كتب

إسرائيل في مفترق طرق.. تقييم استراتيجي لمنتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي

هناك دائرة متسعة من الحملات المناهضة لإسرائيل، تعمل فيها جميع العناصر بجهد منسق وموحد لتحقيق هدف مشترك..
في 4 تشرين أول / أكتوبر 2022، نشر منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي تقييما استراتيجيا، عنوانه: "تقييم استراتيجي لإسرائيل: الحملة المتكاملة ضد الصهيونية". ويقدم التقييم صورة شاملة للمشهد الاستراتيجي الإسرائيلي، ومستقبل المشروع الصهيوني. وهو تقييم مهم لقراءة الحرب الدائرة الآن، والسيناريوهات المتوقعة لها، ومدى تأثيرها على مستقبل العدو، والقضية الفلسطينية، والشرق الأوسط.

ومنتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي "The Israel Defense and Security Forum IDSF" هو منتدى بحثي مكون من ضباط احتياط بالجيش الإسرائيلي وخبراء عسكريين وسياسيين، ويُعرف نفسه بأنه "حركة صهيونية أمنية، هدفها وضع أمن إسرائيل كأولوية وطنية قصوى، بما يضمن سيادة الشعب اليهودي لأجيال قادمة. ويركز على نشر رسالة مفادها أن أمن إسرائيل يجب أن يحدد سياسة الدولة".

هل هي بداية النهاية للمشروع الصهيوني؟

يناقش التقييم المخاطر التي تواجهها إسرائيل اليوم، والسؤال الذي يؤرق الصهاينة منذ نشأة الكيان: من سيطفئ النور الأخير؟ إن القضية لديهم اليوم إما الاحتشاد والمواجهة؛ وإما الزوال.

يقول التقييم:  "تقف إسرائيل على مفترق طرق يعكس تراكم قوات أعدائها على مدى سنوات عديدة، داخليا وخارجيا. وهي تواجه خيارين: سيناريو حرب الأيام الستة 1967، أو سيناريو حرب يوم الغفران 1973".

ويضيف: "يستثمر أعداؤها بسرعة موارد كبيرة في بناء قوة هجومية متعددة الطبقات ضد إسرائيل. ويدمجون كل مراكز الثقل في شبكة من أدوات الضغط على معادلة الردع الإسرائيلي خارجيا ودخليا. لذا، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يتركز تفكيرها الاستراتيجي في مفهوم دفاعي، وتتوقع فقدان الردع، وتختار الصمت في هذه المرحلة وعدم معالجة الأسباب الجذرية لعدم قدرتها على التوصل إلى حلول ولو مؤقتة".

ويتابع: "وللمرة الأولى منذ قيام الدولة، تكون إسرائيل في حالة انسحاب منهجي ضد أعدائها، الوقت في صالحهم؛ وليس في صالح إسرائيل. وهذا يعني أنه في غضون عقد أو عقدين، سيكتسبون القدرة على تشكيل تهديد وجودي كبير على إسرائيل. وإذا استمرت هذه التطورات بالوتيرة الحالية، فقد تجد إسرائيل نفسها عرضة للإصابة بشلل في الأنظمة المتعددة يجعلها مكشوفة ومعرضة للخطر، إلى درجة تصبح فيها قدرتها على العمل، أو حتى الوجود، موضع تساؤل جدي".

ويقول: "إن عدالة القضية الصهيونية تتعرض لتحد غير مسبوق من العناصر العربية. على كل مستوى، هناك قمع واسع النطاق يكاد يكون كاملا للروح الصهيونية. وتعاني إسرائيل خسارة كاملة على كل الجبهات تقريبا".

