مقالات مختارة

كراهية الـ50% سوف تنفجر بيدكم!

1300x600
كتب كورتولوش تايز: لا نستطيع إنكار سياسة الأقطاب التي تشكلت في البلاد، إنه نوع من التوتر الذي نصادفه في حياتنا اليومية.

ومن وجهة نظري الشخصية، فإن الاستقطابات الموجودة في الساحة، حتى وإن أشارت إلى أن سببها هو النظرة إلى الحياة وطريقة المعيشة، إلا أن سببها هو الانتماءات السياسية. 

انقسم الناس إلى قسمين: من يؤيدون حزب "العدالة والتنمية" ومن لا يؤيدونه. وبالرغم من وجود اختلافات فكرية بين معارضي حزب "العدالة والتنمية"، إلا أن هذه الاختلافات تزول  عند ازدياد الضغوطات السياسية.

 اليمينيون واليساريون من جهة، والليبراليون والمؤيدون لـ"فتح الله غولن" من جهة، والقوميون الأتراك والقوميون الأكراد من جهة أخرى، كلهم يجتمعون معًا. تراهم متناسين اختلافاتهم، يتحركون معًا في الشوارع وفي المجالس. إن مشروع قانون الأمن الداخلي قد قرّب قوى المعارضة من بعضها البعض، فـ"حزب الشعب الجمهوري" وحزب "الحركة القومية" التركية، وحزب "الشعب الديمقراطي" قد اجتمعوا ليكونوا كحزب واحد ضد الحكومة.

حتى وإن تمت الإشارة إلى أن سبب هذا الاستقطاب السياسي هو الحكومة، فإن للمعارضة نصيبًا أكبر في ذلك، فإن أول من سوّق لشعار "كراهية الـ 50%" هي المعارضة، بالاستناد إلى نتائج الانتخابات البرلمانية. والمعارضة تدافع عن ادعاءاتها بأن 50% من الشعب يكرهون حزب "العدالة والتنمية" ورئيس الجمهورية "أردوغان".

وعلى فرض أن هذا الادعاء صحيح، فإن نسبة الكارهين لـ"حزب الشعب الجمهوري" هي 76%، ونسبة كارهي حزب "الحركة القومية" التركية 86%، أما نسبة كارهي "حزب الشعب الديمقراطي" فهي 94%. وأظن أنه لا حاجة لبيان أن هناك خطأ في فهم شعور الرأي العام التركي.

لكن هذه المقولة عملت فعلها السياسي حتى داخل حزب "العدالة والتنمية"؛ فمنذ وقت قريب، وفي تصريح لأحد القنوات التلفزيونية استخدم نائب رئيس الوزراء "بولند إرينج" عبارة "حصلنا على 50% من الأصوات، أما بقية النسبة من الأصوات فهي تنظر إلينا بكراهية!". ربما يبدو "إرينج" محقاً في شكواه من وجود أقطاب سياسية، ولأنه أيضاً عضو في الحكومة، فإنه يرفض أي تقصير يوجه إليه. لكن النية الحسنة لهذا التحليل "كراهية الـ50%" لا يفيد إلا لتغطية الهدف السياسي.

إن مقولة "كراهية الـ50%" قد ظهرت نتيجة للاتهام والخدش السياسي المنظم ضد حزب "العدالة والتنمية" بشكل عام، ولـ"أردوغان" بشكل خاص. إن انطلاق هذه الحملة كان قبل سنتين؛ إذ إنه تم القضاء على القيود والحواجز الأخلاقية لشخص "أردوغان" وعائلته، وبدأت وسائل المعارضة بعرض أقبح المواد الإعلامية التي لا يمكن أن نراها حتى على جدران الأزقة! قاموا بتسخير "كراهية الـ 50%" وحاولوا ما بوسعهم لإطلاقها على "أردوغان".. أرادوا أن يجعلوا من "أردوغان" أيقونة للكراهية أمام الرأي العام! 


لا ننكر أن لحزب "العدالة" و"أردوغان" أخطاء أيضاً في تطور سياسة الكراهية، لكن المسؤولين عن الاستقطاب والتوتر، والذين دعوا إلى الانقلاب، ليسوا الحزب الحاكم ولا "أردوغان". لكن الذين ساندوا الانقلاب هم المسؤولون عن ذلك. إن موقف وأسلوب "أردوغان" وصلابته وغيرها من المميزات ليست سبباً في الاستقطاب السياسي، وانما نتيجة ذلك. 

إن سياسة الاستقطاب أو "كراهية الـ50%" لم تفد المعارضة بل أفادت "أردوغان"؛ فقد خرج "أردوغان" قوياً بعد الانتخابات البرلمانية، لكن قوى المعارضة فقدت شعبيتها في صناديق الاقتراع وفي الشارع أيضاً. 

منذ سنتين وتغذية عبارة "كراهية الـ50%" مستمرة حتى وصلت إلى جميع الفئات، ووصلت العدوى إلى قوى المعارضة نفسها، وتعوقت روحياً! وأصبحت تتقرب إلى كل مسألة بكراهية حزب "العدالة والتنمية" وكراهية "أردوغان"! لقد فقدت قوى المعارضة عقلها السياسي، وأصبحت تلعب بمشاعر الرأي العام، والتلاعب بالمشاعر أمر خطير! 

"كراهية الـ50%" سوف ترتد لتضرب قوى المعارضة. وفي النهاية، ستؤدي إلى عدم النجاح وعدم إيجاد الحلول. ومن ثمّ فإن الكراهية التي أوجدوها سوف ترتد وتنفجر بأيديهم!

لن تستطيعوا أن تخدعوا " نسبة الـ50%" إلى النهاية.


(عن صحيفة أكشام التركية – ترجمة وتحرير: عربي21)