكومة الشاهد".

 

وأكد الطبوبي أن "التقييم الخاص لأداء حكومة الشاهد كان دون المأمول، وظل حبرا على ورق فيما يتعلق بالحرب على الفساد والحوكمة الرشيدة، والتحكم في التوازنات المالية، وتجانس الأداء الحكومي".

 

تعالي الدعوات للتحوير الوزاري

 

من جانبه، اعتبر القيادي في حزب "مشروع تونس"، حسونة الناصفي، أن رئيس الحكومة ارتكب خطأ سياسيا، حين اعتقد أن استناده على دعم الاتحاد سيكون بمثابة طوق النجاة له ولحكومته، ويضمن بها استمراريته، مؤكدا لـ"عربي 21" أن اتحاد الشغل يبقى في نهاية الأمر منظمة نقابية تدافع عن مصلحة منظوريها.

 

وتابع بالقول: "يبدو أن رئيس الحكومة اكتشف متأخرا أنه في وضع لا يحسد عليه، وهو ما جعله يذكر لأول مرة أنه ينتمي لحزب نداء تونس، ويسهب في ذكر قوته السياسية، وتأثيره كحزب حاكم، رغم أن الكل يعلم بتوتر علاقة الشاهد بقيادات فاعلة في هذا الحزب".

 

الناصفي اعتبر أن دعوة اتحاد الشغل إلى ضرورة إجراء تحوير وزاري وتحذيره المتتالي لرئيس الحكومة لم يرق للأخير، ولم يتقبله بشكل إيجابي، وهو ما جعل العلاقة التي تربط بينهم تأخذ منعرجا جديدا وأكثر توترا".

 

وختم بأن أغلب الأحزاب السياسية، سواء في الحكم أو المعارضة، أجمعت على ضرورة القيام بتحوير وزاري تقتضيه الضرورة.

 

وكان رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، رد على دعوة سابقة لاتحاد الشغل بضرورة ضخ دماء جديدة في الحكومة وفي أجهزة الدولة بالرفض، وذلك خلال حوار عبر التلفزيون الحكومي في 25 فبراير/ شباط 2018، أكد خلاله أنه لا يعتزم في الوقت الحالي القيام بتحوير وزاري، وبأن ذلك لا يصب في مصلحة البلاد في الوقت الراهن، مذكرا الجميع بأنه الوحيد المخول للقيام بهذا التحوير.

 

وشدد الشاهد في الحوار ذاته أن تغيير الحكومات منذ الثورة أضر كثيرا بالاستقرار السياسي للبلاد، وبأن العديد من الأحزاب تنادي بالتغيير، من أجل التغيير فقط، وأغلبها يفتقد لبرنامج تنموي واضح، مؤكدا مضي حكومته في تنفيذ البرنامج الذي حددته بالوصول إلى سنة 2020.

 

https://www.youtube.com/watch?v=jldMvJYve-U

 

اتحاد الشغل يرفض دور "الكومبارس"

 

وبخصوص تصريحات نور الدين الطبوبي الأخيرة، اعتبر الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، في تصريح لـ"عربي 21"، أن دعوة رئيس الاتحاد لرئيس الحكومة بضرورة إجراء تحوير وزاري جزئي اقتضتها المسؤولية التاريخية للمنظمة الشغيلة بعد وصول الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد إلى مستويات كارثية لا يمكن السكوت عليها".

 

وأضاف: "لن يقبل الاتحاد أن يكون شاهد زور أو مجرد كومبارس، بل لنا رأينا، وعلى رئيس الحكومة أن يسمعه ويتخلى عن سياسة التعنت والهروب إلى الأمام".

 

الطاهري انتقد في السياق ذاته الأداء الحكومي لوزراء الشاهد، مشددا على ضرورة إجراء تقييم شامل في صلب الحكومة الحالية، وقال بلهجة ساخرة: "هناك مجموعة من الوزراء لا بد أن تصدر في حقهم بطاقات تفتيش؛ لأننا لا نعلم ماذا يشتغلون تحديدا، وما هي المهام الموكلة لهم".

 

وفي المقابل، رفض ما يتداول على الساحة السياسية بتوفير الاتحاد لغطاء سياسي داعم  للشاهد، مؤكدا أن المنظمة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، وبأنها تثمن أداء الحكومة حين يقتضي الأمر ذلك، وتنتقدها حينما تخطئ، كما هو الحال اليوم.

 

وأقر الإعلامي والمحلل السياسي، باسل ترجمان، خلال حديثه لـ"عربي 21"، بوجود عدة مؤشرات تؤكد مما لا يدعو للشك بفقدان حكومة الشاهد الدعم السياسي والنقابي الذي كانت تحظى به سابقا في ظل بوادر الأزمة مع اتحاد الشغل، بسبب ما أسماه عملية التقييم الشامل الذي انطلقت المنظمة الشغيلة في اعتماده بعد وصول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى مستويات كارثية.

 

واعتبر أن تراخي الحكومة في المرحلة الماضية في القيام بإصلاحات، وفشلها في إيجاد حلول اقتصادية ناجعة، وتحمل الطبقات الفقيرة والوسطى وزر الأعباء الاقتصادية لقانون المالية الجديد، دفع بالأمور إلى هذه المرحلة المتأزمة.

 

وشدد في ختام حديثه "على ضرورة خروج الحكومة الحالية من سياسة المحاصصة الحزبية والترضيات، التي أضرت بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس، وبأن الحاجة باتت ملحة الآن لتحوير وزراي يضم حكومة كفاءات".