سياسة عربية

حزب لوبين يشيد بقرار منع النقاب بالمغرب وشخصيات تدعو لإلغائه

منع إنتاج وتسويق النقاب بالمغرب جدلا واسعا وصل صداه إلى الخارج- أرشيفية
أشاد حزب الجبهة الوطنية الذي يمثل اليمين الفرنسي المتطرف، بقرار وزارة الداخلية المغربية منع بعض أنواع النقاب (البرقع)، فيما دعت 40 شخصية دينية وحقوقية ومدنية وإعلامية بالمغرب إلى إلغاء القرار مخافة "الفتنة".

ورحب الحزب الذي تقوده ماري لوبن، في بلاغ، ما وصفه بـ"الصرامة" التي تتعامل بها المملكة المغربية في مكافحة "الأسلمة"، وقال "مرة أخرى، يأتينا مثال من بلد مسلم على الحزم في مكافحة آفة الإسلامية، بعيدا عن الشعور بالذنب والاعتبارات الإيديولوجية التي تشل المسؤولين السياسيين من اليسار إلى اليمين من خلال سياسة تيسيرية معقولة".

من جانبها، أيدت حركة "تنوير" (حركة مدنية ذات خلفية حداثية) قرار وزارة الداخلية بمنع بيع وتسويق لباس البرقع، معتبرة أنه لباس "يُستعمل في أعمال إجرامية وإرهابية تهدد حياة الأفراد بالنظر لإمكانية صاحب اللباس إخفاء شخصيته مما يطرح إشكالا أمنيا حقيقيا".

وقالت الحركة في بيان لها إن هذا اللباس "يشير إلى التطرف الديني وثقافة الانغلاق، بإخفائه هوية صاحبه، ولا يدخل ضمن دائرة حرية اللباس التي تدافع عنها الحركة باعتبارها حرية فردية"، معتبرة البرقع يعيد إلى الأذهان "الجرائم المرتكبة من وراء هذا الثوب من قبيل الاختطاف، القتل العمد، جرائم الإرهاب".

وطالبت الحركة، المؤسسات الدينية بـ"إعطاء الأسبقية للاستقرار وأمن المواطنين وضمان سلامتهم بالمساهمة بآراء دينية تسير في هذا الاتجاه"، داعية إلى إصدار قانون من البرلمان يمنع إخفاء الوجه بالبرقع أو غيره في الفضاءات العمومية.

كما أعلنت مساندتها لقرار الداخلية "باعتباره قرار أمني، واقعي عاجل في ظرفية حساسة، صدر عن جهة أمنية مختصة سببه حرائق الإرهاب".

وأوضحت الحركة، في بيانها، أنها "تمد يدها إلى الحقوقيين المغاربة ومعهم السلفيين ونشطاء صفحات التواصل الاجتماعي، الذين هم مع منع البرقع، إلى الانخراط في حملة "امنعوا النقاب" التي ستطلق من صفحات فيسبوك".

في حين، وقع حوالي 40 شخصية دينية وحقوقية ومدنية وإعلامية، أمس السبت، بلاغا يطالب وزارة الداخلية بإلغاء قرارها القاضي بمنع بيع النقاب بالمغرب، معتبرين أن القرار "من شأنه أن يزرع بذور الاحتقان والبلبلة دون مصلحة معتبرة ترجى منه".

واعتبرت الشخصيات الموقعة على البلاغ أن قرار الداخلية "يمثل خرقا سافرا للمقتضيات الدستورية والقوانين المنبثقة عنها، والقاضية بضرورة ضمان حرية المواطنين في إطار الثوابت الوطنية المنصوص عليها في الدستور"، مشيرين إلى أنه "يمثل تجاوزا في استعمال السلطة ويقحم رجال السلطة في تصرفات تتنافى مع مهامهم القانونية".

وشددت على أن تدخل السلطة في لباس المواطنين، بهذا الشكل غير القانوني، هو "خطوة غير مقبولة".

البلاغ الذي وقعه أكاديميون ودعاة ومحامون وإعلاميون ونشطاء سياسيون، أشار إلى أن "محاولة تغطية هذا الإجراء بالدواعي الأمنية محاولة مخطئة، لأنه لم يثبت يوما بأن النقاب هدد المجتمع في أمنه واستقراره، بل لم يزل علامة على الوقار والحشمة والاحترام".

