بورتريه

حكومة شكلت بـ"مباركة" السبسي في قصر قرطاج (بورتريه)

يوسف الشاهد بورتريه
سياسي مغمور نسبيا وشاب خجول ومطيع، وأحد أذرع رئيس الجمهورية التونسية ونجله.

يعد أصغر سياسي يشكل الحكومة في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956.

ولادة حكومته كانت  متعسرة، واحتاجت إلى "مباركة" الرئيس التونسي  الباجي قائد السبسي الذي تدخل لإنهاء الأزمة، وإعادة حياكة ونسج التشكيلة النهائية للحكومة بهدف ضمان حصولها على ثقة البرلمان.

ولأنه يريد أن يبدو كصاحب قرار والمسؤول الأول عن اختيار الوزراء فقد عمد إلى رفض الرضوخ لشروط "الاتحاد الوطني الحر" ، وهو ما استدعى عقد ثلاث لقاءات متتالية مع السبسي لحسم بعض الخيارات والتدخل مع عدد من الأطراف لدعم الحكومة ، وتؤكد مصادر من قصر قرطاج ومن الأحزاب المشاركة في الحكومة بان الحسم كان لرئاسة الجمهورية، وهو  ما ينفيه رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

يوسف الشاهد المولود في أيلول/ سبتمبر عام  1975 في تونس، ينفي وجود علاقة مصاهرة غير مباشرة مع السبسي، بعد أن انتقد نشطاء على "الإنترنت" ترشيح السبسي لـ "صهره" في وقت تتهم فيه المعارضة الرئيس التونسي بالسعي إلى توريث الحكم لنجله حافظ القيادي بحزب "نداء تونس"، لكن الشاهد قال للصحفيين عقب تكليفه إنه ليس له أي علاقة عائلية أو مصاهرة بالرئيس.

حصل الشاهد على شهادة مهندس في الاقتصاد الفلاحي من المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس عام 1998،  بعد أن  حصل عام 1999 على شهادة الدراسات المعمقة في اقتصاد البيئة والموارد الطبيعية.

وفي عام 2003 حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الزراعية من جامعة فرنسية، ومارس التدريس في جامعات فرنسا واليابان والبرازيل، وعمل خبيرا في مجال تخصصه مع عدة دول ومنظمات دولية.
عمل بين عامي 2000 و 2005 كخبير دولي في السياسات الفلاحية لدى عدد من المنظمات الفلاحية الدولية كالاتحاد الأوربي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

وسبق للشاهد العمل خبيرا زراعيا بسفارة الولايات المتحدة بتونس بحسب مراسلة صادرة عن السفارة في عام 2010، سربها موقع "ويكيليكس".

وذكرت المراسلة المسربة  أن الشاهد عمل "كخبير زراعي" لدى وزارة الزراعة الأميركية، والمسؤولة عن تسهيل وصول المنتجات الزراعية الأمريكية إلى الأسواق الخارجية،  وأظهرت المراسلة سعي الولايات المتحدة إلى اقناع تونس باعتماد التكنولوجيا الحيوية (البيوتكنولوجيا) في الزراعة وإصدار تشريعات في هذا المجال.

وقال مصدر مقرب من يوسف الشاهد لوكالة الأنباء الفرنسية "نعم لقد اشتغل سابقا على برامج تعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وليس لديه ما يخفيه".

وعين الشاهد وزيرا للتنمية المحلية في حكومة الحبيب الصيد  في 2016  التي سحب منها البرلمان الثقة في تموز / يوليو الماضي.

تنقل في ظرف ثلاث سنوات بين أربعة أحزاب، أولها تأسيسه حزب "الوفاق الجمهوري" وانضم لاحقا إلى "القطب الديمقراطي الحداثي" (ائتلاف أحزاب يسارية)  عام  2011، ثم الحزب" الجمهوري" عام 2012، وأخيرا حزب "نداء تونس" عام 2013، وفي العام التالي فاز بمقعد في البرلمان  في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

رشحه الرئيس السبسي لتشكيل الحكومة ، وحظي هذا الترشيح  بضوء أخضرمن  الاحزاب السياسية وعلى رأسها "حركة النهضة" صاحب العدد الأكبر من مقاعد البرلمان.

