كتاب عربي 21

بداية النهاية للحرب على الشعب السوري

1300x600
سلمت المملكة السعودية ملف تشكيل وفد موحد من المعارضة السورية للتفاوض مع وفد من نظام الأسد الذي بدوره أعلن عن تشكيل قائمته وتسليمها إلى موفد الأمم المتحدة علماً بأن تسريبات توشي بأن قائمة الأسماء التي من المفترض أن تفاوض وفد المعارضة السورية المزمع تشكيله في الرياض قبل منتصف ديسمبر القادم قدمت للأسد بشكل مسبق للتوقيع فقط. 

ونحن لا نستغرب ذلك على الإطلاق لأن الحليف الإيراني للأسد، مازال يمتلك و بحكم الصداقة الروسية- الإيرانية، نصيبا من القرار السوري، وعليه فمن المستبعد أن يصادق أو يوافق على إرسال وفد من النظام للقاء وفد من المعارضة السورية وخصوصا أنه يتم على الأراضي السعودية العدو الأول والأكبر لنظام الخامئني. 

ما حدث أن قرارا أمميا كان سباقا إلى تحذير إيران من مغبة إفشال أي جهود عربية أو دولية تهدف إلى تحقيق التغييرات الحكومية والأمنية والعسكرية اللازمة في النظام السوري بعد أن بلغ السيل الزبى، ولم يعد بالإمكان السكوت أكثر عن الأوضاع الأمنية المتدهورة وما جرّته من انفلات حدودي، يشكل أحد أهم الأسباب التي وقفت وراء أحداث مصر ولبنان وباريس الأخيرة. 

جاءت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تلت محادثات فيينا 2 حادة  اللهجة، وغير مسبوقة تجاه نظام الخامئني وانتهاكاته السافرة في الشأنين الداخلي والخارجي لإيران، فلم تكتف الدول المصوتة للقرار بإبداء قلقها إزاء سياسة إيران الداخلية التي تتصف بالعنصرية و التمييز بحق الأقليات العرب و البلوش و الأكراد،  وتشهد تسارعا في وتيرة أحكام الإعدام في تجاهل للضمانات المعترف بها دوليا حسبما جاء في القرار، و إنما تجاوز القرار القلق إلى دعوة واضحة لكافة المقاتلين التابعين لإيران بالخروج من الأراضي السورية وذلك عندما صوتت الجمعية بأكثر من مئة و خمسة عشر صوتاً على مشروع قرار إنساني بشأن سوريا، أدانت فيه  بشكل صريح استهداف المعارضة السورية المعتدلة، وأكدت أيضا مسؤولية نظام الأسد عن العدد الأكبر من الضحايا المدنيين في سوريا. 
 
إذن؛ نعود لنؤكد أن هذه القرارات جاءت في توقيت مدروس، للحد من الدور الإيراني في أية تحولات سياسية يتوقع أن تشهدها الساحة السورية في الأسابيع القليلة القادمة. 

تجميع صفوف المعارضة وتوحيد الفصائل المعارضة هو العنوان الأبرز لاجتماعات الرياض والتي تعتبر الأولى من نوعها على الأراضي السعودية، حيث لم يسبق للأراضي السعودية أن استضافت مؤتمرا أو اجتماعا رسميا للمعارضة السورية وإنما جاءت اللقاءات السابقة ببوادر فردية ولم تتخذ طابعا رسميا، وهذا ما يمكننا اعتباره مؤشراً على انفراجات جدّية قادمة في الملف السوري، خصوصا و أن للمملكة السعودية مواقف ثابتة و مطمئنة تجاه الشعب السوري، و أهمها ثبات موقفها حول أولوية رحيل الأسد. 

يذكر أن هناك احتمال بإحالة ملف اختيار تشكيل المعارضة الرسمي مجددا إلى السيد ديمستورا في حال إفشال جهود المملكة وعليه فالمعارضة القادمة إلى الرياض والتي يمكن القول: إن أغلبها لم يبد ترحيبا بمبادرات ديمستورا واقتراحاته، لربما تظهر اليوم اجتماعات الرياض كخيار أخير أمامها لكي توحد جهودها ومواقفها وتبدأ بالعمل الجماعي والذي يمكن أن نعتبره الخطوة الأولى والأهم نحو الخلاص من الأسد ونظامه.  

ما بعد الرياض ستكون هنالك لقاءات تفاوضية بين وفدي المعارضة و النظام ومن المتوقع أن هذه اللقاءات ستتخذ من جنيف مكانا لها و سيخرج عنها تشكيل سوري –شامل يقتسم بدوره الأدوار و المسؤوليات لإدارة المرحلة الانتقالية و تشكيل الحكومة القادمة. 

التقسيم يمكن أن يكون عبر مجموعة من اللجان الأمنية والعسكرية والسياسية و لجنة دستورية برئاسة مرشح مقبول من النظام والمعارضة برعاية ديمستورا ومهمتها وضع دستور جديد خلال ثمانية عشر شهراً، و هذه اللجنة كانت ضمن الاقتراح الروسي الذي تم رفضه مسبقا، وربما تخصص لجنة للأوضاع الإنسانية أيضا. 

حقيقة ما زال الكثير من الغموض يسيطر على الأجواء السياسية في سوريا، وخصوصا بعد التعقيدات الأمنية التي سببتها التفجيرات الأخيرة التي تبناها تنظيم الدولة، و لكن جميع المؤشرات تدل على أن التحرك نحو التغيير بدأ و لن يتوقف المجتمع الدولي عن التقدم إلى أن يضمن استقراره الأمني، والسيطرة على التنظيمات الإرهابية. 

ويبقى السؤال: من سيدخل ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الجديدة من فصائل المقاومة بعد انتهاء التشكيلات الحكومية القادمة؟  

وجواب هذا السؤال سيحدده مدى دبلوماسية و تعاون الفصائل الإسلامية المقاومة في سوريا مع الجهود الدولية و الأممية من عدمه.