سياسة عربية

برلمان المغرب يناقش قانونا لتطوير العربية وحمايتها

وزير التربية الوطنية المغربي رشيد بلمختار (أرشيفية)
يشرع البرلمان المغربي يوم الأربعاء المقبل في مناقشة مقترح قانون يقضي بحماية وتطوير استعمال اللغة العربية "أمام ما تعرفه من تهميش وهيمنة لصالح الفرنسية"، تقدم به الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، وذلك بحضور وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، بلجنة التعليم والثقافة والاتصال.
 
الوزير بلمختار غير المنتمي لأي حزب بالحكومة الحالية، سيكون أمام جلسة ساخنة ستعرف مواجهته من طرف مختلف الفرق النيابية بأسئلة حادة في قضايا شائكة تهم إشكالية لغة التدريس وتدريس اللغات وانعكاسها على المنظومة التربوية، وموضوع "البكالوريا الفرنسية" التي شرع في تجريبها وأثار فاعلون مختلفون أسئلة عدة حول لا دستوريتها واختراقها للسيادة التعليمية للمغرب. فضلا عن أسئلة تهم هيمنة الفرنسية على المشهد اللغوي بالمغرب.
 
الوزير بلمختار ذي التكوين الفرنسي والمتهم بنزوعه للفرنكفونية، سيكون أمام جلسة مساءلة غير عادية، بعدما توحدت جل الفرق البرلمانية على دعوته للمثول أمامها، بلجنة التعليم والثقافة والاتصال، تحت أسباب مختلفة، وقد وجه طلبات ومقترحات في هذا الصدد كل من الفريق الاشتراكي وفريق الأصالة والمعاصرة والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية.  
 
وفقا لمقترح القانون الذي تقدم به فريق العدالة والتنمية، فإن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، وتعد من مقومات الهوية الوطنية المغربية، ومن واجب الدولة أن تعمل على حمايتها وتطويرها وتمنية استعمالها، وذلك بالحفاظ على سلامة اللغة كتابة ونطقا، وصيانتها من كل التأثيرات الأجنبية، وجعلها لغة معاصرة تتوفر على كل المقومات اللازمة لمسايرة كل جوانب الحضارة الإنسانية وتطوراتها، مستندا في ذلك للمقتضيات الدستورية وتوجهات البرنامج الحكومي.
 
ومن أجل ذلك يطالب مقترح القانون بضرورة انخرط الدولة في كل الاتفاقيات والمؤسسات الدولية التي تعنى بحماية اللغة العربية وتطويرها، وتساهم فيها مساهمة فعالة وإيجابية، مضيفا أن الدولة تضع برامج ومخططات لحماية اللغة العربية والرفع من مستواها، وتعميم استعمالها.
 
واعتبر المقترح أن اللغة العربية ينبغي أن تكون مادة أساسية في كل مراحل التعليم، وأن تكون كما هو مفترض أن يكون، "هي لغة تعليم المواد الاجتماعية والعلمية في جميع المؤسسات التعليمية العمومية والخاص"،  وشدد المقترح أنه "يجب أن تكون لغة الامتحانات والمباريات والأطروحات الجامعية والمذكرات في المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة باللغة العربية".
 
واستثنى المقترح الذي يتوفر الموقع على نسخة منه، "الحالات التي يفرض فيها القانون تدريس لغة رسمية أخرى أو التدريس بها، وحالة مؤسسات البعثات الأجنبية أو المؤسسات التعليمية المأذون لها بالعمل في المغرب، والتي تلقن تعليما دوليا".
 
وفي مجال وسائل الإعلام السمعية والبصرية العمومية والخاصة، أكد المقترح على "ضرورة تخصيص حصص مناسبة للغة العربية تتناسب مع وضع اللغة العربية كلغة رسمية، وتحدد دفاتر التحملات التي تضعها السلطة الحكومية المختصة تلك الحصص حسب كل حالة".
 
 المقترح الذي قدمه فريق الحزب الذي يقود الحكومة، أكد على أن "اللغة العربية لغة الحياة العامة والإدارة والتجارة الداخلية وجميع الخدمات العمومية"، مشيرا إلى أنه "يتعين اعتمادها في جميع مراسلات ووثائق واجتماعات الإدارة والمؤسسات العمومية"، كما يتعين أن تكون الوثائق الموزعة خلال تلك التظاهرات أو المؤتمرات مكتوبة باللغة العربية، كما يمكن أن تتضمن ترجمات للغة أو عدة لغات أجنبية.
 
وشدد المقترح على "ضرورة إحداث أكاديمية تعنى بالأساس بشؤون اللغة العربية، وتوحيد معجمها وتنقيته من كل الكلمات والعبارات الدخيلة، وتقديم كل ما تراه من توصيات إلى رئيس الحكومة، والبرلمان، وباقي المؤسسات الدستورية ذات الصلة".
 
وعن الهدف من هذا المقترح صدر فريق المصباح ديباجته بالقول إن الهدف منه هو "وضع الإطار العام لحماية وتطوير وتنمية استعمال اللغة العربية، في انتظار تمديد مفعوله إلى اللغة الأمازيغية، بعد تفعيل طابعها الرسمي، واستكمال إدماجها في مجال التعليم ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية".
 
وأوضح مقترح الفريق أن الأمازيغية تعد لغة رسمية للدولة، كرصيد مشترك لجميع المغاربة، وأن قانونا تنظيميا سيحدد مراحل تفعيل طابعها الرسمي"، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تمس مقتضيات هذا القانون الخاصة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، ولا أن تتعارض مع استعمالها باعتبارها لغة رسمية للبلاد حسب المقتضيات التي يقرها القانون".
 
يشار إلى أن تقارير دولية ومحلية وهيئات مدنية متعددة رصدت وما تزال بالمغرب، ما تعرفه اللغة العربية من إقصاء وتهميش من الحياة العامة ومن لغة التدريس والإدارة والإعلام والفن وغير ذلك، وما يتم بالمقابل من تمكين للغة الفرنسية بمختلف المجالات، وأيضا ما يتم من دعوات وشروع في تمييع العربية عن طريق التمكين للتدريج والدارجة بأكثر من مجال، وذلك على الرغم من البنود الدستورية التي تنص على رسمية اللغتين العربية والأمازيغية.
 
هذا ويتخوف متتبعون من أن هذا المقترح على أهميته قد يكون مصيره الرفوف وعدم التفعيل كما هو الشأن لبعض القوانين ذات الصلة بما فيها منشورات لرئيس الحكومة الحالي والوزير الأول السابق والتي تلزم الإدارات والمؤسسات باعتماد العربية في التواصل إلى أن كل تلك القوانين والآوامر لا تجد طريقها للتطبيق.
 
كما يذكر أن مقترح القانون موضوع المناقشة هو من 14 صفحة، ويتضمن 6 أبواب والتي تضم بدورها 42 مادة، منها المادة 41 والتي تلزم الحكومة بتقديم تقرير سنوي للبرلمان حول مدى تطبيق بنود ومضامين مقترح القانون هذا.