قضايا وآراء

من ثويرة الكرامة والحرية إلى ثورة المثلية

1300x600
هاجت الشوارع وماجت، و تحرك الشعب وانتفض، وسقطت الأرواح وكثرت الجراح، وتصاعدت التحركات والاحتجاجات وزادت في الطين بلة، وكبدت الشعب مزيدا من التفقير والتعاسة، وزادته بؤسا على بؤسه.

ورغم كل الجراح والأرواح ابتهجنا وهللنا للثويرة أملا في تغير الأوضاع، وطمعا في إصلاح وقطعا مع ماضي تعيس، وإذا بنا اليوم نعيش حاضرا أتعس وأوضاع أفسد.

أما في ما يخص ثويرة الكرامة و الحرية التي خلنا أنها ستكون بشائر خير على الشعب و الوطن، وإذا بها ثويرة مدمرة، دمرت المنشآت و المؤسسات، وزادت الفقراء تفقيرا على فقرهم و البؤساء بؤسا على بؤسهم، أما الرابحين من هاته الثويرة فهم بارونات البلاتوهات، وأصحاب القنوات ومعهم أباطرة التهريب، ورجال "العمايل" الذين أخذوا يرفعون في الأسعار دون رقيب و لا حسيب.

وفي حقيقة الأمر وقد قلتها في عدة مقالات سابقة أن الشعب ثار وانتفض على ما خلفته التوجهات الرأسمالية المتوحشة من بطالة وفقر وأزمات، وللتذكير فقد تبنت الدولة هذا التمشي منذ أزمة 1985، ولم تستعد لها ولم تعد آليات الرقابة و قوانين الردع و الجزر منذ السنوات الأخيرة من حكم بورقيبة وتحت حكم بن علي، وقد كانت توجهات ليبرالية مقيتة وغير منضبطة أحدثت فرقات وفساد وأزمات.
 
أما في ما يخص ثورة المثلية التي انطلقت منذ بداية سنة 2011، وأصبحت ظاهرة بكل وضوح هاته الأيام، فهي حقا ثورة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، لأنه حقيقة تحت حكم بن علي لم نكن لنتصور أن تطرح مثل هاته المواضيع و أنه قطعا لن يسمح بالحديث فيها، وهل تضنون أن إعلام عبد الوهاب العبد الله سيقبل بالتطرق و الكلام عن مثل هاته الحكايات والطرهات المخزية...
 
 إذا حقا إنها ثورة المثلية، وثويرة للكرامة و الحرية لم يستفيد منها إلا اللصوص و "القطعية" ومعهم زعماء الفساد والهمجية.