جهات الخطر والتهديد.. الحملة الوطنية الفلسطينية ضد الصهيونية

في الآونة الأخيرة، عادت إلى الظهور على نحو متزايد حقائق بديهية عميقة الجذور فيما يتعلق بالصراع في إسرائيل. هناك أيديولوجية متماسكة آخذة في الاحتشاد عند بدو النقب، والمجتمع العربي داخل إسرائيل، الضفة الغربية وغزة. هناك اتفاق من حيث المبدأ على أنه لا مكان للصهيونية في إسرائيل، التي يُنظر إليها على أنها كيان أجنبي، يجب التسامح مع وجوده حتى يتم الحصول على وسائل تقويضه والتخلص منه. هناك تعاطف مع حماس. تُرفع أعلامها وأعلام منظمة التحرير بجرأة أكثر من أي وقت مضى. ويشارك قطاعات من المجتمع العربي داخل إسرائيل في إحياء ذكرى النكبة وذكرى النكسة، ويدعمون الكفاح المسلح، وينخرطون في الأنشطة التحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت نتيجة أحد الاستطلاعات، أن 75% من العرب لا يعترفون بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية.

الساحة الإيرانية الإقليمية

إسرائيل اليوم على مفترق طرق حاسم في مواجهة البرنامج النووي العسكري الإيراني المتسارع. وتكثف إيران جهودها لتخصيب اليورانيوم التي وصلت إلى مستوى قياسي يكفي لتصنيع 4 قنابل نووية في أقل من ثلاثة أشهر. وأصبحت أكثر جرأة من أي وقت مضى على الرغم من العقوبات الدولية. وتمتلك إيران أيضا مشروع صواريخ باليستية يمكن أن يوجه ضربات قاتلة لإسرائيل. كما يسعى الأخطبوط الإيراني إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة عبر استخدام فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ومن خلال حشد وكلائه في المنطقة، ولا سيما حزب الله وحماس.

ويشكل حزب الله وحماس تهديدا مزدوجا في شمال وجنوب إسرائيل بسبب حيازتهم لمئات آلاف الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة، وجهودهم لتجنيد عرب إسرائيل. كما تكثف حماس جهودها لتوحيد كافة الجبهات وتوسيع مفهومها الاستراتيجي.

حملة نزع الشرعية بقيادة فلسطينية

في السنوات الأخيرة، هناك فهم متزايد بأن نطاق الدفاع الإسرائيلي يمتد إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة أو العمل الديبلوماسي. إن حركة نزع الشرعية هي معركة من أجل القلوب والعقول، وأصبحت تتحدى إسرائيل على المستوى الاستراتيجي. وهي جهد منسق تقوم به منظمات، بما فيها منظمات إسرائيلية ومنظمات أجنبية ومؤسسات دولية. يقول هؤلاء إن إسرائيل ليس لها حق في الوجود كدولة يهودية داخل أي دولة مهما كانت حدودها. وتقود حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

سيناريو تعدد الجبهات ومحفزات المواجهة

هذه الأحداث ليست أكثر من مقدمة لحملات منخفضة الحدة قد تصل إلى ذروتها في سيناريو تعدد المسارح.

ويمكن إثارة هذا النوع من السيناريوهات من خلال المحفزات الرئيسية التالية:

ـ ضربة استباقية إسرائيلية ضد البنية التحتية النووية الاستراتيجية لإيران.

ـ ضربة استباقية إسرائيلية للبنية التحتية لوكلاء إسرائيل مثل حزب الله في لبنان، حماس في غزة.

ـ وحدة المسارح: إثارة أزمة أمنية في أحد المسارح، على غرار أحداث حراس الجدار 2021، يؤدي إلى تأجيج الأزمة من خلال جذب مسرح أو أكثر للمشاركة فيها.

ـ ساعة الصفر: حيث يقتنص العدو فرصة شل القدرات الاستراتيجية لإسرائيل بضربة واحدة.

ـ نقطة الغليان: إن حدوث تطور في مسرح واحد يرسل تأثيرا مضاعفا إلى المسارح الأخرى. وقد تكون نقطة الغليان: انهيار السلطة الفلسطينية، أو ترسيخ حماس موقفها بما يكون كافيا لإعلان غزة دولة ذات سيادة. وهو تطور حاسم في المنطقة والساحة الدولية.

ـ نقطة الانصهار: وصول عملية بناء القوة إلى نقطة الانصهار مثل التوترات الدينية في القدس الشرقية، أو وصول المسارح المتعددة الفلسطينية والعربية والبدوية إلى ذروة التزامن بينها، مما يؤدي إلى تفجر الأوضاع. 

