كتاب عربي 21

البديهيات

1300x600
هذا مقال بديهي، ولكنه زمن صعب، يجب على المرء فيه أن يؤكد البديهيات. 

أولا: العرب أمة واحدة، مسلمين وغير ملسمين. 

ثانيا: المسلمون أمة واحدة، عربا وغير عرب.

ثالثا: السنة والشيعة وغيرهم من المذاهب الإسلامية أمة واحدة.

رابعا: هذه المذاهب والطوائف والأعراق موجودة على هذه الأرض منذ مئات السنين، لم يقض أحدها على الآخر من قبل، ولا يوجد سبب يدعونا للظن أن أحدها يمكنه أن يقضي على الآخر اليوم ولا غدا، ولا سبيل لهم جميعا إلا العيش معا، والعيش معا لا يكون إلا بالمساواة بينهم في الحقوق؛ لأن الظلم يولد الغضب، والغاضب الأعزل، في منطقة واقعة في أوسط الأرض مطموع في ثرواتها كمنطقتنا، سيد ألف مصدر للتسليح. 

خامسا: إذا كانت المساواةُ في الحقوق بين أصحاب الديانات والأعراق شرطَ العيش في هذه المنطقة، فإن عدم المساواة هو الأساس الذي قامت عليه إسرائيل. فالإسرائيليون مجموعة من الناس طردوا آخرين من ديارهم وحلوا محلهم ومنعوهم العودة، بينما سنوا قوانين تدعو الغرباء أن يسكنوا تلك الديار، ولا تكون إسرائيل إسرائيل إلا بهذا، هي كيان لا يقوم إلا بالظلم، فإن عَدَل ذاب، وتغير اسمه وعلمه وهويته. 

سادسا: إسرائيل، بترسانتها النووية وأسلحتها غير التقليدية وسلاح طيرانها المتفوق، تشكل خطرا وجوديا على كل محيطها العربي والإسلامي، وهي بدورها تعُدُّ نمو أي قوة إقليمية خطرا وجوديا عليها.

سابعا: بناء على ما سبق، فإسرائيل هي العدو المشترك للأمة كلها بطوائفها كافة، ومن يحالفها بأي سبب أو ذريعة يرتكب الخيانة العظمى.

ثامنا: إن الحرب الأهلية القائمة الآن بين السنة والشيعة كلفتهم من القتلى والمهجرين والمشردين أكثر مما كلفتهم حروبهم مع إسرائيل، وهي حربٌ،  المنتصرُ فيها مهزوم، وستنتهي باجتياح أجنبي عاجلا أم آجلا.

تاسعا: إن الأمة، وقد جرى بينها ما جرى من دم، لن تتوحد اليوم إلا على عدوها المشترك، إسرائيل. إن أي محاولة لتوحيد الأمة ضد عدو سني أو شيعي لن يكون توحيدا، بل امتدادا للحرب الأهلية. 

عاشرا: وبناء على ما سبق، فإن كل فعل مقاوم هو أيضا فعل توحيد لهذه الأمة، والعكس بالعكس، كل فعل تفريق لهذه الأمة هو هدية لعدوها وتخاذل أمامه. وعليه، فالواجب علينا دعم كل فعل يقاوم إسرائيل  وإدانة كل فعل يفرق بين طوائف الأمة. كل رصاصة تطلق في العراق والشام على غير إسرائيل هي رصاصة تفيد إسرائيل، ولا يُستثنى من هذا رصاص يطلقه سنة أو شيعة. 

حادي عشر: إن الأنظمة التي نصبها الاحتلال الأجنبي، والأنظمة المستبدة التي أمعنت في قتل شعوبها دافعة بهم دفعا للحرب الأهلية ظانة ظنا باطلا أن ذلك ينجيها، والأنظمة التي تورط حركات المقاومة في حروب خاطئة فتريح الاحتلال منها، والأنظمة التي تتحالف مع الاحتلال خوفا من نفوذ منافسيها الإقليميين، والأنظمة التي تتحالف مع الاحتلال خوفا من نفوذ معارضتها المحلية، كلها تفيد الاحتلال وتضر الأمة وعت ذلك أم لم تعه. لذلك، لا يجب أن تفهم الدعوة للوحدة على أنها دعوة للرضا بهؤلاء، فمتى كان حكام الأمة سامعين لدعوات الوحدة، وهم ما أصبحوا حكاما إلا حين تقسمت فتسلطوا على أقسامها. إنما الدعوة لعامة الناس.

ثاني عشر: الدعوة لعامة الناس؛ لأن العامة هم من يتقاتلون اليوم لا الحكام، هذه الحرب الأهلية حرب متطوعين، أضعف ما فيها الجيوش النظامية، وكل جيش نظامي في بلادنا إما هزمته جماعة فدائية أو اضطر أن يستنجد بجماعة فدائية، والجماعات الفدائية تجمعها عقائدها وقناعات متطوعيها، وإلى هؤلاء المتطوعين يتوجه الكلام: عدوكم إسرائيل، والقدس قبلتكم الأولى، والصراع مع الاحتلال هو الصراع الوحيد الذي يكون النصر فيه ممكنا، وصراع أحدكم مع أخيه صراع باطل، النصرُ فيه هزيمة.

أدري أن هذا المقال محشو بالبديهيات، ولكن من حين لآخر، لا بد من التذكير بها، فقد كان الحكام يتناسونها، أما الآن بات الناس ينسون!