مقالات مختارة

ما الذي أنتظره من داود أوغلو؟

1300x600
كتب رسول توسون: في التسعينيات تجوّلت في أوروبا شبرا شبرا بحكم وظيفتي، وحين كنتُ أعود من أوروبا إلى إسطنبول كنت أشعر بالضيق. كنت أشعر بالحزن حين آتي من الشوارع النظيفة اللامعة في أوروبا إلى إسطنبول التي تملأُ شوارعها القمامة والطين والحفر.

أما اليوم فيحدثُ العكس تماما.. اليوم، إسطنبول أجملُ وأنظف من الكثير من العواصم الأوروبية وفيها نواح أكثر تطورا، وبالطبع أن هذا التطوّر ليس خاصا بإسطنبول، فلقد تمكّنت حكومة حزب العدالة والتنمية من رفع تركيا في الكثير من النواحي فوق الغرب، ووقّعت على مشاريع غيّرت الكثير في المواصلات والاتصالات والصحة والكثير من القطاعات، وأصبحت مثالا يُحتذى في العالم.

وقد رأت الحكومةُ جزاء هذه الخدمات في كلّ الانتخابات، حين أعلن الشعبُ تقديره عن طريق رفع نسبتهم في الانتخابات.. لقد كان قائدُ هذه الحركة السيد أردوغان يركّز دائما في كلماته على موضوع الحضارة. وحين استلم منه رئاسة الوزراء السيد داود أوغلو واصل هو أيضا التأكيد على الحضارة.

في الحقيقة هذا التأكيد يريح قلوبنا. فالتحدّث عن إحياء وتطوير حضارتنا التي تعرّضت للانقطاع يفرحني أنا شخصيا. ولكنني لا ألتمسُ توازنا بين التطور المادي الذي حدث في تركيا والتطور المعنوي.

فالطرقات الضخمة، مثلا، والتطور في قطاع الصحة، يمكننا تسجيلهما بالأرقام. ويمكننا أن نواجه مشاكلنا الاقتصادية إن حدثت. ولكن هل يمكننا تسجيل الأرقام نفسها في المجال الثقافي؟

من المعلوم أن الحضارة هي بناءٌ من عدة أعمدة، الحضارة هي مزيج من التطوّر الماديّ والمعنويّ، أي الثقافي، فإن حدث تطور مادي فقط فسيكون تطورا لعمود واحد فقط، اليوم دولتنا تُغبط على تطورها المادي، ولكن إن أردنا تطوير حضارتنا فيجب حدوث تطور في المجال الثقافي مساو للذي يحدث في المجال المادي..

أريد أن أقول هذا.. كلُ حزب سياسيّ سيحضّر بيانه، جميعها لا تهمني كثيرا، المهم هو البيان الذي سيحضّره الحزبُ الذي سيصل إلى السلطة. وإن كان هذا الحزب هو حزب العدالة والتنمية بالتحديد فسيزداد بيانه أهمية، لأنه في فتراته الثلاث السابقة حقّق تقريبا كل ما كتبه في بياناته.

والآن ما أنتظره من الحزب هو مشاريع تطوّر كبيرة في المجال الثقافي بحجم مشاريع التطوّر المادي الضخمة لديه. مشاريعُ ستؤثر في الشعب بشكلٍ إيجابي.

أنتظر مشاريع ثقافية لن تفرّق بين الجميع ولكنها ستجيب على طلبات الأكثرية. أنتظر مشاريع ستسعد مجتمعنا وأرضنا وأمتنا.. إنني أكتب رغبتي هذه بكل صراحة؛ فداود أوغلو الذي سيوقّع على البيان هو رجل ذو علم وثقافة. فلا ينبغي أن يكون بيانُ حزب العدالة والتنمية بيانا عاديا. يجب أن يكون بيانا يتمّم حضارتنا ويقوّي العمود الثقافي فيها. وهذا ما يليق بأستاذنا "داود أوغلو".

(عن صحيفة "ستار" التركية)