كتاب عربي 21

هل وصل النظام في مصر إلى القاع أم ليس بعد؟

مصطفى محمود شاهين
1300x600
1300x600
لم يعد أحد قادرا على ستر أكاذيب حكومة السيسي التي صدعوا الناس بها ليل نهار، فلم تدخل مئات مليارات الدولارات من المؤتمر الاقتصادي، ولم تسرع الشركات الأجنبية بالدخول إلى السوق، بل أخذت شركات الطيران الأجنبية في الهروب من السوق المصرية، وسد النهضة أصبح أمرا واقعا لا مفر منه، وانهارت أسعار البترول فلم تعد الدول الخليجية قادرة على إقراض نظام السيسي، وانهارت السياحة، وانخفضت تدفقات قناة السويس هي الأخرى، وانهيار غير مسبوق في الجنيه المصري بحيث أنك لا تستطيع تحديد سعر الدولار فأصبح يختلف من يوم لآخر باتجاه الصعود المستمر، ولربما يحلق الدولار عاليا في سماء مصر بلا منافس، فلا أعلم وقت نشر هذا المقال كم سيبلغ سعر الدولار.

العجيب أن مريدي السيسي أنفسهم هم الذين يتحدثون عن فشله، فقد كتب رئيس الأهرام السابق مقالا يبين فيه فشل السيسي وهو من دعاة 30 حزيران/ يونيو التي جلبت الخراب على مصر. 

هنا تثور بعض الأسئلة الهامة التي تحتاج إلى أجوبة، هل الحكومة تدري بكل ما حل بالبلاد؟ فالإجابة حتما نعم، السؤال الأكثر إلحاحا، لماذا تتعمد الحكومة وضع المجتمع إلى حد الانفجار؟ هل حكومة الانقلاب تتعمد هذا الوضع؟ هل هم يؤججون لثورة مقبلة؟ أم إن المطلوب هو التخلص من السيسي نفسه؟ باختلاق الأزمات تلو الأزمات حتى ينفجر المجتمع، هل يعقل أن يترك الأمر مصادفة؟

قد يبدو السيناريو الأول هو تفخيخ المجتمع حتى يكون مستعدا للانفجار بكل طبقاته، وهذه المرة، وفق هذا السيناريو، فإن مصر ستكون على أعتاب حرب للطبقات الفقيرة، فما يتم في مصر ما هو إلا تغذية للأحقاد الطبقية، فلك أن تتخيل أنه يوجد في مصر 50 عميلا فقط تحصلوا على 250 مليار جنيه بما يمثل 30 من إجمالي القروض، هذا ما صرح به محافظ البنك المركزي مؤخرا، هل تتخيل أن الأموال التي حازوها أكبر من حجم مرتبات 6 ملايين مصري في عام كامل؟ فهذا بطبيعة الحال يعكس مدى تحيز البنوك للأغنياء وتقلص كل أسباب تغيير قواعد الصعود في السلم الاجتماعي في مصر، مما يفاقم ويراكم من التفاوت الطبقي في المجتمع.

أيا ما كان الأمر، فإن حدوث هذا الانفجار سيشعل حربا بين الفقراء والأغنياء، أو بين الشعب والجيش، وربما يدخل الأمر في صراع دموي مدمر، وقد يكون هذا هو الهدف في النهاية، خاصة مع تغييب الفصيل الذي كان يدعو إلى السلمية، ومع خروج فقراء المجتمع إلى حرب شوارع تأكل الأخضر واليابس فإنها ستغذي الصراع وتأججه في المجتمع، وتدفع الجميع إلى حرب مع الجميع، فقد كان مستبعدا في عقلية وأدبيات ثوار يناير أن الجيش يطلق النار، فأصبح من المتيقن أنه لا مانع من أن يقوم الجيش بهذا الدور مرة أخرى. 

ففي حدوث هذا السيناريو ستكون مصر مشغولة بشأنها الداخلي ولا يكون لها أي دور في ما يحدث في المنطقة الإقليمية، لكن هذا السيناريو سيكون له آثار عكسية على إسرائيل، فعدم وجود السيطرة الأمنية على الحدود سينعكس على تلاشي قدرة الجيش على حماية سيناء، مما يدفع إسرائيل إلى خيار وهو التدخل مع الجيش المصري في سيناء وهناك العديد من الشواهد التي تؤكد هذا التعاون.

أما السيناريو الآخر، فهو أن الهدف من هذا التدهور الاقتصادي هو تقليص شعبية السيسي للوصول إلى بديل آخر حتى يخفف من وطأة كارثة السيسي، ويبدو أن سيناريو انهيار السيسي أقرب مما نتوقع، فالأصوات التي تنادي بإسقاط السيسي من معسكره أصبحت تأخذ في التزايد.

أيا كان السيناريو، فمن الواضح أن الحكومة فقدت السيطرة على متغيرات اقتصادية هامة للغاية كالنقد الأجنبي، أو الاستثمار الأجنبي، أو أزمة المياه التي أصبحت واقعا لا فرار منه، مما يعكس أننا ربما لم نصل للقاع بعد أو لم يظهر الأسوأ بعد.
0
التعليقات (0)