تقارير

"بيت لاهيا" في غزة.. حديقة التنزه واللهو قرب المعابد

تعتبر بيت لاهيا قرية قديمة جدا ذكرها العالم الروماني زمانوس في كتاباته، ويؤكد ذلك الآثار القديمة التي تعود إلى العصر الروماني والفارسي ثم الإسلامي..
تعتبر بيت لاهيا قرية قديمة جدا ذكرها العالم الروماني زمانوس في كتاباته، ويؤكد ذلك الآثار القديمة التي تعود إلى العصر الروماني والفارسي ثم الإسلامي، ويعود اسم بيت لاهيا إلى تفسيرين:

الأول، ما يراه بعض المؤرخين من أن الكلمة مشتقة من كلمة الآلهة، حيث كانت بيتا للآلهة والمعابد في العصور القديمة.

الثاني، ما يراه البعض الآخر من أنها كانت حديقة جميلة، بها أماكن للتنزه واللهو قريبا من المعابد، فأصبحت بيتا للآلهة أو اللهو.

 وفي الحالتين يظهر الارتباط بين الآلهة القديمة واللهو حولها ولهذا سميت وعرفت بهذا الاسم "بيت لاهيا".


                                       مدينة الشيخ زايد شرق مدينة بيت لاهيا

تقع بلدة بيت لاهيا إلى الشمال من مدينة غزة، ويحدها من الشمال قرية هربيا، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب جباليا والنزلة، ومن الشرق بيت حانون.

وتبلغ مساحتها 24500 دونم، علما بأنها كانت قبل نكبة عام 1948 ثاني أكبر قرية في المساحة والأملاك بعد بلدة برير في اللواء الجنوبي من فلسطين.

وتمتاز بيت لاهيا بالموقع الاستراتيجي الهام، وذلك لعدة أسباب تتمثل في:

ـ إشراف أراضيها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
ـ قربها من مدينة غزة بمسافة لا تزيد على الـ 7كم، والبعد عن مدينة أسدود المحتلة بمسافة 31 كم، ومدينة الرملة المحتلة بمسافة 54.5 كم.
ـ قربها من معبر بيت حانون (إيرز) بمسافة 5.4 كم، ويربط  معبر "إيرز"  بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948.
ـ قربها ومحاذاتها لخط الهدنة المتفق عليه منذ عام 1949.
ـ وقوع مستوطنات "غلاف غزة" على مسافة قريبة، وتقل عن 4 كم عن مستوطنة "نتسف هعسراه".
وتحيط بالبلدة الكثبان الرملية التي يصل ارتفاع بعضها إلى 55 مترا فوق مستوى سطح البحر. ويكثر فيها شجر الجميز الضخم.

بلغ عدد سكان بيت لاهيا في عام 1997 بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 38441 نسمة وفي عام 2007 وصل إلى 64457 نسمة، ووصل عدد سكانها حاليا إلى ما يزيد على الـ100 ألف نسمة.

ويوجد في المدينة العديد من الآثار القديمة والباقية من بينها:

ـ خربة صقعب: في الشرق، حيث عثر على آثار مساكن وقبور قديمة.
ـ خربة اللقية: حيث يوجد بقايا مسجد ونفق، وقد سميت بهذا الاسم لأنها كانت نقطة لالتقاء معركة الأيوبيين بقيادة صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، وقد انتصر عليهم.
ـ قبة أم النصر: وفيها انتصر الأيوبيون على الصليبيين، وقد شيدت القبة لتكون رمزا لهذا النصر.
ـ  مسجد الشيخ سليم أبو مسلم، وبني منذ نحو خمسة قرون.
ـ مسجد الشيخ سعد، وبني منذ أكثر من خمسة قرون.
ـ سدرة العجمي والتي ما زالت موجودة منذ مئات السنين.

وتشتهر مدينة بيت لاهيا بزراعة: التوت الأرضي، والزهور، والخضروات، والحمضيات والتفاح. أما بالنسبة للصناعة، فكانت مصانع الخياطة منتشرة وخاصة في مشروع بيت لاهيا، حيث كان إنتاجها يصدر إلى الخارج، وفي الفترة الأخيرة نتج عن إغلاق المعابر هجرة المصانع إلى الأردن ومصر.

وعقب انتهاء حرب عام 1948، وقعت حكومة الاحتلال مع مصر اتفاق هدنة دائمة بموجبه تم تحديد المناطق الواقعة على جانبي خط الهدنة والذي يعرف باسم الخط الأخضر الذي بات يفصل الأراضي التي باتت تقع تحت السيطرة أو الحكم المصري منذ ذلك التاريخ.


                                         المستشفى الإندونيسي ـ بيت لاهيا

واستمر الوضع حتى حرب حزيران/ يونيو عام 1967، حيث اجتاح جيش الاحتلال قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء والجولان السوري واحتلها جميعا، ومنذ ذلك الوقت وقعت مدينة بيت لاهيا تحت نفوذ الاحتلال واستمر الوضع كذلك حتى عام 2005.

ثم أخلى الاحتلال قطاع غزة من المستوطنات مثل "نيسانيت" و"دوغيت" و"إلي سيناي" عام 2005.
وهو نفس العام الذي فازت فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في انتخابات البلديات والمجالس المحلية، وقد أصبح القطاع في عام 2006 خاضعا بالكامل لحكم "حماس".

وبسبب القرب النسبي للبلدة وأراضيها من الخط الأخضر وأراضي فلسطين المحتلة عام 1967 فقد كانت أحد المواقع لإطلاق صورايخ "القسام" باتجاه الاحتلال في انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، وخلال الحروب التي شنت على قطاع غزة فيما بعد تعرضت المدينة لقدر كبير من القصف والتخريب والتجريف على يد الجيش الإسرائيلي، وقد استشهد واعتقل العديد من سكانها على مدى السنوات الماضية.

ومع تواصل العملية العسكرية الإسرائيلية على جميع أنحاء قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فقد نفذ جيش الاحتلال عملية اعتقالات  وقتل وتدمير عشوائية وتعسفية في مدينة بيت لاهيا شمال القطاع وغيرها من مدن ومناطق القطاع.


                                                    بيت لاهيا تحت القصف

وكانت بيت لاهيا بشوارعها وأحيائها وحتى شاطئها شاهدة على أبشع المجازر الصهيونية التي ارتكبتها قوات الاحتلال، ولا تزال حتى يومنا هذا ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.. ويواجه جيش الاحتلال مقاومة شرسة وعنيفة وبطولية من قبل المقاومة التي أوقعت به خسائر فادحة على أرض بيت لاهيا.

المصادر

ـ  "المدن الفلسطينية في حدود الأراضي المحتلة عام 1967"، "بيت لاهيا"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
ـ "المرصد الأورومتوسطي يوثق تنكيلا إسرائيليا بفلسطينيين داخل مركزي نزوح في بيت لاهيا"، قناة المملكة الأردنية، 7/12/2023.
ـ "مدينة بيت لاهيا"، منظمة التحرير الفلسطينية ( دائرة شؤون المغتربين)، 10/11/2023.
ـ أحمد فياض، "أطفال مجزرة بيت لاهيا شهود على جرائم الاحتلال"، الجزيرة نت،  18/1/2005 .