مقالات مختارة

"الكيان الموازي" في تركيا وازدواجية المعايير الأمريكية والأوروبية

1300x600
شهدت مصر انقلابا عسكرياً قام به "عبد الفتاح السيسي" أمام العالم أجمع ضد الرئيس "محمد مرسي" أول رئيس منتخب في تاريخ البلاد. ووقف العالم بأكلمه يتفرج دون أن ينبس ببنت شفة، حتى إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التزموا الصمت حينها، وحتى الآن لم ينعتوا من قاد ذلك الانقلاب بـصفة "الانقلابي".

 وفي نفس التوقيت الحالي من العام الماضي، شهدت تركيا محاولة انقلابية مماثلة لتلك التي شهدتها مصر، إذ أرادوا الانقلاب على حكومة منتخبة ورئيسها ووزرائها، فضلاً عن روؤساء البلديات أيضاً.. محاولة انقلابية تم إخفاؤها تحت ستار "محاربة الفساد".

وعلى نفس الشاكلة صمت الاتحاد الأوروبي "الديمقراطي"، ولم يقل شيئاً إزاء محاولة الانقلاب هذه، التي قامت بها "شبكة الشر" في تركيا ضد الدولة والأمة التركيتين، وذلك من أجل أن تتحكم بالأمن والقضاء والبيروقيراطية. 

 واستمراراً لمسلسل الصمت الأوروبي الأمريكي، فإن النظام السوري قتل حتى الآن مئات الآلاف، وحكم على الملايين بالنزوح من أماكن إقامتهم خوفاً من بطشه، أمام صمت عالمي مطبق، فلا أمريكا ولا أوروبا قالوا شيئاً حيال ذلك.

وإلى جانب أوروبا وأمريكا، هل صدر عن "الكيان الموازي" أي تنديد أو استنكار ضد "إسرائيل" التي يحبها ذلك الكيان، أو ضد أوروبا وأمريكا حينما أقدمت "إسرائيل" الدولة الإرهابية على قصف قطاع غزة، وقتلت نحو ألف إنسان؟.. بالطبع لا!..لم يفعل ذلك!

 ومنذ ثلاثة أسابيع اصطفت هذه الكتيبة - أوروبا وأمريكا و"الكيان الموازي" - ضد تركيا، وبالأحرى ضد الرئيس "رجب طيب أردوغان".. تعالت أصواتهم أخيراً؛ للتنديد بما يصفونه بتكميم الأفواه، ومحاربة الصحافة وحرية الرأي في تركيا، رداً على حملة التوقيفات الأخيرة التي تمت بحق محسوبين على "الكيان الموازي" الممثل المعتمد لأوروبا وأمريكا بتركيا.

 لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هو السبب في خروج أوروبا وأصدقائها في تركيا للقول بأن "الصحافة تُغتال في تركيا"؟.. أقول إن الشيء الذي تمردوا من أجله جميعاً -سواءً أكانوا من "الكيان الموازي" أو من الأوروبيين أو "الكماليين" أو اليساريين- هما شخصان سبق وأن أدليا بأقوال من أجل تنفيذ "مؤامرة واضعي الحواشي" ، وليس من أجل الصحافة التي يتخذونها ستاراً لفعل ما يريدون.. تلك المؤامرة التي سُجن بسببها أبرياء لم يفعلوا شيئاً.

أوروبا وأمريكا وحلفاؤهم هاجوا مرة واحدة ضد تركيا؛ لأن الدولة أو بالأحرى القضاء التركي بدأ التحقيق في قضية حُبس فيها ظلماً وبهتاناً لشهور 122 شخصاً من أنصار "جماعة النور".. هاجوا وهم يقولون "تركيا تصادر الإعلام المستقل"، الغريب أنهم يتحدثون الآن، في حين أنهم لزموا الصمت كما قلت حيال ما قام به "الأسد"، وما قام به "السيسي".

 ولقد ركز الرئيس التركي "أردوغان"، على هذه الازدواجية في المعايير، وذلك خلال الكلمة التي ألقاها في حفل تدشين قطار "قونيا – إسطنبول" السريع، إذ قال: "يخرج أحدهم من الاتحاد الأوروبي، ويعطي أحكاماً مسبقة بشأن عملية يتولاها القضاء التركي. يقولون إنهم سيعطون تركيا درسا في الديمقراطية، قوموا بعناء المجيء إلى هنا كي تلقنكم تركيا مثل هذا الدرس، وليعلموا أن تركيا القديمة ولت دون رجعة!".

 كما اتهم الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي باستخدام وسائل مماطلة في السنوات العشرة الأخيرة لتأخير انضمام تركيا، وقال: "نحن لسنا بواب الاتحاد الأوروبي.. الأمر بسيط للغاية..الاختيار يعود إليكم بإدخال تركيا أو لا"، مؤكداً أن بلاده ستحدد في كل الحالات "طريقها بنفسها".

وأنا أناشد الصحافة الأوروبية أن تتحدث عن المواقف التي تتخذها حكوماتها حيال آلاف القتلى من المهاجرين الذين يُتركون في عرض البحر ليلقوا حتفهم، وأن تسأل تلك الحكومات عن التدابير غير الإنسانية التي تتخذها، حتى تمنع الآسيويين المعدمين من الدخول إلى بلدانهم.

 وكما يعلم العالم أجمع.. فإن الاتحاد الأوروبي أخذ 130 ألف لاجئ سوري فقط، موزعين على 18 دولة، بينما تركيا وحدها فيها ما يقرب من مليونين، ومن ثم فعليهم أن يفكروا في هذا الأمر أولاً قبل أن يتفوهوا بكلمة بحق تركيا. 

وختاماً أقول إنه ليس من المهم بمكان ما تكتبه الصحف الأمريكية والأوروبية عن تركيا، فكما قال الرئيس "أردوغان" هم اعتادوا اختلاق الأخبار المكذوبة من أجل مصالحهم هم فقط!

 وأؤكد أن العقول لن تنسى تلك الازدواجية التي تمارسها أوروبا، كما أن الأتراك لن ينسوا كذلك المحاولة الانقلابية التي قام بها "الكيان الموازي" في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2013.. تلك المحاولة التي تعتبر خيانة بحق الديمقراطية والدولة التركية!

عن صحيفة صباح التركية