صحافة إسرائيلية

يديعوت: كيف سيخدم "إنجاز داعش الاستراتيجي" ترامب؟

يديعوت: هجوم فلوريدا سيرجح نسبة التصويت لصالح ترامب- أرشيفية
تناولت صحيفة "يديعوت" الإسرائيلية الأحداث الأمنية والسياسية الجارية في العالم وانعكاساتها على مرشحي سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وطريقة توظيفهم للأحداث انتخابيا، مرجحة أن يستغل المرشح دونالد ترامب الهجوم على ملهى المثليين في فلوريدا لصالحه.

وقال الكاتب الإسرائيلي يوعز هندل في مقال له في الصحيفة بعنوان "إنجاز داعش الاستراتيجي"، إن "هناك نوعين من السياسيين في العالم الديمقراطي: تجار وأيديولوجيون. الأوائل مستعدون لأن يقولوا كل شيء ويفعلوا كل شيء كي ينجحوا وينتخبوا. من ناحيتهم، لكل شيء يوجد ثمن ومقابل، على أن تذكروا المبلغ فقط. الآخرون، السياسيون الأيديولوجيون، محصورون في داخل إطار تأثير عالمهم، وهم عندما يُنتخبون فإنهم في الغالب يتجمدون في مكانهم، في محاولة للنجاة أمام وحشية الواقع وعندها يختفون.

وأضاف أنه "في السياسة الأمريكية يمثل باراك أوباما الأيديولوجيين. فالأخطاء الجسيمة التي ارتكبها في السياسة الخارجية منذ انتخب رئيسا في المرة الأولى هي نتيجة مذهب فكري".

وتابع هندل: "لقد آمن حقا (أوباما) بأنه يمكن الحديث عن قيم حقوق الإنسان في جامعة القاهرة عشية (الربيع العربي). وهو عن حق وحقيق ليس قادرا على أن يرى في الإسلام الحديث محدث الإرهاب رقم واحد في العالم. وهو يسير في الشرق الأوسط بتقنين ينطلق من الرغبة في التحسين وليس الإساءة.. ثمة الكثير جدا من الرومانسية في المثاليين، ولكنهم خطر كبير عندما يتجهون في الاتجاه غير الصحيح".

ويرى الكاتب الإسرائيلي، أن "شخصية التاجر السياسي يمكن أن نجدها في المتنافسين على الرئاسة في السباق الحالي: كلينتون وترامب. وفي حين أن كلينتون تاجرة متوسطة فإن ترامب تاجر ممتاز. رجل أعمال بارد الأعصاب، مهني. وهو يبيع البضاعة التي لا يحمل أي فكرة عما يمكن استخدامها فيه. هكذا، مثلا: (أمريكا رائعة، سنجعل أمريكا رائعة مرة أخرى)، كما قال ترامب في عدة مناسبات. وأضاف: (سنجعلها ممتازة، جيدة. في نظري الغروب في الجبال قرب بيتي رائع، الشروق جيد وتوجد أيضا موسيقى ممتازة أسمعها أحيانا. فكيف نجعلها دولة رائعة؟)".. هذا سؤال يتطلب خطة عمل، وسلم أولويات وتعريفا علميا. هذا ليس لدى ترامب أي نية لتوفيره، على حد تعبير الكاتب.

ويوضح هندل أنه من زاوية نظر فئوية، "فإني كإسرائيلي أخاف من التجار في السياسة بقدر لا يقل عن الأيديولوجيين على نمط أوباما. عندما يقول ترامب إنه مع البناء في المستوطنات لأنهم يلقون علينا الصواريخ، فأنا أفهم أنه ليست لديه أي فكرة أين توجد المستوطنات، وما الذي يهددنا أو لا يهددنا".

ويضيف: "استنتاجي هو أن ترامب كرئيس لن تكون له أي مشكلة لأن يسقط على إسرائيل ويقول: (اتفقوا مع الفلسطينيين، انسحبوا إلى خطوط 67، فهذه ليست قصة كبيرة مع كل هذه الصواريخ. أريد سلاما كي أجعل العالم رائعا). بكل ثمن، على طريقة التجار. أما كلينتون، بالمناسبة، فليست أفضل، باستثناء أن هذه قصة معروفة أخرى".

ووفقا لهندل: "أتوقف عند التمييز بين السياسيين كونه لأول مرة في التاريخ البشري، وبسبب الصراع بين التجار على الرئاسة الأمريكية، توجد إمكانية لأن يصبح الإرهاب أداة استراتيجية تؤثر على مصير العالم. منذ اخترع هذا المفهوم، والذي يعني الخوف، تميز الإرهاب بتأثير تكتيكي على الناس. فقد نجح الإرهابيون في المس بالرموز، بالزعماء الكبار أو بقتل المئات والآلاف من الأشخاص. ولم يغيروا العالم". 

وبحسب ما يجري الآن مع داعش، وبالمقابل سياسة النعامة لأوباما، يوضح هندل، أنه "يختلف عن كل ما عرفناه. عندما بدأ داعش ينتشر في أرجاء العالم وجدت نفسي مرتبكا أمام ما بدا لي كاهتمام أكبر مما ينبغي. مع كل الاحترام، فهل بضعة آلاف من المسلمين المسلحين بالسلاح الخفيف، وبسيارات التندر والوحشية، يخيفون العالم الغربي؟".

ويتساءل الكاتب الإسرائيلي قائلا: "ما هو الأسوأ الذي يمكن أن يحصل؟ السيطرة على مزيد من الأرض في العراق أو سوريا؟ إرسال قوات مشاة وحملة قصف مكثفة يمكنها أن تصفي التنظيم. غير أن العالم الغربي خاف، وأنا لم أفهم أنه خاف من نفسه".

ولفت إلى أن "داعش ليس لديه أي ذخر غير الوعي. رجاله يلتقطون لأنفسهم الصور وهم يقطعون الرؤوس، يذبحون النساء والأطفال ويتباهون بقتل اللوطيين. في يوم المذبحة في أورلاندو ذبحوا بضع عشرات من المسلمين في سوريا. لم يأبه أحد. ولكن عندما يدور الحديث عن حدث على الأرض الأمريكية، فإن داعش ينتصر في معركة الوعي. ولهذا السبب بالذات فإن له فرصة فتاكة للتأثير على العالم بأسره".

ويختتم الكاتب الإسرائيلي مقاله بالقول إن "عملية إجرامية عشية الانتخابات سترجح نسبة التصويت في صالح ترامب. عندما لا يتجرأ الرئيس أوباما على الإفصاح عن هوية المصدر (الإسلام المتطرف) فإن موقف الجمهور الأمريكي سيكون أشد. ترامب كرئيس سيغير العالم الديمقراطي. وهو منذ الآن يغير المنظومات السياسية المحيطة. لا أدري كيف سيفعل هذا، ولكني أخاف. يهودي من نوعي دوما يخاف من غير المعروف".