مقالات مختارة

مبروك... عرس الاتفاق الفلسطيني

صادق الشافعي
1300x600
1300x600

والاتفاق هو اتفاق الجزائر الذي تم إقراره بإجماع كل القوى والفصائل الفلسطينية. وتم إعلان الاتفاق في حفل بهيج كما حفل العرس. كما تم إعلانه بالإجماع أيضاً لأهل الوطن ولكل من يهتم بالوطن ونضال أهل الوطن وحقوق أهل الوطن.


الحفل جاء كما العرس الوطني حضره وشرفه رئيس دولة الجزائر وعدد من وزرائه ومساعديه وحضره ممثلو كل الفصائل الفلسطينية التي شاركت في الاجتماع وحواراته ونتائجه. وزاد من القيمة المعنوية للعرس أنه حصل في نفس القاعة التي شهدت مناسبات وطنية فلسطينية لا تقل فرحاً وإسعاداً: منها عقد أكثر من دورة للمجلس الوطني الفلسطيني فيها، ومنها اعلان الرئيس الشهيد ياسر عرفات قيام دولة فلسطين.


اعلان الاتفاق بإجماع كل القوى والتنظيمات التي شاركت في الحوار جاء ثمرة للمبادرة الجزائرية التي دعت لها وحضرت لها ورعتها ووفرت لها كل امكانات النجاح والنصيحة الخالية تماما من الذاتية او المصلحة، والقادمة من تجربة ولا أغنى في النضال الوطني الجامع لكل الاطياف الوطنية.


وعلى هذا وجب للجزائر الشكر العميم والتقدير، ليس من المشاركين فقط ولا من القوى والتنظيمات الفلسطينية عموماً، بل الشكر العميم من فلسطين وأهل فلسطين وناسها وفي المقدمة منهم الشباب الذين يقاومون ويتحدون قمع الاحتلال بصدورهم العارية وما تيسر لهم من وسائل وامكانيات متواضعة، ويزفون الشهيد تلو الشهيد ويقدمون الاسير والجريح تلو الأسير والجريح يومياً.


ولا بد من الاعتراف بأن هؤلاء المقاومين والحالة النضالية المتميزة والموحدة التي فرضوها في ارض الواقع الوطني كانوا أحد العاملين الرئيسيين (الى جانب الجهود الجزائرية) في انعقاد اللقاء، وفي نجاحه ايضا.


وقد جاءت معبرة وجميلة لفتة اشراك أحد الرموز الوطنية الفلسطينية المستقلة، لكن النشطة والفاعلة، (منيب المصري) ممثلا رمزيا لجموع اهل الوطن غير المنتمين للتنظيمات والقوى السياسية في اعمال وحوارات اللقاء.


على قاعدة الترحيب بالاتفاق وفكرته الاساسية، فإنه يمكن التركيز على عدد من النقاط او الملاحظات التي تلفت النظر في الاتفاق او حوله، وهناك من النصوص في الاتفاق ما يُبقي الباب مفتوحاً أمامها.


-  لم يسبق ولم يرافق اللقاءات التي نتج عنها الاتفاق ولا بعد إعلانه، ان صدر عن التنظيمات بيانات او ملاحظات او توضيحات تبدي ولو بشكل لبق او موارَب تمنياتها لو ان البيان تضمن بالإضافة الى ما ورد فيه كذا وكذا، او لو ان البيان عالج الموضوع او العنوان الفلاني بشكل وصياغة مختلفين، او لو ان البيان تناول الموضوع او الامر الفلاني، او تجاوز كذا وكذا....الخ،  وهذا ما يؤكد التعامل مع الإعلان ومحتواه بدرجة عالية من الجدية ومن المسؤولية.


-   الاتفاق المعلن يحوي نصوصاً صريحة عن خطوات عملية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وإذا كان الاتفاق لا يسمح بالدخول في التفاصيل والإجراءات، فإنه يلقي بالمسؤولية على اكتاف التنظيمات صاحبة الإعلان لفعل ذلك.


- ان هناك الكثير من المسؤوليات التفصيلية والتنفيذية للقيام بها في مسار تنفيذ الاتفاق/ الإعلان وهذا ما يتطلب نقاشات لتفاصيل التطبيق وآلياته. وهو ما يفرض أيضا بقاء تنظيمات الإعلان على أهبة الاستعداد والجاهزية الدائمين، وهو ما يفرض استعدادها الدائم أيضا لطلب الخبرة والمعونة من اهل الخبرة والمعرفة والتجربة من اهل الوطن.


- ان الاتفاق/الإعلان الذي تم التوصل اليه بكل تفاصيله وبكل ما فيه من إيجابيات لا يجب ان يبقى محصوراً في دوائر الهيئات القيادية للتنظيمات وأدراجها، بل يجب ان يتحول الى توجيهات ومؤشرات وخطط عمل تفصيلية يشارك فيها أعضاء كل تنظيم وأنصاره.


المهم ان يتحول الى برامج عمل تفصيلية وتنفيذية تستوعب جمهرة عضوية التنظيم وانصاره.
والاهم، ان يصل هذا الإعلان وتفاصيله ومطالبه واجراءات تنفيذه الى جمهرة اهل الوطن ومؤسساتهم المجتمعية لترمي بثقلها لإنجاحه وتحويله الى حقائق ملموسة تنقل الواقع السياسي المجتمعي الوطني من موقع المراقب المتفرج الى موقع المشارك المعني المسؤول والفاعل المؤثر.


وتفصيلا لهذه النقطة فإنه من الطبيعي والمطلوب ان يستفيد أي تحرك او جهد لتنفيذ الإعلان الذي تم التوصل اليه من كل الخبرات المستقلة، وغير المنضوية في أي من التنظيمات، للوصول الى أفضل وأنجح تنفيذ لهذه النقطة او تلك من الإعلان في المسار العام لتطبيق الإعلان بأعلى كفاءة واقتدار.


- النقطة التاسعة والأخيرة من الإعلان في منتهى الأهمية، فأن يتحقق النجاح في تشكيل فريق عربي تديره الجزائر مهمته الإشراف والمتابعة لتنفيذ الاتفاق، يدخل العالم العربي بقوة ليرمي بثقله وليلعب دوره الطبيعي المطلوب والمؤثر في تطبيق الاتفاق بنقاطه المحددة.


وأخيراً هل يصح لنا التفاؤل بأن هذا الاتفاق لن يلحق بالاتفاقات التي سبقته ويضيف واحداً لعدد الاتفاقات التي لم تنفَّذ، وتعود حليمة لعادتها القديمة؟.

 

(الأيام الفلسطينية)

0
التعليقات (0)