صحافة دولية

لوموند تتناول معاناة اللاجئين السوريين في ضواحي باريس

يقضي اللاجئون في شمال باريس نهارهم في الطرقات - أ ف ب (أرشيفية)
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا، عرضت فيه تفاصيل الوضع الصعب الذي يعيشه اللاجئون السوريون على مشارف باريس، بعد عجز المنظمات غير الحكومية على مواصلة دفع أجرة سكنهم، وتضييق السلطات الفرنسية عليهم إثر انطلاق أشغال في المنطقة التي كانوا فيها.

وأفادت الصحيفة، في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن 25 عائلة سورية تنام على امتداد الطريق المؤدية لمدخل منطقة سان أوين، إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية، منذ ما يقارب الأسبوع، في ظروف محفوفة بالمخاطر.

وأشارت إلى الوضع المزري الذي يعيشه هؤلاء اللاجئون؛ حيث تحيط بهم الأوساخ من كل مكان، ويلعب الأطفال في الطريق التي تمر فيها الحافلات المتجهة للمستودع.

وذكرت لوموند أن المنطقة شهدت نصب العديد من الخيام ليلا، وانتشار النساء السوريات بين السيارات طلبا للمال، بعد أن تقطعت بهن السبل، في ظل تجاهل أغلب الناس لمعاناة اللاجئين السوريين في فرنسا.

وتحدثت الصحيفة عن أسلوب عيش اللاجئين السوريين هناك؛ حيث يختفون ليلا داخل غرف الفنادق الرخيصة المنتشرة بالمنطقة، ويجتمعون نهارا في ساحة خلف الطريق الدائرية التي تربط بين ضواحي سان أوين.

ونقلت الصحيفة عن ميشال مورزيار، الرئيس الشرفي لجمعية رفيفر، التي كانت قد أنشئت لمساعدة اللاجئين السوريين سنة 1980 وتواصل مهمتها مع اللاجئين اليوم، أن "تحولات كبيرة طرأت بالمنطقة منذ قدوم اللاجئين، إذ قامت بلدية سان أوين بغلق الساحة، في نيسان/ أبريل 2014، ومنعت الدخول إليها، بحجة انطلاق أعمال الصيانة، بحسب ما تقوله الرواية الرسمية".


وأضافت الصحيفة أن ذلك أدى إلى تحول مركز الثقل نحو الجانب الآخر من المنطقة، على مشارف باريس، حيث قام اللاجئون بنصب الخيام وتشييد الأكواخ، نظرا لعجز المنظمات غير الحكومية على مواصلة دفع أجرة سكنهم، في حين أجبر عدد منهم على النوم في السيارات.

وأشارت لوموند للسبل التي يتخذها عدد من اللاجئين لضمان لقمة عيشهم؛ حيث يقومون ببيع بضائع يستخرجونها من حاويات مهملات باريس، أو المعلبات التي توفرها الجمعيات الخيرية، ويقتصر زبائنهم على الفئة الفقيرة المحيطة بهم.

وأشارت الصحيفة إلى وجود سوق مختلفة تماما، على بعد أمتار من تلك التي أنشأها اللاجئون السوريون، يقصدها السياح الأمريكيون لاقتناء الأثاث العتيق والتحف بأثمان خيالية.

 نقلت الصحيفة عن بلال، الذي غادر بلاده منذ سنة 2012، بعد أن كان يعمل ضمن قوات النظام في منطقة بانياس، أنه "فعل المستحيل للهروب من الحرب الأهلية التي تعصف ببلاده منذ أربع سنوات، حيث ذهب إلى تركيا، ثم عبر البحر نحو اليونان، ودخل إلى النمسا، ثم إيطاليا وفرنسا، وهو متواجد في هذه المنطقة على مشارف باريس منذ أشهر".

وأكدت لوموند أن أغلب اللاجئين السوريين الواصلين لمنطقة سان أوين؛ توقفوا عن سلوك طريق البلقان منذ 18 شهرا، حيث أصبحوا يغادرون إلى لبنان أولا، ومن هناك إلى تونس أو الجزائر على متن الطائرة، ثم إلى منطقة مليلة الإسبانية سيرا على الأقدام، ليتمكنون أخيرا من الدخول إلى أوروبا.

وفي أوروبا، يشق السوريون أراضي إسبانيا باتجاه فرنسا، وتحديدا باريس، ليطلب عدد منهم اللجوء، وينتظر الآخرون الذهاب إلى ألمانيا أو بلجيكا، حيث يتمكنون من الحصول على مكان للإقامة مباشرة.

وذكرت الصحيفة أن هذه المنطقة الباريسية شهدت اختفاء الفوجين الأول والثاني من اللاجئين؛ حيث تمكنت المجموعة الأولى في شهر نيسان/ أبريل 20َ14 من الاستفادة من التسهيلات الخاصة التي قدمها مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية، في حين تولت السلطات الحكومية تسوية وضعية الفوج الثاني في تموز/ يوليو 2014.

غير أن منطقة سان أوين ظلت مكان التقاء السوريين الذين تمكنوا من الانتقال إلى مناطق أخرى خارج باريس، حيث يفضلون التواجد مع أبناء وطنهم، في انتظار الحصول على إجابة على مطالب اللجوء التي تقدموا بها للسلطات الفرنسية، في حين لم يتمكن فوج وصل في حزيران/ يونيو الماضي، من مغادرة المنطقة.

وأكدت لوموند أن شبكات الدعم والإغاثة لم تعد تحيط باللاجئين السوريين بفرنسا، ما عدا الدعم المستمر الذي يوفره لهم مسجد سان أوين، والنشاط التطوعي الذي تقوم به شريهان كواف، وهي شابة فرنسية من أصل سوري، تساعد اللاجئين على التواصل من خلال الترجمة.

وتبحث شريهان حاليا، مع مجموعة من رفاقها، سبل إنشاء جمعية لمساعدة اللاجئين الذين يؤكدون على أن كل ما يطلبونه هو الحصول على سكن لائق وعنوان واضح، يفتح قنوات التواصل بينهم وبين مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية، وييسر إجراءات اللجوء.

ولفتت الصحيفة إلى حاجة اللاجئين السوريين بمنطقة سان أورين للرعاية الطبية، وخصت بالذكر امرأة حامل اقترب موعد ولادتها، لم تخضع منذ قدومها لفرنسا للفحوصات اللازمة، لكنها تعول على اللجوء لمستشفى بيشات القريب من منطقة تواجدها، عند الحاجة.