كتاب عربي 21

جدل القاعدة الدستورية في ليبيا إلى أين؟

1300x600
يجتمع أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي يوم الاثنين في جنيف للفصل في ملف القاعدة الدستورية التي على أساسها ستجرى الانتخابات العامة في كانون الأول/ ديسمبر القادم، وذلك بعد أن انتهت بالأمس اللجنة الاستشارية أو لجنة الـ"18" عضوا من ضمن أعضاء الملتقى، من مداولاتها بالخصوص.

ويختلف الفرقاء السياسيون حول القاعدة الدستورية: فمن داع إلى طرح مسودة هيئة الدستور إلى الاستفتاء وهم عدد لا بأس به من أعضاء مجلس النواب، إلى اعتمادها كقاعدة دستورية لدورة واحدة وهو آخر مقترحات المجلس الأعلى للدولة، إلى الداعين إلى الأخذ بقاعدة دستورية استثنائية، وهو توجه ملتقى الحوار السياسي واتجاه البعثة.

اللجنة الاستشارية قدمت قاعدة دستورية من 36 مادة، لم تكن محل اتفاق، ذلك أن الفشل كان حليف ملتقى الحوار السياسي عند اجتماعه لاعتمادها في نيسان/ أبريل الماضي، وتكرر الأمر بعد أن أحالت البعثة القاعدة المقترحة إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، فكان الخيار العودة للبحث في نقاط الخلاف في تونس ثم السعي لإقرار القاعدة من قبل الملتقى غدا في جنيف.
الاعتراضات على القاعدة الدستورية المقترحة عديدة، ومن أبرز نقاط الخلاف مسألة المزاوجة بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وجعل الأخيرة مباشرة أو عن طريق البرلمان المنتخب، وازدواج الجنسية بالنسبة للمترشحين للبرلمان ولمنصب رئيس الدولة، وترشح العسكريين لمنصب الرئيس


الاعتراضات على القاعدة الدستورية المقترحة عديدة، ومن أبرز نقاط الخلاف مسألة المزاوجة بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وجعل الأخيرة مباشرة أو عن طريق البرلمان المنتخب، وازدواج الجنسية بالنسبة للمترشحين للبرلمان ولمنصب رئيس الدولة، وترشح العسكريين لمنصب الرئيس، والفترة الزمنية التي مرت على الاستقالة من القوات المسلحة قبل الترشح للمنصب.

وتغص دوائر النقاش بالمقترحات المتعلقة بتخطي الخلافات، إلا أن روح النزاع والتفكير في طريقة لانتزاع بديل يغلب طرفا على آخر، حاضرة، مع التأكيد على أن كثيرين دوافعهم نبيلة يقترحون حلولا لتجنيب البلاد حربا جديدة في حال الفشل في التوافق. وخيارات البعثة أقرب إلى ترضية جبهة الشرق، خاصة النقاط الخلافية التي تتعلق بالفصل في مشاركة حفتر في الانتخابات الرئاسية.

عليه، فإنه من غير المتوقع التوافق على المسائل التي تنتهي بحفتر، أو أحد أبنائه أو حوارييه، خارج حلبة التنافس على منصب الرئيس، فهذه مسألة يتوافق عليها فاعلون مؤثرون في مجلس النواب وفي ملتقى الحوار السياسي وفي المنتظم الدولي المشرف على العلمية السياسية برمتها.


ولهذا فإنه ليس قريبا للاحتمال اعتماد مقترح المجلس الأعلى للدولة والنواب الواحد والخمسين الذين يدعمون الأخذ بمسودة الدستور التي أعدتها هيئة وضع الدستور، ذلك أنها تقضي على آمال حفتر في الترشح، وأن الاتجاه سيكون بلا شك داعما للقاعدة الاستثنائية المقترحة مع التعديل عليها.

من ناحية أخرى، فإن مجرد التوافق على ما سبقت الإشارة إليه من مسائل خلافية لا يمهد الطريق للانتخابات، فالتوافق حول نقطة المزاوجة بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهي من المسائل الخلافية الكبيرة، لن يتوقف عند الأخذ برأي جبهة الشرق، أو أنصار حفتر، المصرين على الفصل بينهما، ذلك أن الجميع يدركون بأن معسكر حفتر ليس على ما يرام بعد عدوانه على العاصمة، ولأن الكتلة السكانية، أي الخزان الانتخابي، في الغرب الليبي كبيرة، سيكون من المتعذر حسم الانتخابات لصالح حفتر أو أي مرشح من جبهة الشرق مثل عقيلة صالح، بالتالي فإن خلافا كبيرا سيكون لاحقا للخلافات الراهنة حول القاعدة الدستورية حتى في حال حسم الأخيرة.

بالنظر إلى احتمال تأزم الخلاف أكثر، فإن الصوت الخافت الذي لا يرى للانتخابات جدوى يمكن أن يرتفع، وفي حال أصبح صداه مسموعا، سنتجه إلى مستوى أكثر تأزيما، والتوقعات بعد ذلك لا تخفى على أحد

وللتوضيح أقول بأن جبهة حفتر وعقيلة صالح لن تقبل بليبيا كدائرة انتخابية واحدة لانتخاب الرئيس، وأن الأغلبية البسيطة لن تكون مرضية لهم لحسم النتائج، وسيتجهون إلى مقاربة تحييد أثر الخزان الانتخابي الكبير في الغرب قياسا بنظيريه في الشرق والجنوب، وهو ما سيطيل أمد الأزمة السياسية وينذر بتفجر الوضع.

وعلى هامش هذا الجدل، وبالنظر إلى احتمال تأزم الخلاف أكثر، فإن الصوت الخافت الذي لا يرى للانتخابات جدوى يمكن أن يرتفع، وفي حال أصبح صداه مسموعا، فسنتجه إلى مستوى أكثر تأزيما، والتوقعات بعد ذلك لا تخفى على أحد.