سياسة عربية

إساءات السيسي المتكررة للمسلمين.. تعمّد أم زلات لسان؟

عبد الفتاح السيسي- أرشيفية
خلال الاحتفالية التي أقامتها وزارة الأوقاف المصرية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الأسبوع الماضي، كرر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي هجومه على المسلمين واتهمهم بتصدير الخوف والفزع لباقي سكان العالم بسبب أفكارهم و"ممارساتهم الإرهابية".
 
ومنذ ظهوره على الساحة السياسية في مصر قبل أربع سنوات، اعتاد السيسي خلال أكثر من مناسبة دينية على الإدلاء بتصريحات اعتبرها الكثيرون إساءة لجموع المسلمين في العالم واتهامهم بأنهم "إرهابيون ورجعيون".
 
فهل يتعمد السيسي إهانة المسلمين في خطاباته وتحويلهم من ضحايا إلى مجرمين، أم أن تصريحاته المسيئة المتكررة سببها زلات اللسان التي يقع فيها السيسي عند ارتجاله في خطاباته، حتى أصبحت هذه الزلات من أبرز سماته الشخصية، بحسب مراقبين.
 
العالم خائف من المسلمين
 
وفي احتفالية المولد النبوي، قال السيسي متحدثا عن الإرهاب الإسلامي إن "صورة المسلمين في العالم كله لم تعد جيدة بسبب الأفكار الشيطانية والدخيلة على الإسلام"، مؤكدا أن "العالم كله أصبح خائفا ومفزوعا من المسلمين"، على حد قوله.
 
وتابع: "أنا لا أتحدث هكذا حتى أشوه أو أهاجم الدين ولا أريد أن أسيء للإسلام، لكن ألا ترون أن التشويه الحقيقي حدث بالفعل؟"، مضيفا أنه "بغض النظر عمن يقف وراء هذا الإرهاب أو يدعمه إن المسلمين في العالم يتم استخدامهم كأدوات لتشويه الدين وهدم الدول".
 
سوابق عديدة
 
وليست هذه المرة الأولى التي يتهم فيها السيسي المسلمين والدين الإسلامي بأنه وراء انتشار الإرهاب والدمار والمشكلات التي يعاني منها العالم، حيث سبق خلال السنوات الأربع الماضية أن أدلى بالعديد من التصريحات السابقة التي تحدث فيها عن الإرهاب الإسلامي في إطار دعوته لتطوير الخطاب الديني.
 
ففي كلمته خلال احتفالية الحكومة بالمولد النبوي العام الماضي قال السيسي إنه "ليس معقولا أن يكون الفكر الذي نقدسه على مئات السنين يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها"، مضيفا أنه "لا يمكن أن يَقتل 1.6 مليار إنسان، في إشارة إلى المسلمين، الدنيا كلَّها التي يعيش فيها سبعة مليارات حتى يتمكنوا هم من العيش".
 
وفي خطاب آخر بمناسبة الاحتفال بليلة القدر، طالب المصريين بإعادة التفكير في اعتناقهم الإسلام، قائلا: "لقد مكثت 5 سنوات أقرأ وأبحث للتأكد من حسن اختياري لديني وأجدد اختياري للإسلام"!، مشيرا إلى أن هذا التردد كان سببه الخلاف الذي وقع في القرون الأولى للإسلام بين السنة والشيعة وتحولهما إلى مذهبين بينهما نزاع شديد.
 
وفي عام 2015 قال إن الملحدين اتجهوا إلى هذا الطريق لأنهم لم يتحملوا الإساءة والظلم الذي  تعرضوا له في الإسلام، مؤكدا أنهم ما زالوا مسلمين وأنه ليس قلقا من تزايد ظاهرة الإلحاد بين الشباب المصري.
 
الارتجال هو السبب
 
الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع قال إن ما يقوله السيسي عادة عن المسلمين يحتاج إلى إعادة صياغة لأن الفريق الذي يكتب له خطاباته يعاني من ضعف شديد.
 
وأضاف ربيع، في تصريحات لـ "عربي21"،  أن السيسي يقع في كثير من الأخطاء وزلات اللسان أثناء خطاباته، كان آخرها عندما تحدث بعد حادث مسجد الروضة وذكر مصطلح "القوة الغاشمة" وهو ما كان له صدى واسع وانتقادات بين المعارضين لأنه من المستغرب أن يستخدم رئيس دولة هذا المصطلح الغريب، أو عندما يقول للمصريين لا تسمعوا كلام أحد غيري.
 
وأكد أن مشكلة السيسي الأبرز في خطاباته أنه يعتمد دائما على الارتجال وهو ما يورطه في مشكلات كثيرة، ومن الممكن أن تكون نيته سليمة في جزء من خطاباته لكن تؤخذ عليه أشياء نتيجة عدم تحضيره الجيد للموضوع الذي يتناوله قبل خطاباته.
 
يفتقد إلى الحكمة
 
أستاذ العلوم السياسية أحمد رشدي قال: أنا لا أعتقد أن السيسي يتعمد إهانة المسلمين، مشيرا إلى أن السيسي يقصد "الإسلاميين" بكلامه عندما يتحدث عن الإرهاب، وهناك فرق بين الاثنين.
 
وأضاف رشدي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن السيسي بطبيعة الحال يعارض أفكار تيارات الإسلام السياسي بسبب جماعة عدائه الشديد مع جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية المنتشرة في سيناء والتي تعتنق أفكارا تكفيرية وتقتل الناس هناك.
 
وتابع: "من الممكن أن يكون هناك تحامل من السيسي على المسلمين بعد حادث الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة، لكن أبرز ما يؤخذ عليه دائما أنه يرتجل في الخطابات السياسية، مشيرا إلى أن الارتجال سلاح ذو حدين، من الممكن أن يحقق له شعبية جارفة مثلما فعل في بدايات حكمه، ومن الممكن أن يحدث العكس تماما وهذا ما يحدث الآن لأن هناك أمور وقرارات سياسية تحتاج من رأس الدولة أن يتمتع بحكمة أكثر عندما يتحدث أمام الناس".