في اليوم الذي يتحقق فيه أحد هذه السيناريوهات، قد تجد إسرائيل نفسها غير مستعدة للحرب، إلى درجة وصولها إلى نقطة اللا عودة.

توصيات التقييم

إلحاح هذه التهديدات وخطورتها وتراكمها يتطلب نقلة نوعية من وضع اكتشاف الأخطاء وإصلاحها إلى حالة الطوارئ العقلية التي تركز على توجيه سياسات النظام بأكمله في إسرائيل للتعامل مع المسارح المتعددة. هناك حاجة وطنية لصناع قرار يقومون بوضع استراتيجية للخروج من حالة الجمود في مواجهة مجموعة التهديدات المتكاملة. تتطلب هذه الاستراتيجية:

ـ رسم خريطة متكاملة للتهديدات.

ـ وضع الأنظمة والتدابير اللازمة لجعل الدولة جاهزة لحالة الحرب ومستعدة لكل التهديدات.

ـ اتخاذ الإجراءات الوقائية للتعامل مع المسارح المتعددة.

ـ توفير موارد كبيرة لإعداد وتعزيز القوى المدنية والقانونية والعسكرية.

ـ تنفيذ تحول جوهري في فهم خطورة الوضع.

أولا ـ الحملة الوطنية الفلسطينية ضد الصهيونية

تحدث التقييم عن كيفية التعامل مع الوضع داخل فلسطين، بالإضافة لحماس. لذا، أفرد التقييم جزءا مهما من التوصيات لموضوع "الالتحام الأيديولوجي للمسارح العربية والبدوية والفلسطينية والاستيلاء على العمق الإقليمي". وأدرج فيه توصيات تتعلق بالحكومة الإسرائيلية لكي تحكم قبضتها على الداخل الفلسطيني:

حماس:

حتى بدون تصعيد مع غزة، يجب على إسرائيل شن حملة مفتوحة على حماس لتقويض قوتها، بما في ذلك التصفية المستهدفة لكبار الشخصيات في حماس. يجب خنق حماس لمنع تطورها إلى تهديد استراتيجي على الجبهة الداخلية لإسرائيل.

على المستوى الاستراتيجي، وبعد عملية حارس الجدار مايو آيار 2021، يتعين على إسرائيل صياغة خطة جديدة تتعلق بديناميكيات علاقتها المستقبلية مع غزة، بحيث تكون تحت إشراف دولي مع عدم وجود عنوان سياسي فيها، وهذا من شأنه أن يخفف الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي.

الداخل الفلسطيني والضفة الغربية:

على من يتولون مقاليد الحكم الاعتراف بأن الاعتماد على الأدوات المدنية والمنطق الأمني لاكتشاف الأخطاء وإصلاحها لم يعد يصلح الآن. فدوائر التهديد تضيق أكثر وأكثر على إسرائيل، داخلها وحواليها. وعلينا أن نستعد للدخول في مواجهة متعددة المسارح:

ـ تفعيل إنذار طوارئ متعدد الأنظمة والطبقات.

ـ اتخاذ إجراءات ضد مثيري الشغب العرب في المدن المختلطة والريف، مشعلي حرائق الغابات، والإرهابيين في الطرق السريعة.

ـ منع لم الشمل والدخول غير القانوني عبر الحدود. اتخاذ إجراءات حازمة ضد مثيري أعمال الشغب في البلدة القديمة ومواقع التراث الوطني في الضفة الغربية.

ـ معاقبة المحرضين على أعمال الشغب ويجب إعدامهم فورا أو احتجازهم وترحليهم.

ـ تخفيف نقاط الاحتكاك، تعزيز قدرة البلاد على الصمود، والقيام بمناورة لحرب محتملة.

ـ إنشاء الحرس الوطني لمساعدة قوات الأمن وتوفير الموارد اللازمة لدعم حرس الحدود والشرطة.

ـ حملة واسعة لمصادرة الأسلحة غير القانونية عند البدو وعرب الداخل.

