سياسة عربية

أهالي المعتقلين الإسلاميين ينتفضون ضد "الانتهاكات المستمرة"

كثفت عائلات المعتقلين الإسلاميين من تحركاتها لتفعيل قضية المعتقلين الإسلاميين - أرشيفية
يواصل أهالي المعتقلين الإسلاميين في لبنان تحركاتهم، بهدف تفعيل قضية أبنائهم في ظل استمرار ما يصفونه انتهاكات لأبسط حقوقهم القانونية والإنسانية.

وتعتقل السلطات اللبنانية مئات الشبان اللبنانيين وآخرين من جنسيات مختلفة، إما لاتهامهم بارتكاب أفعال جرمية ضد الجيش، أو لتهديدهم الأمن اللبناني، إضافة الى تهم أخرى تتعلق بتكوين مجموعات مسلحة.

إلا أن ثمة اتهامات من نوع آخر وجهت للعشرات منهم، بتهمة الانتماء لفصيل "إرهابي" في سوريا، فيما تقول مصادر حقوقية إن اعتقالهم جاء على خلفية مشاركتهم مع الثورة في سوريا.

وفي هذا السياق، بحثت الجماعة الإسلامية الخطوات اللازمة لتفعيل قضيتهم مع لجنة المعتقلين الإسلاميين على أساس القاعدة القانونية "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، بحسب ما خرج به الاجتماع الذي جمع المسؤول السياسي للجماعة في جنوب لبنان الدكتور بسام حمود مع ممثلين عن اللجنة برئاسة الشيخ يوسف مسلماني.

وطالب المجتمعون بالحفاظ على حقوق "كل متهم وفقا للدستور، وذلك أثناء التوقيف والتحقيق معه وضرورة مراعاة ذلك وعدم ارتكاب التجاوزات".

واعتبر حمود في تصريحات له بعد اللقاء أن قضية الموقوفين الإسلاميين باتت "قضية رأي عام للتجاوزات وما يتعرضون له اثناء التوقيف وخلال التحقيق"، مشيرا إلى أن "مبررات التوقيف تكون في أغلب الأحيان بسبب التعبير عن رأي أو بسبب التعاطف مع الثورة السورية".

وأكد أن ما يحدث يدفع بالجماعة الإسلامية إلى "رفع الصوت عاليا في وجه السلطات السياسية والأمنية والقضائية"، مناشدا "العقلاء منهم لتدارك هذا الواقع الذي لا يمكن السكوت عنه وخاصة بالأبعاد الإنسانية وما يتعلق بكرامة الموقوف وحقوقه حيث أضحى الموقوف أمانة عند القضاء ويجب حمايته والحرص على سلامته الجسدية والمعنويه لحين بت القضاء بالتهم الموجهة إليه ضمن القانون ومقتضيات العدالة".

وتطرق حمود إلى الحالة الصحية للمعتقلين وتحديدا للشيخ أحمد الأسير، قائلا: "لا يمكننا تجاوز الحالة الصحية والمعاناة التي يتعرض لها الشيخ أحمد الأسير في سجن الريحانية في جبل لبنان، الذي أجمعت المؤسسات الحقوقية على عدم أهليته ليكون سجنا"، داعيا "الجهات المعنية إلى إيلاء هذا الموضوع الأهمية القصوى والعمل على نقل الشيخ الأسير إلى مكان توقيف آخر تتأمن فيه الحدود الدنيا من الحقوق والاستشفاء والكرامة الإنسانية مراعاة لحالته الصحية بمعزلٍ عن التهم الموجهة إليه التي يعود حصرية ألَّبت بها للقضاء".

وكان القضاء اللبناني حكم على الشيخ الأسير بالإعدام في شباط/ فبراير 2014، بتمهة الإقدام "على تأليف مجموعات عسكرية تعرضت لمؤسسة الدولة المتمثلة بالجيش، وقتل ضباط وأفراد منه، واقتناء مواد متفجرة وأسلحة خفيفة وثقيلة استعملت ضد الجيش، فيما يعرف بأحداث عبرا".
 
وكان جهاز الأمن العام اللبناني أوقف الأسير في 15 آب/ أغسطس 2015، في مطار رفيق الحريري الدولي، أثناء محاولته مغادرة لبنان، بعدما أجرى تغييرات في مظهره الخارجي، بجواز سفر مزور.  

