كتاب عربي 21

الإصلاح الاقتصادي في مصر هل من بارقة أمل؟

مصطفى محمود شاهين
1300x600
1300x600
لنا في التاريخ عبرة، ولنا في دروس الدول عظة، فأمامنا اليونان تركت وحدها لتلقى مصيرها بعد أن عجزت عن دفع قسط من اقساطها لصندوق النقد الدولي، كانت الدفعة المستحقة 1.5 مليار يورو أي ما يقارب 2 مليار دولار، ورفضت بعض دول الاتحاد الأوربي مساعدة اليونان، وأصبحت اليونان هي الدولة الأولى في الاتحاد التي تعجز عن دفع الدين للدائنين. 

وقد بلغت ديون اليونان 240 مليار يورو، رغم أن الاتحاد الأوربي وضع برامج لمساعدة اليونان منذ عام 2010 لتخفيض مديونيتها ومساعدة الاقتصاد في تقليص خدمة الديون. 

وعلى الرغم من أن اليونان هي إحدى الدول الأعضاء للاتحاد الأوربي، والاتحاد الأوروبي له قواعده الصارمة للحفاظ على المؤشرات الاقتصادية الكلية كمثل الحفاظ على عجز الموازنة العامة للدولة عند حدود نسب معينة من الناتج المحلي وكذلك الحفاظ على معدلات للتضخم صحية ومناسبة، بحيث تجعل انسيابية في حركة اليورو والسلع داخل دول الاتحاد الأوروبي إلا أن الأمر خرج عن سيطرة البنك المركزي الأوروبي وأدى هذا الوضع المتردي لطلب إنجلترا بالخروج من الاتحاد الأوروبي. 

كان المعروض أمام اليونان إما أن تبقى بالاتحاد الأوروبي شريطة أن يمولها الاتحاد الأوروبي أو أن تترك الاتحاد الأوروبي وتحل مشاكلها بنفسها، واليونان لأوروبا هي روح للجسد. 

كل ما أريد قوله أن التطبيل لحصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي لن يغني ولن يُسمن من جوع فاقتصادات الدول لا تبنى على القروض ولا تبنى على خداع الناس بالإيحاء بمؤشرات وهمية، فمصر لها تاريخ طويل مع المديونية الخارجية، فقد أوقعت المديونية مصر تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي. 

وغني عن القول إن زيادة المديونية الخارجية إلى هذه المعدلات سيعوق عملية التنمية فستعجز مصر عن سداد الأقساط والفوائد كما حدث من قبل إبان الثمانينيات. 

بكل صراحة لن تنفع مع مصر أي إصلاحات اقتصادية ولا تعويم للجنية، فالاقتصاد المصري كل إصلاحاته شكلية وبعيدة عن المضمون فضلا عن أنها دواء قاتل لكل المتغيرات الاقتصادية. 

قل لي بالله عليك منذ متى وفلحت دولة تقوم على الديون، فدمرت الطبقة المتوسطة وتم إنهاكها برفع الأسعار وخفض الدخول وتداعت الاستثمارات المحلية من مواطنيها. 

لكن ممكن أن أدلل لك عن عشرات الدول التي اتبعت برامج الصندوق وانتهى بها الحال إلى مستنقعات الجهل والفقر والمرض، فها هي اليونان والأردن والأرجنتين وقبرص وفنزويلا ونيجريا كل هذه الدول لم تفلح معها برامج الصندوق بل كانت هي السبب الأساس لدمار بنيتها ومصانعها ومؤسساتها. 

وكيف لدولة وأي دولة أن تستطيع أن تبني اقتصادا وهم في انقسام داخلي غير مسبوق، وكيف لدولة أن تبني اقتصادا و60 ألفا من خيرة شبابها في السجون والمعتقلات. 

كثير من الاقتصاديين للأسف لا يستطيعون أن يميزوا بين تحسن أداء الاقتصاد والسياسة، ويظنون أن السياسة الاقتصادية طالما طبقت بحذافيرها فإنها ستأتي بآثارها بغض النظر عن البيئة المطبق فيها هذه السياسات، فلن يمكن لسياسة اقتصادية أن تنجح طالما بقيت سياسة الدولة كما هي، والأدهى من ذلك أن تطبق السياسات الاقتصادية الخاطئة وتتوقع منها مردود على تحسن أداء الاقتصاد ككل. 

مثال ذلك ما قام به البنك المركزي من رفع سعر الفائدة إلى ما يقارب إلى 20%، فهل رفع سعر الفائدة سيجذب الاستثمار أم سيخفض الاستثمار؟ الإجابة بالقطع ستحجم الاستثمار وستقلص من فرص المستثمرين خاصة المحللين، ناهيك عن زيادة تكلفتها في أعباء الدين في الموازنة العامة وكذلك في تزايد المديونية الداخلية. 

إن الإدارة الاقتصادية للبلاد غير مدركة لما أحدثه الانقلاب من شرخ في المتغيرات الاقتصادية والتي لن يمكن أن تعود إلا بإعادة اللحمة إلى المجتمع. 
التعليقات (1)
محمد ابو جازيه
السبت، 26-11-2016 08:09 ص
فائدة ال 20% تشبه الي حد كبير فوائد شركات توظيف الاموال التى ظهرت في التسعينيات من القرن الماضي و التى اعتمدت في سياستها الماليه على إيداعات المودعين الجدد لسداد فوائد المودعين القدامي ... لو ان الدوله تجتهد فعلا من اجل جذب رؤوس اموال المستثمرين العرب والاجانب فتتخذ بعض الاجراءات والقرارات فتفشل في احداها وتنجح في اخري فهذا سيكون امر مقبول بعض ما .. ولكن ان تكون جميع القرات فاشله فهذا امر مخيف .. أمر يجعل المستثمر يهرب لانه اصبح على يقين ان الدوله تتعمد الفشل