مقالات مختارة

عن الانتخابات المحلية وأسئلة الائتلاف و«فتح» و«حماس»

صادق الشافعي
1300x600
1300x600
 لا يزال يتأكد في كل يوم أن السياسة وفي خلفيتها الانقسام البغيض هي الجوهر والأساس في الانتخابات المحلية القادمة في 8 من تشرين الأول القادم، وان الأمور الخدمية والحياتية تأتي في مرتبة ثانية وبعيدة نسبيا.

ولا يزال يتأكد أن هذه الانتخابات ونتائجها سيكون لها ما بعدها الكثير في مجال السياسة وهيئاتها والعلاقات بين القوى، وفي مجال الانقسام وبلاويه بالدرجة الأولى والأهم.

 وللأسف فان المؤشرات والمقدمات المتوفرة حتى الآن تدفع باتجاه مزيد من تكريس الانقسام وتعمقه. اللهم إلا اذا حصلت متغيرات إيجابية من النوع الذي يحدث تغييرا بدرجة ما في هذا الاتجاه يوقف تكريس الانقسام ويبقيه في حالته الراهنة، أو من النوع الذي يعكس الاتجاه تماما ( ياريت).

المتغيرات القادرة على تحقيق الأولى ( تغيير بدرجة ما يوقف تكريس الانقسام) تتمثل في انتهاج المنحى الوطني الديمقراطي الإيجابي المسؤول والابتعاد عن المهاترات والإساءات والاتهامات في الحملات الانتخابية والدعائية لكل الأطراف المشاركة.

أما المتغيرات القادرة على فرض الثانية (عكس الاتجاه تماما) فتتمثل أولا في خروج الانتخابات بنتائج متوازنة لا تغير كثيرا في الواقع السياسي التنظيمي الانقسامي القائم، بما يؤكد ضرورة الحوار والاتفاق، وتتمثل ثانيا، وهو الأهم وربما التحدي، في نجاح تجربة ائتلاف قوى اليسار( ائتلاف الخمسة) وحصوله على نتائج وازنة مناسبة تفتح الطريق لاستمراره، ثم لفرض وجود ركيزة ثالثة يقوم عليها " قِدر" النظام الفلسطيني العام. هذا إذا استمرت الأمور على حالها القائم حتى الآن.

ولا يزال يتأكد، وبشكل اكثر ضرورة وملموسية صحة المناداة بأفضلية وأهمية أن تخوض فصائل منظمة التحرير الانتخابات بقوائم موحدة باسم المنظمة، حتى مع الاعتراف بواقع المنظمة المتردي فان خيار القوائم الموحدة يبقى الأفضل بما لا يقاس.

السؤال، هل ما زال هذا الأمر ممكنا، وهل يسمح النظام الانتخابي بتحقيقه بعد أن تم فتح باب الترشيح، وذلك عن طريق الانسحاب والإضافة أو التبادل، قبل أن تستقر القوائم على تشكيلها النهائي الموحد في الوقت المناسب الذي يسمح به النظام الانتخابي.

إذا كان جواب السؤال هو بالإيجاب، فإن المسؤولية الوطنية والنظرة بعيدة المدى تقتضي من كل تنظيمات منظمة التحرير، وبالدرجة الأولى حركة فتح، المسارعة إلى تشكيل هذه القوائم الموحدة، بكل إيجابية، وتقديم ما يتطلبه ذلك من تنازلات متبادلة.

إذا استمرت الأمور على حالها القائم، فإن سؤالين يفرضان نفسيهما على بساط الجدل : 

السؤال الأول حول حركة فتح، ويدور حول درجة استعدادها للانتخابات وقدرتها على تحقيق نتائج تتناسب مع تاريخها النضالي ومع وضعها القيادي في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير، ومع حقيقة كونها القطب الأساس المواجه لحركة حماس والمتصدي لها في الأوضاع السياسية القائمة وفي الانقسام.