وكانت زوجات وأمهات عدد من المعتقلين الإسلاميين تتقدمهن زوجة الشيخ أحمد الـسير، كثفن منذ أيام تحركاتهن لتفعيل قضية المعتقلين الإسلاميين واعتصمن أمام دار الإفتاء في صيدا والتقين مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان وأطلعنه على أوضاع المعتقلين ولا سيما الوضع الصحي للشيخ الأسير.

وبحسب معلومات خاصة لـ "عربي21" فإن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بدأ بدراسة تحرك سريع لمعالجة ملف المعتقلين الإسلاميين لدى الجهات المختصة، تحسبا من تفاقم الأمور في الشارع السني.

يأتي ذلك، في ظل مطالبة هيئة علماء المسلمين في لبنان المفتي دريان بتبني قضية الإسلاميين في السجون اللبنانية، والعمل على المستوى الرسمي لمعالجة قضيتهم ومنحهم الحقوق كافة، القانونية، والإنسانية، بما فيها الصحية.

وكانت الهيئة حذرت الشهر الماضي من أن الشيخ أحمد الأسير يتعرض لإعدام بطيء وأن "ظروف توقيفه لا يمكن تفسيرها إلا على أنها قرار سياسي كيدي ولا يمت إلى تحقيق العدالة بصلة".

وحول طبيعة التحركات التي تخوضها لجنة المعتقلين الإسلاميين، كشف عضو بارز في اللجنة رفض أن يذكر اسمه، في تصريحات لـ "عربي21" أن "التحركات الهادفة لإبراز وتفعيل قضية المعتقلين الإسلاميين مستمرة، وبأنها بدأت تجني ثمارها من ناحية التعاطف الشعبي والإعلامي معها".

وأضاف المصدر أن "حالة المعتقلين داخل السجون اللبنانية باتت مزرية جدا من ناحية الإهمال الطبي، خصوصا ما يتعرض له الشيخ أحمد الأسير في سجن الريحانية، حيث يلقى معاملة سيئة، وهو أمر يهدد فعليا حياته".

ورأى أن "انتشار الفيديوهات التي تظهر تعذيب الأسرى الإسلاميين قبل فترة، شحن نفوس أصحاب الضمائر في لبنان، ممن يستشعرون أن ما يتم ارتكابه، يأتي من باب الاقتصاص من المعتقلين لأسباب عقائدية وسياسية".

واعتبر أن "الشارع السني بدأ بالتفاعل مع قضية المعتقلين بشكل واسع"، مرجحا "أن يضغط هذا الحراك على المستوى السياسي للطائفة السنية، وخصوصا تيار المستقبل الذي وإن كانت له مواقف خاصة غير مرضية بخصوص الاتهامات الموجهة ضد الإسلاميين، إلا أنه يتعاطف مع قضيتهم".

وأردف: "ثمة تمييز قضائي حاصل ضدهم، في مقابل معاملات خاصة في قضايا تخص بشكل مباشر حزب الله".

وأوضح المصدر أن "عددا كبيرا من المعتقلين الإسلاميين غير مدانين فعلا بأي تجاوزات على الأراضي اللبنانية، وإنما وجهت لهم تهم على خلفية مشاركتهم مع الثورة السورية، حيث تم اعتقالهم فور عودتهم إلى البلاد، أو عبر وشاية من أطراف باتت معلومة".
 
وتساءل المصدر: "هل يسمح لحزب الله، بانتهاك السيادة اللبنانية، ويفوض نفسه للقتال في سوريا على حساب هيبة الدولة، ورأي أغلبية اللبنانيين دون حسيب أو رقيب؟".

واعتبر أن التعاطي مع الموقوفين في ملف الاقتتال بين جبل التبانة المؤيدة للثورة وجبل محسن الموالية لحزب الله في طرابلس "لم يكن منصفا، إذ أظهرت الاعتقالات والمحاكمات ازدواجية المعايير".

وطالبت لجنة المعتقلين وفق المصدر: "بضرورة إيقاف كل صور التنكيل بالمعتقلين الإسلاميين، وضمان عدم تكرار الانتهاكات بحقهم، وإعطائهم كافة حقوقهم، والنظر في جوهر الاتهامات الموجهة اليهم للإفراج عن الذين لم تثبت عليهم ارتكاب، أو أي مخالفات حقيقية على الأراضي اللبنانية".