قضايا وآراء

مصر.. لكمات موجعة لبورصة نفخها المال السياسي

1300x600
شهدت البورصة المصرية انهيارا واضحا خلال الفترة الأخيرة، وتعرضت لخسائر باهظة في ظل حالة هلع أصابت المستثمرين جراء لكمات محلية وإقليمية ودولية.

ومن الطبيعي أن تتأثر مؤشرات أي بورصة في العالم صعودا وهبوطا بالأوضاع الاقتصادية والسياسية، ولكن البورصة المصرية باتت تهبط بشكل متوال وشديد الانحدار خلال العام الجاري، وفقدت أكثر من 35% من مؤشرها منذ بداية العام الجاري، حيث تراجع المؤشر من نحو 10 آلاف نقطة إلى أقل من 6500 نقطة، ويتوقع أن تواصل خسائرها الفترة المقبلة مع ارتدادات قد ترفع المؤشر أحيانا، لكنها غالبا ما ستكون الأقرب للخسارة في ظل تردي المناخ السياسي والأمني والاقتصادي الداخلي تحديدا.

وتراجع المؤشر الرئيسي "إيجي إكس 30" الأسبوع الماضي بنسبة 2.15% خاسرا نحو 141.15 نقطة ليغلق عند مستوى 6427.82 نقطة، وكان قد تراجع الأسبوع قبل الماضي بنسبة 3.49% ليخسر 237.7 نقطة ويغلق عند 6568.97 نقطة، مقابل 6806.67 نقطة، وحقق المؤشر أدنى مستوياته في عامين عند 6302 نقطة، قبل أن يرتد إلى أعلى.

والبورصة ببساطة سوق للأوراق المالية وأسهم الشركات المدرجة، إلا أنها تعكس أيضا الأوضاع الاقتصادية والسياسية بشكل عام، فكلما كان هناك استقرار سياسي ونمو اقتصادي كلما ارتفع المؤشر والعكس صحيح.

وكان أداء البورصة عقب الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو عام 2013 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، متذبذبا ولا سيما مع الأحداث الجسيمة التي مرت بها البلاد خلال العامين الماضيين.

وكان العاملان السياسي والأمني لهما أكبر الأثر على البورصة حيث المظاهرات المعارضة للانقلاب وما صاحبها من اضطرابات أمنية ومجازر الحرس والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس وغيرها، أثرت سلبا على أداء البورصة، ولكن مع مرور الوقت بدأت البورصة في الارتفاع الكبير ولا سيما في ظل وصول وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم، وشعور المستثمرين بأن الأمور قد استقرت. وارتفع المؤشر بشكل غير مسبوق، ووصل إلى أعلى معدلاته منذ ثورة 25 يناير عام 2011 ولامس 10 آلاف نقطة في شباط/ فبراير الماضي.

وساهم المال السياسي في ارتفاع المؤشرات حيث ساند رجال الأعمال عبر شركاتهم وصناديق الاستثمار في دفع البورصة، وساعدهم في ذلك تحسن العديد من المؤشرات الاقتصادية أحيانا.

ولكن بدأت جميع الأسباب التي رفعت البورصة في الانقلاب لتدفعها إلى الهبوط والتدهور، ولا سيما العام الجاري، حيث تكاتفت العديد من العوامل الداخلية والخارجية لتوجيه لكمات قوية إلى البورصة التي ترنحت تحت وقع عدم وجود عوامل مقاومة، ولا سيما أن معظم الأسهم حدث لها تضخم سعري بعد أن نفخها المال السياسي.

ونجح رجال الأعمال في فرض سطوتهم وحماية مصالحهم، عبر إجبار الدولة على إلغاء قانون ضريبة البورصة الذي أصدره السيسي.

ولكن اللكمات توالت على البورصة من كل حدب وصوب حيث صدرت قرارات حكومية بالتحفظ على أموال العديد من رجال الأعمال، بل وتم القبض على أحد أبرز المساندين لنظام 30 حزيران/ يونيو، وهو رجل الأعمال صلاح دياب ونجله، فانحدرت البورصة بشكل كبير. ورغم الإفراج عنه استمر أداء البورصة في الانخفاض، ولا سيما مع توالي الأنباء السيئة حول سقوط الطائرة الروسية وعلى متنها 224 شخصا في سيناء، خصوصا بعد أن قالت روسيا إن الطائرة سقطت عبر انفجار، وأصدرت قرارا بمنع الطيران المصري من الدخول إلى أجوائها وأمرت بإجلاء رعاياها.

وفي هذه الأثناء وجهت الأحداث الخارجية لكماتها إلى البورصة المتداعية، ومنها تدهور أسعار النفط عالميا والأزمة الصينية والاضطرابات في المنطقة، وأخيرا الحادث الإرهابي في باريس والذي راح ضحيته نحو 140 قتيلا ومئات الجرحى.

وفي ظل تراجع إيرادات قناة السويس للشهر الثالث على التوالي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بنسبة 6.7 في المئة، بالإضافة إلى تراجع إيرادات الصادرات والسياحة، وانخفاض الاحتياطي إلى نحو 16.3 مليار دولار، يدور أداء البورصة حول اقتصاد منهك وأوضاع سياسية وأمنية مرتبكة ومؤثرات خارجية غير مشجعة، ما يدفع نحو توقعات لمزيد من الخسائر الباهظة وحالة إفاقة محدودة لالتقاط الأنفاس من آن لآخر.