لا يمكن لإسرائيل تحمل خسارة الحرب. ولكنها في الواقع، ورغم أنها تواجه حشدا كبيرا من القوة المعادية، فإنها تخسر في أكثر من مسرح، فهناك تراكم في القوة العسكرية لدى المليشيات، وقوة السكان العرب والبدو الفلسطينيين، وقوة إيران في المنطقة. وقد يكون التأثير النهائي لهذا التراكم في المسارح المتعددة خسارة الحرب وتهديد المشروع الصهيوني.
ـ تعزيز الحدود بقوات عسكرية لمنع محاولات التهريب.

ـ إزالة أي عوائق أمام الاستيطان اليهودي. وينبغي توطين كتلة من اليهود في وادي الأردن. فإن ذلك بمثابة قوة مضاعفة لقوة الأمن، ويمثل توزيعا أفضل للسكان الذين يتركز 60% منهم في منطقة جديرا ـ الخضيرة.

ـ تصنيف السلطة الفلسطينية ككيان إرهابي، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية وقانونية عليها حتى تتوقف عن التحريض على الإرهاب وتمويله وتشجيعه لما تدفعه من 300 مليون دولار سنويا للأسرى وعائلات من قتلوا في عمليات ضد إسرائيل.

ـ السيطرة الكاملة على غور الأردن باعتباره الجزء الشرقي لإسرائيل والجدار الدفاعي بالمعنى الأوسع.

ـ السيطرة الكاملة على المنطقة ج كترتيب سياسي يعطي الأولوية لمصالح الأمن القومي الإسرائيلي.

ـ الهدم الفوري للمنازل العربية غير المرخصة في المنطقة ج والنقب والجليل والمثلث، والإخلاء التدريجي لآلاف المنازل التي بنيت هناك.

ـ إعادة هيكلة قوات الاحتياط التي تشكل 60% من القدرات القتالية للجيش الإسرائيلي، والتي شهدت تقليصا كبيرا لصالح التحول إلى الاعتماد على الوسائل التكنولوجية، مما يعرض للخطر بشكل خطير قدرات إسرائيل للاستعداد للحرب. 

ثانيا ـ الساحة الإيرانية والإقليمية

إن إسرائيل تقترب من لحظة الحقيقة في مواجهة التهديد بالإبادة النووية والتهديد الصاروخي من جانب إيران ووكلائها الإقليميين الذين يعملون ضد المشروع الصهيوني:

إيران:

"الرفض المطلق لتملكها أي قدرات لإنتاج أسلحة نووية بما في ذلك الاستعداد لعمل هجومي ضد المنشأت النووية والبنى التحتية الاستراتيجية بغض النظر عن الاتفاقيات الدولية مع إيران وعلى رأسها الاتفاق النووي، وذلك بأقل تكلفة ممكنة بما فيها تشكيل جبهة ضد إيران وتوجيه عمليات استباقية محدودة والعودة إلى ممارسة سياسة الضغط الأقصى للمجتمع الدولي على إيران".

حزب الله ووكلاء إيران:

على إسرائيل تحقيق استنزاف مستمر لتراكم البنية التحتية لوكلاء إيران، ويجب اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتحقيق التفاعل والردع العسكري والمبادرة الاستباقية على المستوى التكتيكي العسكري. وعلى إسرائيل وضع حل حاسم لحزب الله، وذلك لتعزيز مكانتها الإقليمية. وعلى الرغم من فعالية العمليات غير العسكرية إلا أنها لم تتمكن من إيقاف التهديد:

ـ ضربة استباقية لتحييد هذه الورقة الإيرانية، والتي من شأنها الحد من تراكم البنى التحتية للصواريخ والمسيرات وأنظمة التحكم والتصنيع العسكري.

ـ حشد المجتمع الدولي ضد حزب الله.

العلاقات مع الدول العربية:

تقوية الجهود المستمرة لتعزيز اتفاقيات إبراهيم مع العالم العربي المعتدل. وهذا يشمل الجهود المبذولة لإبرام اتفاقيات مماثلة مع دول عربية أخرى، ولكن مع تعميق العلاقات السرية مع الدول العربية الأخرى بهدف إنشاء تحالف يتمحور على المصالح المشتركة مثل التهديد الإرهابي ومكافحة الإرهاب والاستخبارات والسلام الاقتصادي ومكافحة الأوبئة. كما يجب تعزيز التحالفات مع مصر والأردن.

