مقالات مختارة

3 رابحين وخاسر

1300x600
كتب أمين قمورية: استبشر كثيرون بقرار الحرب العالمية على "داعش". علقوا آمالاً على العودة الأميركية إلى المنطقة.

راهنوا على انحسار النفوذ الايراني في العراق وخصوصاً بعد إزاحة المالكي واشتراط واشنطن قيام حكومة عراقية جامعة. هللوا لدخول الطيران الأجنبي السماء السورية نكاية بالأسد حليف طهران ومجدوا الطيارين العرب الذين شاركوا في الغارات. لكن الحصيلة الأولى للحرب الجديدة على الإرهاب جاءت مثل حصيلة الحروب الأخرى هدايا جديدة لإيران.

طيران الائتلاف يضرب في العراق وأصدقاء طهران يجنون المكاسب. يقصف في سوريا وحلفاء ايران لا يخسرون. تحت غطاء الضجيج الداعشي في بلاد الشام يبتلع الحوثي القرار السياسي في صنعاء ويسجل سابقة في الخاصرة الخليجية. يخسر اللاعب الايراني بيدقا في بلاد الرافدين ويستعيض عنه بقلعة على باب المندب ويثبت حضوره في مضيق هرمز بتوثيق التحالف مع السلطنة العمانية.
بعد فصل كامل من الحرب على "دولة البغدادي" ثمة ثلاثة رابحين وخاسر واحد. الرابح الأول أميركا التي امتلكت سماء الشرق الاوسط بلا منازع. والرابح الثاني ايران المحرومة شرف الانضمام إلى الائتلاف، والتي تعوض ما خسره المالكي بانتصارات "الميليشيات الشيعية" والبشمركة الأكراد في الأرض السنية السائبة وبقيادة قائد "فيلق القدس" الجنرال "الثوري" قاسم سليماني وبغطاء اميركي، فيما تحافظ على حصتها كاملة في سوريا عبر حليفها الرئيس. والرابح الثالث تركيا التي انضمت مرغمة إلى الائتلاف، والتي لم تخسر شيئاً من حصتها في العراق بينما صارت صاحبة الكلمة الفصل في مناطق التمرد السوري عبر "بوابات المجاهين". اما الخاسر الأكبر، فالعربي، ولا سيما منه الخليجي الذي هلل للائتلاف وشجعه وراهن على نكسة عسكرية لخصميه "الزوجين القسريين" الإيراني والتركي، وهو يكاد يخسر حلفاءه والأصدقاء ومناطق نفوذه التقليدي التي صارت في العراق أرضا مدمرة وعارية ديموغرافيا بفعل كماشة القضم الشيعي والكردي من جهة والابادة "الداعشية" من جهة أخرى. وكذلك في سوريا بفعل التطهير العنيف من المتطرفين للمعتدلين.

الرأس الخليجي حاول تقليل حجم الخسائر بمصالحة داخل البيت تبدو هشة ومرتبكة بين أطرافه واعجز من تكوين مرجعية موحدة واطلاق مشروع مضاد للمشاريع الإقليمية الأخرى. ولم يبقَ له سوى اللعب بنار النفط التي قد تحرق أصابع الجميع. فالرهان على كسر ظهر إيران باغراقها في أزمة مالية واقتصادية من طريق افقارها، معلق أيضا على الاتفاق النووي الذي قد يعجل في تباشيره تفاؤل "التطبيع" الأميركي الكوبي.

وهكذا فإن السؤال المقلق، هو إذا ما واصلت إيران جني المكاسب بالأخطاء القاتلة للآخرين وتوجت ربحها باتفاق تاريخي محتمل مع أميركا، كيف سيكون رد الفعل في ظل هذه السياسات العمياء المتبادلة؟ وأي جنون قد تشهده المنطقة؟



(صحيفة النهار اللبنانية)