كتاب عربي 21

أسامة الغزالي.. لا تُصالح

1300x600
1- يهددون بتسويد الشاشات، الاعتصام في أقسام الشرطة، عقد مؤتمرات عاجلة، ينسون حديثهم عن استقلال القضاء وضرورة احترام أحكامه، كانوا يرفضون مجرد التعليق على أحكامه ومنطقها، والآن يرفعون راية العصيان في وجهه، ويهددونه بما يملكونه من ساعات هواء.

يطالبون أسامة الغزالي حرب بالتنازل، فلا يجب أن يُحبس شخص بسبب رأيه، يعتبرون اتهام الناس بالباطل رأيا، والطعن في شرفهم وذممهم ووطنيتهم وجهة نظر، في المقابل يرفضون العفو عن متهمي الرأي الحقيقيين، من يقضون رمضان خلف القضبان بسبب المشاركة في مظاهرة أو رفع لافتة أو حيازة "بالونة"، يخشون ضياع هيبة الدولة إن نحن عفونا عنهم، دولة القانون يجب أن تسود.

يستنكرون حبس صحفي، وكأن كونك صحفيا يعفيك من العقوبة إن قتلت أو سرقت، ينسون أن عشرات الصحفيين محبوسون لاتهامهم بالانتماء للإخوان أو الاقتراب منهم، يتجاهلون ما قالوه حينما طالبنا بالدفاع عنهم كزملاء: هم محبوسون في قضايا جنائية لا قضايا نشر، ويجب أن يخضعوا للمحاكمة وهي تثبت إن كان بريئا أم مدانا.

يتعاملون بمنطق القبيلة والأهل والعشيرة الذي سبق وسلقوا الإخوان بألسنة حداد لأتباعه، هذا الإعلامي يخصنا، محسوب على فريقنا، يتكلم بلغتنا نفسها، وهذا الإعلامي خصمنا، يتبنى أفكارا لا نتبناها، يعارض من نحمل له المباخر، فواجب علينا الدفاع عن الأول وليذهب الثاني إلى الجحيم.
من أجل هذا كله لا تتنازل يا أسامة.

2- أمن إعلام 3 يوليو العقوبة فأساء الأدب.

عندما كان الإسلاميون في السلطة فتحوا قنواتهم للطاعنين في دين خصومهم ووطنيتهم، خرجت البذاءات من أفواههم واتهموا مخالفيهم بلا دليل وروجوا الشائعات دون حساب.

وقتها طالب من يطلبون لزميلهم العفو الآن بمعاقبة هؤلاء على أقوالهم وأفعالهم، استنكروا كيف تُلقى الاتهامات هكذا دون دليل، وطورد بعض الإعلاميين المحسوبين على الإسلاميين بالدعاوى القضائية التي تتهمهم بالسب والقذف والتشهير.

صدرت أحكام بالسجن ضد بعضهم وقتها وحاول أنصارهم الضغط على القضاء وتنظيم المسيرات لدعمهم، وراقبنا هذه التحركات عن كثب لضمان عدم تأثيرها على الأحكام دون أن نعتبر ذلك قمعا للإعلام أو ملاحقة لأصحاب الرأي؛ إدراكا منا للفارق بين البذاءة والرأي، بين السب والقذف والتشهير وتشويه السمعة، وبين اجتهاد صحفي يحتمل الصواب والخطأ.

الآن أصبح إعلاميو الإخوان بين مسجون بتهم تكدير السلم العام وترويج الشائعات، أو مطارد وغير قادر على العودة لمصر، فماذا فعل هؤلاء؟ فعلوا كالذي فعله هذا "الإعلامي" تماما، بل ويتفوق عليهم الأخير بعدائه وسبه لثورة يناير والطعن في ذمم ووطنية شهدائها.

لا فارق بين إعلام 3 يوليو وإعلام الإخوان، كلاهما راع للبذاءات مروج للشائعات مضلل للأنصار، فلماذا نسجن أحدهما ونترك الشاشات للآخر؟ 

3- "نعم من المطروح المصالحة بلا شك، أنا أريد أن أغلق هذا الملف لأنه لا أريد أن ينسب إليّ أنني أديت إلى الحجر على حرية أحد الصحفيين أو الحبس في قضية نشر"..

هذا ما قاله الدكتور أسامة الغزالي حرب عندما سُئل في مقابلة مع قناة الحرة مؤخرا عن إمكانية التصالح، مستندا إلى أنها قضية نشر، رغم أنه قال قبلها بعدة أيام في تصريحات لـ"اليوم السابع": "هذه القضية ليست قضية رأى فالكلام الذى قاله أحمد موسى في حقي يدخل في إطار السب والقذف والإهانة، بالإضافة إلى أنه قال معلومات غير صحيحة عبر شاشات التليفزيون في حقي". 

وفي التصريحات نفسها استبعد الغزالي فكرة التنازل قائلا: "لو كانت القضية شخصية كان من الممكن أن أفكر في التنازل، لكن المشكلة بدأت عندما اتهمني بأنني ألتقي بالسفير الأمريكى، وأنقل له ما يحدث في مصر، وهو اتهام يصل إلى درجة الخيانة وبالتالي كان لابد أن أتخذ الإجراءات اللازمة".

لا أعرف الضغوط التي تعرض لها الغزالي حرب في الفترة بين التصريحين، لكنني أعرف أنها كثيرة، ولا أعرف مدى الارتباط بين فكرة التنازل وبين القضية التي بدأ التحقيق فيها مع زوجته، لكن الأكيد أن من خرج من لجنة السياسات في أوج قوتها ومن انضم للمعارضة وهو كان يملك الاستمرار في السلطة، قادر على مواجهة كل الضغوط من أجل قضية اعترف بنفسه أنه لا تخصه وحده، ومن ثم فقرار التنازل عنها لا يخصه وحده، ويجب أن يشترك فيه كل من طالتهم بذاءات المتهم أحياء أو شهداء، أحرارا أو في السجون في قضايا رأي حقيقية.

لا تصالح يا أسامة.. لا تصالح.