قضايا وآراء

لا تغامر بالمكسب السريع.. ثم تخسر على المدى البعيد

1300x600
1 - تحية للشباب الثائر الشجاع الذي نزل إلى الشوارع 25 نيسان/ أبريل 2016، بعيدا عن ميزان التعداد، ليواجهوا بصدورهم العارية قمع وفجور الداخلية وجحافل القوات المسلحة؛ التي حولت أفواه بنادقها تجاه صدر شعبها.. تحية لمن انتصر لحقه في وطنه رغم التهديد والوعيد.
 
2 - وتحية أخرى واجبة لالتزام الأغلبية منهم بالهتافات الوطنية الموحدة، تأكيدا لوحدة المصريين ضد حكم العسكر المستبد الفاسد القاتل المنتهك لحق مصر والمصريين والمفرط في الأرض والعرض.
 
3 - ورجاء ألا يصر الإسلاميون في الداخل والخارج على إبراز شارات رابعة، مع إقرارى بأن اعتصام رابعة وما حدث فيه سيظل رمزا للتضحية والصمود عبر القرون والأجيال. فقد ترددت على هذا الاعتصام الشعبي المقاوم وتكلمت من فوق منصته.
 
ولكن كثيرا من المصريين الذين هم ضد العسكر الآن وضد استمراره في حكم البلاد؛ يجدون حرجا في أن ينضموا إلى فاعليات تحت شعارات رابعة أو صور الرئيس مرسي، حيث لا يزال يرى أن هذه الشعارات تمثل رمزا لكفاح فصيل واحد، وإلا فأين صورة حازم أبو اسماعيل وعصام سلطان وصفوت عبد الغني وأحمد ماهر، وغيرهم ممن يقبعون في سجون الانقلاب؟ وأين صورة خالد سعيد وسيد بلال، وشهداء ماسبيرو وشهداء محمد محمود، وغيرهم؟
 
مع قناعتي الشديدة بمدى رمزية الرئيس مرسي لمصر والمصريين، لكن قناعاتي لا أستطيع فرضها على الآخرين، حتى إن كنت متيقنا من حقيقتها. فقد واجه نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف، فتجاوزه ووافق على محو عبارة بسم الله الرحمن الرحيم، وعبارة محمد رسول الله من صحيفة الصلح، وهما ركنا العقيدة، ما أثار غيظ الصحابة ورفض سيدنا علي بن أبي طالب محوهما، حتى محاهما صلى الله عليه وسلم بيده من أوراق الصحيفه، لتيقنه بأنهما راسختان في العقل والقلب والروح، ولتيقنه بأن إتمام هذا الصلح هو طريقه وطريق دعوته إلى الانفتاح على الخلق (في صلح الحديبية مع قريش).
 
فنحن أمام خيارين:

الأول: أن يتمسك كل فصيل بشعاراته التي يرى أنها المعبرة عن مصر والمصريين، حتى لو وقف وحده، وبذلك نحقق حلم الانقلابيين في استمرار عزلة الفصائل عن بعضها البعض، وعن جزء كبير من الشعب الذي أفاق وانقلب على العسكر بعدما انكشفت عوراته.
 
الثاني: التجمع تحت راية الوطن وشعاراته لكسب مزيد من لحمة المصريين المناهضين للانقلاب، وإزالة الإسفين الذي استطاع الانقلابيون وعملاؤهم وإعلامهم وضعه بين أبناء الشعب الواحد.
 
وسؤالي للإخوان خاصة: هل نستطيع أن نلجم نزوات العواطف المندفعة بنظرات العقول المدركة والمستبصرة بالحاضر والمستقيل، على المعنى الذي أورده الإمام البنا رحمه الله في رسائله؟
 
أعتقد أن المتظاهرين بالأمس خارج مصر من الإخوان وأنصارهم؛ لو اقتصروا على رفع الشعارات الوطنية لتضاعفت أعدادهم، ولانضم إليهم عدد من المصريين المناهضين للانقلاب (الذين تتزايد أعدادهم مع الأيام)، الذين لا يرغبون في الوقت نفسه أن يقفوا تحت راية إخوانية، ويتمنون لو كانت الراية مصرية والشعارات مصرية.

وفي الوقت ذاته، سينظر إليهم المراقبون في العالم بوصفهم مصريين يتظاهرون ضد جرائم انقلاب في بلادهم، وليست مظاهرات فريق الإخوان ضد فريق العسكر.
 
#مذكرات_الزعفرانى