الأقليات الدينية والعرقية:

العمل على إقامة علاقات مع الأقليات ذات التفكير المماثل في المنطقة: الأكراد والدروز والمسيحيون وغيرهم.

ثالثا ـ ترسيخ مكانة إسرائيل الدولية

هناك دائرة متسعة من الحملات المناهضة لإسرائيل، تعمل فيها جميع العناصر بجهد منسق وموحد لتحقيق هدف مشترك:

ـ تعزيز تحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل من خلال اتفاقيات طويلة الأمد في المجالات البحثية والتنمية والتكنولوجيا والانترنت.

ـ تكثيف التعاون للاعتراف بإسرائيل كمركز تكنولوجي عالمي.

ـ تعميق العلاقات والتحالفات مع العالم العربي المعتدل ومع القوى الناشئة مثل الهند والبرازيل وسلسلة أخرى من الدول حول العالم لضمان هامش المناورة السياسي لإسرائيل ووضعها السياسي العالمي.

ـ الاستفادة من تجديد العلاقات مع تركيا لتقليل نفوذ أنقرة في القدس وتقويض دعمها لحماس، مع وضع المصالح السيادية الإسرائيلية في المقدمة والمركز، وخارج ذلك قد يعرض أمنها القومي للخطر.

ـ إنتاج وضع تنافسي عالمي لإسرائيل وبشكل خاص لدى القوى العظمى الناشئة، وتوجيه هذه القوى بعيدا عن القوى المتطرفة في المنطقة. ومن شأن ذلك أن يخفف النفوذ الأمريكي على إسرائيل، ويخلق منافسة على استخدام حق الفيتو لصالح إسرائيل ضمن أمور أخرى.

ـ وضع خطة إعادة التوازن لاستراتيجية متعددة السنوات للمساعدات الأمنية الأمريكية طويلة المدى، بهدف تعزيز قوة إسرائيل واستقلالها الاستراتيجي في جميع قدراتها.

الخلاصة

لا يمكن لإسرائيل تحمل خسارة الحرب. ولكنها في الواقع، ورغم أنها تواجه حشدا كبيرا  من القوة المعادية، فإنها تخسر في أكثر من مسرح، فهناك تراكم في القوة العسكرية لدى المليشيات، وقوة السكان العرب والبدو الفلسطينيين، وقوة إيران في المنطقة. وقد يكون التأثير النهائي لهذا التراكم في المسارح المتعددة خسارة الحرب وتهديد المشروع الصهيوني.

لم يعد بوسع إسرائيل أن تقبل الحلول المؤقتة، ويجب عليها:

ـ أن يكون الهدف: نضال متجدد من أجل استقلال إسرائيل وديمومة الصهيونية.

ـ إيجاد حل استراتيجي جذري وحاسم للتعامل مع أسباب وزخم الحملة متعددة المسارح الجارية ضدها.

ـ إطلاق حملة متكاملة لمنع التحام دوائر التهديد.

ـ تجنب أي فعل أو تهديد أو احتكاك مع مراكز الثقل الاستراتيجية المعادية والعاملة ضدها.

ـ وضع خطة وطنية كخطة حرب الأيام الستة عام 1967 التي تميزت بالضربة الاستباقية ضد العدو. تتجنب هذه الخطة ما حدث في حرب أكتوبر 1973، من غياب المبادأة والكفاءة النظامية.

ـ صقل القدرات الأمنية والعسكرية والتكنولوجية والمادية لتغيير قواعد اللعبة وخريطة التهديدات الجيواسترتيجية التي تواجه إسرائيل.

إن إسرائيل بطيئة في التعامل مع التهديدات الوجودية التي تلوح في الأفق. وعليها أن تختار بين الهجوم لتحرز النصر، أو أن تتلقى الضربة القاصمة. وعليها أن تغير أولوياتها بشكل جذري، وأن تكثف استعداداتها لحرب جديدة على غرار حرب الاستقلال.