ويمتد السؤال ليصل إلى أوضاعها الداخلية ودرجة تماسكها واستعدادها وقدرتها على خوض الانتخابات بشكل متّحد، بحيث ترمي بكل ثقلها خلف قوائم مركزية موحدة دونما ظواهر التجنحات أو الخروقات أو حتى الاستنكافات.

في خلفية هذا السؤال، تجارب انتخابية سابقة شهدت مثل هذه الظواهر. وفي خلفية السؤال أيضا، تقييم مواقف الحركة وسياساتها وممارساتها في السلطة بوصفها التنظيم القائد لها والمقرر فيها، ودرجة الرضا والقبول أو النقد الذي تناله تلك السياسات والممارسات. وهو ما يمكن تسميته ضريبة ( أو امتياز) الحكم.

الفرق الجوهري في التعاطي مع هذا السؤال أن "فتح" خاضت الانتخابات المحلية الأخيرة، من واقع مقاطعة "حماس" لها، وبدون وجود ائتلاف يجمع قوى اليسار( ائتلاف الخمسة) في قوائم موحدة، أي بدون منافسة يحسب لها حساب تقريبا. وهذا ما جعل وضعها يتحمل وجود بعض الظواهر المذكورة ودون أن يكون لها تأثير يغير من الصورة العامة لنتائجها الانتخابية وفوزها فيها بنسبة عالية.

في هذه الانتخابات، إذا استمرت الأمور على حالها القائم، فان "فتح" لا تملك رفاهية وجود مثل هذه الظواهر. ولا بد أنها تدرك بكل مراتبها وهيئاتها وكادراتها وعضويتها ومناصريها أنها لا تملك سوى خيار واحد: خيار وحدة صفوفها وقوائمها ووحدة جهودها وتماسكها، ثم التعاون مع تنظيمات منظمة التحرير حيث كان ذلك متاحا.

إدراك حركة فتح هذه الحقيقة لا بد أن يعكس نفسه إيجابا في النتائج التي ستحققها.

السؤال الثاني حول حركة حماس ويدور حول سبب أو دوافع مشاركتها بالانتخابات بعد أن قاطعتها في المرة السابقة سنة 2012، ومع العلم أيضا، أن الانتخابات تقوم في إطار مخرجات اتفاقات أوسلو.

"حماس" تضمن إلى حد شبه تام نتائج انتخابات محليات قطاع غزة لصالحها وصالح مرشحيها، ويصعب التصور أنها ستسمح بأي شكل خروج نتائج مغايرة. أي شيء غير ذلك سيكون مفاجأة من العيار الثقيل.

هي اذا سيكون تركيز حملتها الانتخابية، على الضفة الغربية، وسوف تسعى للفوز وتحقيق افضل النتائج هناك. فذلك، اذا حصل، يؤكد قوة حضورها وتأثيرها في الضفة، مضافا إلى حضورها المهيمن في قطاع غزة، ما يمكّنها من البناء على ذلك مواقف ومطالبات وسياسات مختلفة، ومن التعاطي مع موضوع الانقسام بمحتوى وأُفق جديدين.

يبقى موقف دولة الاحتلال، التي تقوم رؤيتها للانتخابات الفلسطينية على أساس أنها ليست اكثر من مناسبة لتعميق الخلافات الفلسطينية الداخلية بالذات بين فتح وحماس. وهي لذلك، وحتى الآن، لا تمنع أو تعيق إجراء الانتخابات ولا تبدي اعتراضا على مشاركة "حماس" فيها رغم أن نصوصا في اتفاقات أوسلو يمكن أن تنتقى وأن تطوّع لتستخدمها ذريعة لذلك لو أرادت.

وهي تكرر بذلك موقفها ذاته، وعلى أساس الرؤية ذاتها منذ انتخابات 2006.

الأيام الفلسطينية
0
التعليقات (0)