وأوضح أن "ارتداء النقاب مظهر ديني واجتماعي مألوف ومتوارث في بلدنا، ولا يتنافى مع ما تقرر في المذهب المالكي الذي جعله المغرب من ثوابته في المحافظة على الإسلام السمح الوسطي".

وأكد البلاغ ذاته، أنه "إذا كانت ذريعة صيانة المجتمع من مظاهر اللباس الأجنبية على مجتمعنا معتبرة، فإن الأولى بها مظاهر اللباس غير المحترمة التي هي دخيلة على مجتمعنا وفيها إخلال بالحياء العام".

ودعت الشخصيات الموقعة على البلاغ، "كل القوى الحية المؤمنة بالحريات وحقوق الإنسان كما قررها الدستور المغربي، أن تعبر عن رفضها لهذا الإجراء غير المسؤول وغير المعقول"، مطالبة جميع المتدخلين المدافعين عن حق المرأة المنتقبة أن "يتحلوا بضبط النفس وسلوك الرفق والالتزام بالقانون في مواقفهم الاحتجاجية".

                  

فيما اعتبر نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، في لقاء مع قناة "الجزيرة مباشر"، الجمعة، قرار منع إنتاج وتسويق النقاب بالمغرب "قرارا أخرقا ومتخلفا عما يدعيه النظام المغربي من الحريات والانفتاح".

وشدد الريسوني على أن وزارة الداخلية صاحبة قرار المنع "تعمل خارج القانون"، لأن ما قامت به يحتاج إلى قانون، لكن بما أن "البرلمان انتخب حديثا، والحكومة تتشكل فمن يصدر هذا..؟"، مستدركا أن الوزارة لا تعمل خارج الشرع بل هي في النهاية تخدم الإسلام "لأن هذا النقاب تقريبا لا وجود له لكنه يعطي انطباعا للناس أن الداخلية تهاجم الإسلام وتحارب السلوك الإسلامي ولا تحارب العري والفجور والخمر مهما بلغوا، ولكنها تحارب النقاب".

وأشار نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن المنقبات بالمغرب هن فئة قليلة، وقرار منعهن ارتداء النقاب "أخرق دعايته سيئة ضد المغرب وضد السلطة".

وأوضح أن ما قامت به وزارة الداخلية سينعكس إيجابا، لأنه "عندما تكون نظرة الناس إلى السلطة سلبية فكل قرار تتخذه ضد أي جهة فإنه يخدم تلك الجهة.."، كاشفا إلى أن الوزارة تعتبر وزارة سيادة لا تعمل داخل الحكومة بل هي "حكومة أخرى" على حد تعبيره.

وكانت السلطات المغربية قررت الأسبوع الماضي منع إنتاج وتسويق بعض أنواع النقاب (البرقع) بعدد من المحلات التجارية، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من شيوخ السلفية وحقوقيين ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي.

وأوضح عدد من أصحاب المحلات التجارية المختصة في اللباس الإسلامي، أن قُياداً وأعوان سلطة تابعين لوزارة الداخلية بتطوان، وطنجة، ومرتيل، وسلا، ومكناس، وتارودانت، ومدن أخرى، طلبوا منهم وقف إنتاج وتسويق أنواع من النقاب في محلاتهم.

وتداول نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي مجموعة من المراسلات الإدارية الرسمية التي أرسلت لعدد من التجار، موقعة من طرف بشاوات (موظفين بالداخلية)، وفيها دعوة صريحة إلى التخلص من لباس "البرقع" "خلال 48 ساعة من تسلم هذا الإشعار، تحت طائلة الحجز المباشر بعد انصرام هذه المهلة، مع الامتناع الكلي عن إنتاجه وتسويقه مستقبلا"، الأمر الذي ندد به عدد من دعاة وشيوخ السلفية بالمغرب وطالبوا الوزارة بالعدول عن قرارها.

اقرأ أيضا: جدل في المغرب بعد قرار الداخلية منع النقاب (وثائق)