ويشكل "نداء تونس" و" حركة النهضة "  تحالفا حاكما يسيطر على معظم مقاعد البرلمان التونسي، لكن أحزاب المعارضة المشاركة في "اتفاق قرطاج" تحفظت على ترشيح الشاهد للحكومة الجديدة التي سترث جميع الملفات الشائكة التي خلفتها ورائها حكومة الصيد.

وكانت حكومة الصيد واجهت انتقادات حادة داخل تونس بسبب ما قيل إنه فشل في القضاء على الأزمة الاقتصادية والبطالة، والحد من الهجمات المسلحة التي نفذها مسلحون "جهاديون".

الشاهد أعلن إن حكومته ستعمل وفق خمس أولويات أساسية، تتمثل في كسب المعركة ضد "الارهاب"، والتصدي للفساد، ورفع نسب النمو، إلى جانب التحكم في الموازنات المالية، والعناية بالنظافة والبيئة.

ووعد بألا تكون حكومته حكومة محاصصة حزبية، وأن تضم سياسيين وكفاءات من تيارات متعددة، وقال إن حكومته ستكون حكومة شباب.

ولم يمنع دخول"النهضة" للحكومة من إعلان "مجلس شورى النهضة" تحفظه على بعض أسماء التشكيلة الوزارية الجديدة، وقال رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، للصحافيين:"لن نقبل شخصية عندها عقلية إقصائية تجاه النهضة أو غيرها(.. ) لن نقبل عضوا في الحكومة فيه شبهة فساد".

ورغم تحفظات "النهضة" إلا أن الشاهد لن يقوم باي تعديل على فريقه حكومة " الوحدة الوطنية"  التي تضم 25 وزيرا  و14 كاتب دولة من بينهم 8 نساء.

وتأخر إعلان التشكيلة الرسمية للحكومة ترقبا للموقف النهائي لـ"الاتحاد الوطني الحر" ولحسم مسألة وزير الشؤون الدينية مع "حركة النهضة".

مفاوضات امتدت على أكثر من أسبوعين وشارك فيها تسعة احزاب و 3 منظمات تونسية انتهت بإعلان الشاهد لحكومته التي صوّت البرلمان التونسي في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة، بمنحها الثقة من 167 نائبا فيما تحفّظ 5 نواب، ورفض 22 نائبا منحها الثقة.

وكان ينبغي أن تحصل الحكومة على أغلبية 109 أصوات على الأقل من مجموع أصوات النواب، وفق الدستور التونسي، وهو ما حصلت عليه بالفعل بأريحية ودون مضايقات.

 ويبدي إعلاميون وسياسيون توانسة قلقهم من احتمالية فشل الحكومة في أحداث تغير جذري في الملفات الساخنة في الأشهر الأولى لأنها قد تدخل في صراعات داخلية، كما أنها "تحمل تناقضات وتحمل فيروس الحرب الأهلية من داخلها"، وفقا لتعبير الشواشي .وقال لتعبير الأمين العام للتيار الديمقراطي والعضو في مجلس نواب الشعب عازي الشواشي ان:"هذه الحكومة لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الانسجام وتحتوي أطراف يكنون كراهية إيديولوجية لبعضهم البعض".

ويذهب إعلاميون إلى القول بأن أكبر خصوم الحكومة، السبسي هو نفسه، لأن المشكلة الأساسية، بحسبهم، هي في الروح والعقلية التي تواصل المنظومة القديمة التي قامت ضدها الثورة، إعادة انتاجها لكن بوجوه شبابية جديدة.