كتاب عربي 21

القرارات القاسية للسيسي هل ستؤتي أكلها؟

1300x600
بعد الانقلاب العسكري في مصر تمنى محمد البرادعي أن يدخل إلى مصر تدفقات نقدية بما يقدر بـ30 مليار دولار أمريكي لانتشال الاقتصاد المصري من مشاكلة المتراكمة، وقد تم للسيد عبد الفتاح السيسي ما أراده له البرادعي، فقد تحصل السيسي على ما يقارب 33 مليار دولار من الخارج بالإضافة إلى 9.3 مليارات دولار وديعة حرب الخليج من البنك المركزي. 

وقد زاد الأمر بإتمام قرض صندوق النقد الدولي والذي بلغ 12 مليار دولار بالإضافة إلى عزم حكومة السيسي طرح سندات دولية بما يعادل 3 مليارات دولار والحصول على قرض من بنك التنمية الإفريقي بمليار دولار فضلا عن الحصول على ودائع من دول الخليج بما تعادل 5 مليارات دولار. 

ورغم كل هذه التدفقات الدولارية من الخارج لمساعدة نظام السيسي إلا أن الاقتصاد المصري يترنح من جراء الأزمات الطاحنة التي يعاني منها، هذه الشهادة هذه المرة لم تأت ممن يوصفون بأنهم ضد الانقلاب بل جاءت من كبرى المجلات الاقتصادية العالمية مثل مجلة الإيكونومست ووكالة بلومبرج الاقتصادية وتساءلت بلومبرغ في مقالها: أين ذهبت عشرات مليارات الدولارات التي تلقاها السيسي منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، والتي لا يبدو لها أثر على حياة المواطنين فقد ارتفع الدين الداخلي والخارجي ليفوق حجم إنتاج مصر الكلي وزاد عجز الموازنة ليبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي وزاد العجز التجاري في ميزان المدفوعات ليصل إلى 60 مليار دولار سنويا وتدهور حاد في قيمة الجنيه المصري.

وكانت الإيكونمست قد نوهت في مقال بعنوان "تخريب مصر" إلى المشاكل نفسها التي تسبب بها السيسي للاقتصاد المصري المتهالك بسبب سياساته الرعناء التي أدت إلى سحب كل الفوائض الدولارية وإلقائها في مشروع قناة السويس التي لم ير الناس أي أثر على الإطلاق على حياتهم بعد أن وعدوا بالمليارات تتقاذف عليهم من كل حدب وصوب. 

وكان السيسي قد خرج للشعب المصري ليقول لهم لم يجرؤ أحد على اتخاذ القرارات الصعبة والقاسية على الناس إلا الرئيس السادات فقط، والسيسي يؤكد أنه سيتخذ كل القرارات الصعبة التي لم يتخذها أحد من قبله، فقضية إلغاء الدعم ورفع الضرائب واستحداث ضرائب جديدة وتسريح نسبة مرتفعة من موظفي الحكومة، كل هذه السياسات سيطبقها السيسي وبشدة. 

فالسيسي يظن أنها أول مرة تتخذ مثل هذه السياسات في مصر لكن الواقع عكس ذلك تماما، فحسني مبارك اتخذ كل السياسات القاسية فرفع الضرائب واستحدث الضريبة الموحدة والضريبة العامة على المبيعات والضريبة العقارية وقام ببيع القطاع العام وتسريح عماله بنظام المعاش المبكر وخرج مبارك ليقول للناس إن عام 1995 هو عام عنق الزجاجة ومرت عشرون عاما والاقتصاد المصري ما زال يراوح مكانه لم يستطع أن يلبي الحاجيات منه. 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل لو تحصلت مصر على كل هذه القروض هل يمكن ذلك من إعادة واسترجاع عافية الاقتصاد المصري والإجابة بنظرة عميقة لتاريخ تجربة مصر مع الصندوق أننا طبقنا برامج الإصلاح نفسها مع الصندوق ولم تأت بتحسن في الأوضاع الاقتصادية فلم تزد فرص التشغيل ولم يزد الإنتاج بل إن القطاع العام الذي بيع تم نهبه وسرقته في كل قطاعاته وسياسات خفض عجز الموازنة أدت إلى انفلات في المديونية الداخلية وانهارات قوى الإنتاج السلعي في صالح القطاعات الخدمية كالسياحة والعقارات والسمسرة والوساطة المالية وخدمات المحمول وغيرها. 

إذا الطريقة وسياسات الإصلاح مجربة من قبل ومعروفة النتائج مسبقا، إذا لماذا نكرر العلاج مرة أخرى رغم فشله في الأولى والثانية والثالثة، إن المنطق يدعونا للتراجع عن المسار الذي نحن بصدده حتى لا نندم بعد ذلك في يوم لن ينفع فيه الندم، ربما قرارات السيسي الصعبة ستؤتي أكلها حينما تأكل من جيوب مؤيديه وتخصم من رصيده من المخدوعين ولعل الأمر يكشف لهم قريبا ويسقط في أيديهم.