مقالات مختارة

مـا بـيـن الأمـل والـواقـع

صادق الشافعي
1300x600
1300x600

لم يشكل الحدث المؤسف في نابلس أكثر من جملة معترضة وصلت إلى نهايتها في مسار النضال الوطني الفلسطيني، وفي مسار العلاقة الوطنية الكفاحية المتلاحمة والعميقة بين مكونات وقوى هذا النضال الوطني ومع وبين أهله وجمهوره وناسه.

هذا ما أكده البيان الذي صدر عن لجنة التنسيق الفصائلي فجر الأربعاء يعلن انتهاء الأشكال بعد أقل من يوم واحد فقط من حصول الحدث المذكور.

وهذا ما يعيدنا إلى أجواء الترقب المتفائل التي تستدعيها دعوة الشقيقة الجزائر لقوى الثورة الفلسطينية للقاء مصالحة ووحدة موقف ونضال بإشرافها ورعايتها.
الأمل والتفاؤل يأتيان أولاً وقبل كل شيء من الثقة بالنضالية وصدق الوطنية التي تتحلى بها قوى الثورة والنضال الوطني.

ويأتي من الرؤية الواقعية لضرورة وحدة النضال الوطني الفلسطيني ووحدة أهدافه ووحدة أدواته ومؤسساته النضالية والسياسية والنظامية.

ويأتيان أيضاً، من ضرورة استفادتها (قوى الثورة) من مرارة الدروس الصعبة التي أفرزتها تجربة الفرقة والتباعد وما ألحقته من أذى على الكل الوطني وقبلها على القضية الوطنية والنضال الوطني.

صحيح تماماً أن مسؤولية إنجاح الحوار والوصول إلى النتائج المرجوّة هي مسؤولية الكل الوطني، لكن درجة خاصة من المسؤولية تقع على حركتي فتح وحماس. وهما مدعوتان بالدرجة الأولى إلى المبادرة بمغادرة موقع الانشداد إلى المصالح والقضايا الفئوية حتى يصل الحوار إلى نهاياته بنجاح مفرح.

والتفاؤل يأتي أيضاً، من الثقة العالية بالجهة الداعية (الجزائر) وبدرجة إخلاصها وجديتها وغنى تجربتها، والثقة بقدرتها أيضاً.

وهي ثقة تأتي من تاريخ طويل للجزائر يتوازى فيه نضالها الوطني ويتحد إلى درجة تقرب من الاندماج مع دعمها وإسنادها القائمين على الجدية والإخلاص والتفاني، والخاليين من أي هدف ذاتي أو عام سوى هدف دعم النضال الوطني الفلسطيني وإسناده بكل الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة لتحقيق أهدافه، وفي أولها تحرير الوطن كاملاً من أي اغتصاب ومغتصب.

هذا التفاؤل المبني على الضرورة، يفرض على كل القوى الفلسطينية، والمتحاورة منها بالذات، الدرجة الأعلى من الجدية والموضوعية والصراحة في حواراتها مقترنة مع الجاهزية شديدة الحضور للتوصل إلى الاتفاق.

وقد يكون مفيداً لو تناول الحوار بشكل عام الاتفاقات السابقة وسبب أو أسباب عدم نجاحها وتحققها مع أنها كانت لجهة المبادئ والنصوص العامة مقبولة ومتفقاً عليها. وقد يكون من المفيد أيضاً، الاستفادة من النقاش الصريح والموضوعي حول تلك الأسباب وعدم نجاحها بتجنب تكرارها والذهاب للاتفاق على نصوص أكثر واقعية وأكثر قابلية للتطبيق.

وانطلاقاً من فرضية جدية الأطراف الفلسطينية المتحاورة، وعلى قاعدة الثقة التامة بالجهة الداعية للحوار والمشرفة على التفاصيل المتعلقة به، فإنه يصبح المطلوب عدم القبول بأي نتيجة تخرج عن الاجتماع بأقل من الاتفاق والنجاح التامين.

ويصبح مطلوباً أن تبقى الجماهير -أهل الوطن- المرجعية الأخيرة والأهم للموافقة على أي اتفاق والقبول به وإقراره، وأن تمكَّن هذه الجماهير من القيام بدورها في المصادقة على أي اتفاق، وعلى متابعة تنفيذه أيضاً.

وما دمنا على موجة التفاؤل وعلى أرض الجزائر وبمناسبة انعقاد القمة العربية فانه يحق لنا الأمل أن تخرج عن هذه القمة قرارات ورؤى مقرونة بتصورات واقعية وتنفيذية تتعلق بمعالجة الوضع العربي الراهن.

ويا حبذا لو كان واقع وحال الوضع العربي ودوله المكونة بنداً أساسياً على جدول أعمال القمة المرتقبة، وأن يحظى بالدراسة المعمقة والتعاطي مع واقعه وقضاياه بالجدية والمسؤولية العالية والمطلوبة، وصولاً إلى إمكانية تدخل الجامعة المسؤول في حال الحاجة.

إن أي نظرة مهما كانت متسرعة لواقع الدول العربية تظهر بسهولة وجلاء أن العديد منها في حالة متردية في أوضاعها بغض النظر عن اختلاف العوامل والمسببات والتعبيرات وكونها داخلية أو خارجية.
هل يحق لنا الأمل بأن تقوم القمة بدراسة هذا الحال للاتفاق على سبل وآليات للمعالجة، وأن تنشئ من الهيئات ما تراه مناسباً للتعامل مع قضايانا العربية؟

أليس هذا بأفضل وأكرم من ترك الأمور تتفاقم أو يُترك التعامل معها ومحاولة حلها إلى دول وجهات غير عربية لها مفاهيمها ورؤاها ومصالحها المختلفة.

لماذا لا نأمل أن يكون مؤتمر القمة في الجزائر مؤتمراً نوعياً ومميزاً يفتح الطريق إلى حل مشاكل وتأمين احتياجات دول عربية على أيدٍ عربية؟

وأخيراً، هل الواقع القائم سيسمح بهذا القدر من التفاؤل والأمل؟

(الأيام الفلسطينية)

0
التعليقات (0)