مقالات مختارة

الاحتلال الإيراني

1300x600
كتب علي حمادة: شكّل تحرير مدينة إدلب في الشمال السوري، بعد تحرير مدينة بصرى الشام في الجنوب، محطة مفصلية على طريق تحرير كامل التراب السوري من نظام بشار الأسد ومعه "الحرس الثوري" الإيراني وميليشياته المتنوعة من لبنان والعراق وغيرها. هذا إذا أحسن الثوار استثمار الانتصارين الكبيرين، عبر العمل الجدي على توحيد كل الفصائل الثورية لتصير في لحظة ما "الجيش السوري الحر" الجديد. فلا تحرير لسوريا ما لم تتحد الفصائل، واضعة خلافاتها الصغيرة قياسا بالهدف النهائي، جانبا.

وأثبت تحرير بصرى وإدلب أن القوى الإقليمية الداعمة يمكنها متى اتخذت قرارا جديا لا ينتظر سياسات الإدارة الأميركية المائعة، ولا يخشى "فيتو" إسرائيل وتقاطعه مع حرب إيران التوسعية في المنطقة، أن تحدث تغييرا كبيرا على الأرض في سوريا. فالنظام سقط منذ أمد بعيد، ومن يقاتل على أرض سوريا هو إيران نفسها بتشكيلاتها التابعة لـ"فيلق القدس" مثل "حزب الله"، معتبرة أن حربها ضد الشعب السوري هي حرب للدفاع عن النظام في قلب طهران وقم. لقد دلت "النتائج" الأولى لتفاهمات الرياض - أنقرة أن القوتين الإقليميتين اللتين اتحدتا في عملية "عاصفة الحزم" في اليمن لصد الاختراق الإيراني الخطير، يمكنهما إحداث خرق كبير على الأرض، كانعكاس مباشر لما جرى الاتفاق في شأنه بين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس رجب طيب أردوغان خلال القمة التي جمعت الزعيمين في الرياض قبل ثلاثة أسابيع، من أن البلدين سوف يتعاونان على دعم المعارضة السورية لإحداث نتائج ملموسة على الأرض. وقد ظهرت بوادر لهذا التعاون الذي لم تكن الدوحة بعيدة عنه نظرا إلى تقاطعها مع الرياض وأنقره على حد سواء، وتأثيرها على بعض الفصائل المعارضة في سوريا.

لقد دلت "النتائج الملموسة" وهي في بداياتها أن تعاونا إقليميا حقيقيا، يجمد الخلافات التي نجمت عن الوضع المصري، ويقدم التوافقات حول هدف أهم هو صد الاختراق الإيراني الذي يمثل الخطر الأول على أمن المنطقة بشقيه العربي والتركي.

لقد دعونا في الأشهر الأخيرة إلى تدفئة العلاقات العربية - التركية من جديد، وإلى أن تبادر الرياض إلى فتح قنوات التعاون حول القضايا المتفق عليها، وترك القضايا المختلف عليها لمرحلة مقبلة يجري العمل على تبريدها. ولعل أهم بند على جدول أعمال التعاون السعودي - التركي هو سوريا، وضرورة مواجهة الاختراق الإيراني الخطير، عبر تغيير المعطيات على الأرض.

إن ما تحقق غير كاف، وهو بداية الطريق. ولذلك ينبغي للطرفين المعنيين أن يعمقا تعاونهما في سوريا لإلحاق الهزيمة بالسياسة التوسعية الإيرانية. لقد تحول الإيرانيون بنظر أهل الإقليم، بفعل سياساتهم إلى قوة احتلال، وإن تلطوا هنا وهناك خلف أدوات محلية كالحوثيين و"حزب الله".

(النهار اللبنانية)