ملفات وتقارير

المساجد بمناطق تنظيم الدولة بسوريا منابر دعائية وصوت واحد

استخدم البغدادي المنبر لكي يطلق خطابه السياسي - أرشيفية
استخدم البغدادي المنبر لكي يطلق خطابه السياسي - أرشيفية

اختلف دور المسجد في حياة تنظيم الدولة في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا وفقاً للمرحلة، إذ كان المسجد بداية عمل التنظيم مع الفصائل مركزاً للدعوة السلفية الجهادية الجاذبة للشباب المتحمس لحمل السلاح ضد نظام بشار الأسد. لكن تبدل الحال مع بسط التنظيم سيطرته الكاملة على مناطق في شرق سوريا، وانقلبت الأمور رأساً على عقب، ففجر التنظيم عدداً من المساجد التي اعتلى خطباؤه منابرها سابقاً بدعوى وجود قبور بجوارها، وأبقى للمسجد دوره في الدعاية للتنظيم، لكن مع اختلافات جوهرية عن المرحلة السابقة.

يقول المحامي حسن من ريف حلب الشرقي، لـ"عربي21": "دخل التنظيم المدن والبلدات والقرى السورية في ثوب الدعوة الدينية، واستطاع استمالة كثير من الشباب المتحمس المبهور بالخطاب التصادمي".

وغالباً ما كانت هذه الدروس تتم -سابقا- بموافقة الفصائل الأخرى التي كانت موجودة، وكانت تنظر للتنظيم كفصيل ثوري يحمل فكراً دينياً لا أكثر. ولاحقاً بدأت التجاوزات تأتي تباعاً، وكان أبرزها اعتلاء رجال التنظيم المنابر للخطبة دون استئذان خطيب المسجد.

يقول المسؤول عن المساجد في مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، المعين من قبل الهيئة الشرعية، الدكتور إبراهيم الديبو: "كانت نظرتهم للخطباء غير سليمة، فهم إما عملاء للنظام، أو أصحاب بدعة، فلم يروا حرجاً بتجاوز الخطيب الأصلي باعتبارهم فاتحين للبلاد ومخلصين لها من البدع والشركيات".

لقد عزل التنظيم أكثر من 90 في المئة من الأئمة والخطباء السابقين ،متهماً إياهم بمداهنة الكفار والمرتدين والبدع والشركيات، ولاقت الخطوة استهجاناً في الشارع.

وفي هذا السياق، يقول الشيخ أبو عبدالله من ريف حلب الشرقي، لـ"عربي21": "كل من لم يساير التنظيم فيما يريد تمّ عزله، وتم تقديم خطباء من التنظيم تدور خطبهم في معظمها حول الجهاد، والولاء والبراء، والدعاية للتنظيم لا الإسلام".

وكثير ممن تصدى للخطابة لا يمتلك مقومات تؤهله لاعتلاء المنبر، إذ أجرى التنظيم على عجل دورات شرعية سريعة لا تتجاوز مدتها 50 ساعة تخول صاحبها ليكون إماماً وخطيباً يعظ الناس و"يهديهم".

لقد تحول المنبر من وسيلة للوعظ الديني وترغيب الناس بالإسلام وبيان أحكامه، إلى وسيلة دعائية للتنظيم لتلميع صورته، وتحث الناس على الانخراط فيه باعتباره ممثلاً للإسلام "النقي". واللافت تضييق التنظيم على الأئمة ومراقبته لهم رغم أنهم عُينوا من قبله، فالخطبة موحدة لا يجوز الخروج عنها إلا بما يخدم جوهرها.

ويقول الشيخ محمود من ريف حلب الشرقي، لـ"عربي21": "لا يثق التنظيم بالخطباء الذين عينهم، فما بالك بغيرهم، فلجأ لأسلوب نظام البعث من حيث توحيد الخطبة، والمراقبة الأمنية، وكتابة التقارير". وكل من يخرج عن الخط العام يعزل ويحاسب إن كان خروجه كبيرا.

ولا بدّ للخطيب من أشياء أساسية في كل خطبة، كالحث على الجهاد، والدعاء للمجاهدين و"الدولة الإسلامية" بالنصر، والدعاء على "المرتدين والكفرة". كل ذلك أدى لحدوث خلل في وظيفة المنبر، لأن الخطيب أصبح أداة تسجيل لما يردد ما يريده التنظيم منفصلا عن الواقع في كثير من الأحيان.

ويضيف الشيخ محمود: "أثناء نشر رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وخروج مظاهرات في معظم مناطق سيطرة الثوار ضد نشر هذه الرسوم، كانت الخطبة بمناطق التنظيم عن التقوى لا للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان سيرته العطرة، وخصاله الحميدة".

