قضايا وآراء

خيبة أداء الاقتصاد المصري أم خيبة أداء النظام

مصطفى محمود شاهين
1300x600
1300x600
قرأت باهتمام المقال الذي كتبته وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر في 23 من نوفمبر الجاري تحت عنوان Egypt Is Charting a New Economic Course الذي نشرته "Wall Street Journal" التي حاولت أن تلقي الضوء على برنامج الإصلاح الاقتصادي المزمع تطبيقه في مصر في خلال الفترة المقبلة حتى عام 2020.

وقالت الوزيرة في معرض حديثها عن الإصلاحات الاقتصادية أنها ستعمل على زيادة الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية وتقليص دعم الطاقة والتخلص من العديد من العاملين بالقطاع الحكومي وتهيئة مصر لانطلاقه جديدة، ولم يفت الوزيرة أن تشير إلى الإدارة الكارثية للشؤون الاقتصادية خلال عام حكم الإخوان المسلمين والتي أدت إلى معدل نمو يقارب فقط 2%.

ما أعلم أي كوارث اقتصادية سببتها إدارة الإخوان الاقتصادية، وإن كان لنا مآخذ اقتصادية على فترة العام الواحد، لكن خطايا حكم مرسي الاقتصادية لا تقارن بجرائم السيسي الاقتصادية بأي حال من الأحوال، فكيف كان حال الجنيه أيام مرسي وكيف أصبح الآن مع حكومة مصر التي تستيقظ؟ كم كانت الديون في عهد مرسي وكم هي الآن في عهد حكومة تحيا مصر؟ كم بلغت حجم المنح والهبات التي تنزلت على مرسي من أصدقائه وكم تحصلتم أنتم من قروض ومنح وهبات من الخليج؟ كيف أصبحت السياحة في عهد السيسي وكيف كانت في عهد مرسي؟ ألا تخجلون من الواقع المر للشعب الذي يعاني الأمرين من الفشل الاقتصادي، هل حرق الناس بنار الأسعار التي تضاعفت أضعاف أضعاف ما كانت عليه من قبل في حكومة شعب لم يجد من يحنو عليه.

كل المؤشرات الاقتصادية من معدل النمو إلى معدل التضخم إلى عجز الموازنة العامة للدولة كل المؤشرات الاقتصادية بلا استثناء تعكس تدهورا حادا في الأداء الاقتصادي لدرجة مخيفة حقا.

ثم تمخض الجبل فولد فأرا، فقد أفصحت الوزيرة عن برنامج الإصلاح الاقتصادي لأول مرة بعد أن أغرقنا السيسي في بحار من الظلمات والتردي في كل مناحي مصر الاقتصادية والسياسية بعد الانقلاب العسكري.

تقول الوزيرة إن الهدف الأول لحكومة السيسي هو تحقيق الاستقرار الاقتصادي ،restore economic stability and attain inclusive and sustainable development، فالاستقرار الاقتصادي يعني عدم وجود تقلبات في الأسعار ولا في المؤشرات الاقتصادية، فهل استقرت الأسعار أو استقرت الديون أو البطالة في مصر، الواقع يعكس أن إدارة السيسي فاشلة في استرجاع الاستقرار الاقتصادي في مصر كما كانت من قبل، وأشارت الوزيرة إلى أن معدل النمو الاقتصادي بلغ 4.3% وانخفض عجز الموازنة ليصبح 11% من الناتج المحلي الإجمالي، فهل فعلا ازداد معدل النمو ونحن نرى ارتفاع الأسعار في كافة السلع والخدمات في الاقتصاد وما نخرج من أزمة توفير سلعة حتى ندخل في أخرى كما حدث مع السكر والأرز والبنزين؟

وغيرها economic growth between 2013 and 2015 almost doubled, to 4.3%, and our budget deficit declined to 11.7% of gross domestic product from 13% وهل انخفض عجز الموارنة العامة للدولة أم زادت الديون وتقليص الدعم وزيادة الضرائب التي دهورت من الطبقات الوسطى والدنيا في الشعب المصري؟

أما أخطر ما جاء في المقالة ما يوضح النية على استرجاع الخصخصة مرة أخرى ولكن هذه المرة ولأول مرة في تاريخ مصر أن يتم بيع شركات الخدمات كالمياه والشرب والكهرباء والصرف الصحي علاوة على بيع العديد من الشركات المملوكة للحكومة والبنوك.

Through public offerings, Egypt will be partially divesting from several state-owned enterprises and banks. For the first time, this will cover public utility companies, which have historically been excluded from divesture as a strategic sector. Megaprojects, mainly in infrastructure, are being carried out as public-private partnerships. The objective isn’t only to keep the private sector as a main stakeholder, but also to ensure a crowding-in rather than crowding-out effect.

وإن الحكومة تنوي بيعها للقطاع الخاص من خلال طرحها في البورصة، فهل استطاعت حكومة مصر أن تستوعب دروس التاريخ القريب قبل البعيد؟

فقد كان رهان برنامج الصندوق وحكومة عاطف عبيد من خصخصة المشروعات العامة هو تطوير أداء تلك المشروعات التي تم خصخصتها ورفع مستويات الربحية مع عدم المساس بالعمالة. وبعد انقضاء فترة طويلة على إبرام صفقات الخصخصة ما الذي حدث من وراء عمليات الخصخصة فقد كانت أداة لتفكيك وتصفية الشركات والعمالة والأمثلة لا حصر لها، فأين ذهبت شركة غزل شبين الكوم أو شركة المحلة والعديد من الخراب الذي حل بشركات القطاع العام؟ وسأورد شهادة د محمود عبد الفضيل عما حدث مع شركة المراجل البخارية التي تم تصفيتها على أيدي شركة اوراسكوم المملوكة لسواريس في النهاية، إن تاريخ الخصخصة في مصر تاريخ مملوء بالرشاوى والفساد والمحسوبية وتقييم للأصول بأقل من قيمتها وتخريب الصناعة وتدمير وإهلاك معداتها كما حدث مع االعديد من الشركات دون أن تساهم لا في تقليل عجز الموازنة أو زيادة الصادرات بما يعني تخفيف العجز في ميزان المدفوعات.

في نهاية الأمر فإن ما قالته سحر نصر لا يعبر على الإطلاق عن برنامج للإصلاح الاقتصادي ولا تعكس وجود خطة أو رؤية للإصلاح الاقتصادي، ومن هنا فإن مآل الأدوات المستخدمة هو الفشل كما حدث من قبل خلال التسعينيات.
0
التعليقات (0)