ملفات وتقارير

"عربي21" ترصد كيف يقضي الفلسطينيون الهدنة بعد 50 يوما من الحرب

بعد 50 يوما من الحرب دخل قطاع غزة في هدنة إنسانية لأربعة أيام - إكس
يسعى الفلسطينيون في قطاع غزة إلى استغلال فترة الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار المؤقت بطرق مثلى، إذ يقضونها ما بين الاطمئنان على ذويهم ومنازلهم أو حتى البحث عنهم، وبين تأمين أمور المعيشة والغذاء.

وبدأت الهدنة الإنسانية في قطاع غزة الساعة السابعة من صباح أمس الجمعة، ومن المتوقع الإفراج عن 50 من أسرى الاحتلال مقسمين على 4 أيام، مقابل 150 أسيرا فلسطينيا.

انتشال الجثث من تحت الركام 
يقول محمود (40 عاما) وهو أحد الناجين من قصف طال منزل عائلته في حي الشجاعية، لـ "عربي21" إنه كان ينتظر الهدنة بفارغ الصبر من أجل استكمال انتشال جثامين عائلته من تحت الركام.

وفقد محمود كلا من والده وزوجته وأولاده وإخوته وزوجاتهم خلال استهداف منزله، حيث كان الرجال في الطابق العلوي من البناية وجرى انتشالهم، أما كل من هو في الطابق الأرضي ما زال تحت الركام، وفق حديثه. 

وحد انقطاع الوقود في القطاع من إمكانيات الإنقاذ التي ينفذها الدفاع المدني، مع عدم إتاحة استخدام الجرافات أو المعدات الثقيلة، وذلك أيضا خشية من الاستهداف الإسرائيلي.

ويضيف محمود: "تخيل أنك تعرف أن أفراد عائلتك شهداء تحت الحجارة ولا تستطيع فعل شيء، حتى حق الميت في الدفن والحزن عليه محرومون منها".

لقاء الأهل بعد حرب دامية 
بدورها، تقول دانة (33 عاما) لـ "عربي21": "لم ألتق بعائلتي من قبل الحرب بأسبوع بسبب ضغط العمل، ثم لأكثر من 47 يوما بسبب الحرب، كدت أنسى ملامحهم وأصواتهم".

تتابع دانة أنها تسكن في مدينة غزة، ثم نزحت مع عائلة زوجها إلى منطقة أخرى، وبعدها مرة أخرى إلى مخيم النصيرات ضمن المنطقة الجنوبية للقطاع.

وتوضح: "في النصيرات كانت الاتصالات منعدمة تقريبا بسبب تضرر الشبكة، ضربوا (القصف الإسرائيلي) وحدات التقوية المنتشرة فوق البيوت العالية، كنا لا نعرف أخبار عائلاتنا لأسابيع سوى من لحظات اتصال بسيطة بالإنترنت تتم على فترات متباعدة حسب المتوفر".

وتشير إلى أنها تمكنت أخيرا من زيارة عائلتها في مكان نزوحهم، في رحلة استغرقت عدة ساعات تمت بواسطة عربة. 

العودة للعمل 
أما مها (38 عاما) فتحولت من موظفة في مؤسسة إغاثية دولية إلى نازحة تسعى للاستفادة من برامج الإغاثة، وفق حديثها لـ "عربي21". 

وخلال فترة الهدنة عادت مها للعمل من أجل جمع مستفيدين من البرامج الطارئة التي ستطلقها مؤسساتها خلال الأيام المقبلة.

وتضيف: "لطالما كان لدينا قاعدة أن المستفيدين يجب بحثهم ميدانيا بشكل دقيق وألا تكون هناك أي علاقة سواء قرابة أو صداقة بين العامل في المؤسسة والمستفيد، إلا أنه في ظل الظروف الحالية طالبت المؤسسة منا الاستفادة من المساعدات مع تزويدها بأسماء معارفهم وأقاربهم على وجه السرعة".

البحث عن مأوى 
الأمر كان مختلفا بالنسبة لسليمان (40 عاما) النازح في أحد مراكز الإيواء، إذ أعطى الأولوية لإيجاد مكان بديل لعائلته التي تعاني منذ أسابيع من نقص المياه والمرافق الصحية.

يقول لـ "عربي21": "أمتلك أموالا ومعارف وعلاقات واسعة لكني عاجز عن توفير مكان صحي لعائلتي، أبحث عن شقة للإيجار بأي ثمن ولا يوجد". 

ويضيف: "أطفالي الذين كانوا في مدارس ومراكز تعليمية مرموقة أصبحوا الآن يقفون على طابور الحمام والمياه وكل فترة يصابون بالقمل.. إحنا مش أحسن من الناس هذا حال الجميع لكننا تعبنا". 

ويبين: "أبحث الآن حتى لو على خيمة للإقامة فيها مع سطل (جردل) وأكياس بلاستيكية من أجل قضاء الحاجة بكرامة، ومن شدة التعب في الأيام الماضية قمت بالنوم وأنا متمدد على فرشة بالية، وأيقظتني زوجتي وأنا غارق في ماء المطر دون أن أشعر بذلك".

ويتابع: "أبحث عن مكان للإقامة، لأنه سيكون مقر العيش لفترة غير معلومة، أعرف أن بيتي تهدم، أخبرني أحد الجيران بذلك لكني لم أخبر أحدا حتى الآن لأن الأمل يعطيهم قوة المواصلة، الحمد لله على كل حال".

الفرحة تعم المكان 
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر الفرحة التي بدت على وجوه الأطفال أثناء العودة إلى منازلهم، وبينما بقيت غزة لـ 49 يوما دون وقود، ابتهجت العائلات بوصول الوقود للقطاع.  

وشارك بعض أبناء القطاع صورهم في أول أيام الهدنة والبسمة تبدو على وجوههم، وشبه آخرون أول أيام الهدنة بالعيد. 






أما بعضهم الذي كان يتفقد عائلته وأقاربه كانت الهدنة فرصة للقاء، إذ التقت نور عاشور بخطيبها الذي يعمل في مستشفى الشفاء طيلة أيام الحرب مع انقطاع تام للتواصل بينهم. 

وكتبت على منصة إكس (تويتر سابقا): "لأول مرة أجتمع بخالد بعد 45 يوما، وقلت سابقاً إني على ثقة به أنه لم يخذل أحدا وسيخرج آخر شخص من مجمع الشفاء، وفعل ". 


بينما تداول ناشطون مقطع فيديو للطفل عبدالله نافذ والذي يعبر به عن فرحته بالهدنة: "سامعين فش صوت طيارات، صار في هدنة، بس مؤقتة، يا رب تنحل الأمور وتصير هدنة أبدية، والله الدنيا حلوة بدون صوت القصف".