وتغيرت حال الدروس الدينية في المساجد على مستويات عدة، فبعد أن كانت اختيارية تحولت لإجبارية، ولم تبق شريحة في المجتمع إلا وأخضعت لـ"دورة شرعية"، كما أن غالبية "المخالفات" تستلزم من مرتكبها اتباع "دورة شرعية". وأُجبر الناس على حضور صلاة الجماعة، وتشدد التنظيم في هذا الأمر كثيراً، ما يدفع الناس أحياناً للصلاة دون وضوء ثم إعادة الصلاة في البيت.

يقول التاجر محمد من مدينة الباب في ريف حلب الشرقي: "مع رفع الأذان أوقفت البيع وذهبت للحمام، وتوضأت بعدها في محلي، وتوجهت للمسجد، لكن الحسبة كانت في انتظاري، وقيدت بحقي مخالفة وأغلقت محلي رغم أني أدركت الركعة الأولى مع الإمام". لذلك يمتنع الناس الخروج من بيوتهم عقب الأذان بدقائق حتى إلى المساجد، خشية اتهامهم بالتخلف عن صلاة الجماعة، وفي هذا مخالفة صريحة للهدي النبوي، كما يقول الشيخ أبو عبد الله.

ويوضح الشيخ أبو عبد الله أن "الإسلام أمر بالسكينة والوقار، ولا سيما في الصلاة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وائتوها تمشون، وعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. أما الآن فما أن يرفع الأذان حتى يدب الخوف بالقلوب خوفاً من محاسبة الحسبة".

ولم يكن يحلم كثير من الخطباء الحاليين بارتقاء المنابر لعدم أهليتهم، حيث لم تسمح "رابطة العلم الشرعي" المشرفة على تنظيم شؤون الخطباء والمساجد والفتوى، إلا لعدد محدود من عناصر التنظيم بالخطابة، وبعد أخذ إذن خطي منها، ليصار لتعيين خطباء وأئمة لا يمتلكون قدراً يسيراً من العلم الشرعي، ما دفع الأئمة الجدد للتزمت لإظهار ولائهم والحفاظ على وظائفهم، فلجأ قسم منهم لتطويل الصلاة، والمبالغة في تسوية الصفوف، لتستغرق مدة الصلاة من الإقامة إلى التسليم لأكثر من نصف ساعة، فعطلت مصالح العباد باسم الدين، كما يرى الشيخ محمود.

 ويرد الشيخ محمود على هذا التصرف بالقول: "الإسلام دين يسر، ودعا لليسر في كل شيء، وكان النبي يخفف الصلاة إذا سمع بكاء طفل، وينهى عن التشدد والتزمت والأحاديث في ذلك كثيرة". لكن الأسوأ أيضا، كما يرى البعض، هو جمع عدد من الخطباء الجدد من جمع سوء الخلق إلى جانب ضعف العلم.

إذن، تعاني المساجد ما تعانيه بقية المرافق والمؤسسات من تعسف وتشدد، لكنَّ ما يثير حنق السكان أكثر هو أن ما تتعرض له المساجد يتم باسم الإسلام، حتى وصل الأمر في رمضان إلى منع المصلين من صلاة التراويح أكثر من ثماني ركعات بدعوى أنّ ما زاد عن ثمانية بدعة، مخالفين بذلك جمهور المسلمين من عصر الصحابة رضوان الله عليهم حتى عصرنا.
التعليقات (2)
حسان منبج
الخميس، 05-03-2015 12:25 م
ليس دفاعاً عن الديبو الديبو كان ضد النظام وثوري ويختلف عن العميل أحمد العيسى ولكن هناك طرقٌ أفضل غير قطع الرؤوس وتسليم المساجد لشباب لا يعرفون من الدين شيئاً ربما هناك في بدع، ولكن ليست هذه الطريقة الديبو معروف أنه شريف تنظيم الدولة حقق الأمن ولا أحد ينكر ذلك والنظام كان يحقق ذلك أيضاً ولكن يحققه بذبح شباب الحر في الساحات؟!!!
منبج
الإثنين، 02-03-2015 07:18 م
أين كان دور. الدكتور. الديبو. عندما. كان. يسب المراهقين. وال سفهاء. الذات الألاهية في شوارع. منبج. جهارا نهار مرار وتكرار. أين كان دوره وآل90 %. من السحرة. والمشعوذيين. والمتبركيين بالقبور. اين. كانوا. عندما. كانت. المدينة. الزنا فيها معلومة بيوته . والربا. علنا. ألم يقف كبيرهم. يصف النظام و خرج ضد المظاهرات. أين كان الديبو. وإخوته. العلماء. من النهب والسرقة. والفديات. التي لم تتوقف. إلا. في عصر. من تصفونهم بالخوارج. ارحمونا فلنا عقول