كتاب عربي 21

هل تعود تانسو تشيلر إلى المعترك السياسي التركي؟

1300x600
شهدت الساحة السياسية التركية، الشهر الماضي، تحركات حثيثة للمعارضة جمعت ستة أحزاب في تحالف يقوده الثنائي حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، ويهدف إلى تغيير النظام في البلاد من الرئاسي المعمول به حاليا إلى البرلماني القديم، إلا أن العملية العسكرية التي أطلقتها القوات الروسية لاحتلال أوكرانيا لفتت انتباه الرأي العام عن تلك التحركات.

هناك حديث يدور في الكواليس الإعلامية والسياسية التركية حول تحرك آخر لم يتضح حتى اللحظة إلى أي مرحلة وصل، إلا أنه في حال اكتماله قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة المقرر إجرؤها في صيف 2023، سيكون بالتأكيد لصالح تحالف الجمهور الذي يشكله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، وسيربك حسابات المعارضة عموما والحزب الجيد على وجه الخصوص.

رئيسة الوزراء السابقة، تانسو تشيلر، قالت قبل أيام في برنامج تلفزيوني إنها مشتاقة إلى الشعب التركي، مشيرة إلى أنها لم تتخذ بعد قرارها النهائي بشأن العودة إلى الساحة السياسية، إلا أنها لن تفعل أي شيء من أجل الكرسي مهما كان ذاك القرار. وتم اعتبار هذه التصريحات مؤشرا إلى استعداد تشيلر للعودة إلى ممارسة الأنشطة السياسية بعد حوالي 20 عاما.
هناك حديث يدور في الكواليس الإعلامية والسياسية التركية حول تحرك آخر لم يتضح حتى اللحظة إلى أي مرحلة وصل، إلا أنه في حال اكتماله قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة المقرر إجرؤها في صيف 2023، سيكون بالتأكيد لصالح تحالف الجمهور الذي يشكله حزب العدالة والتنمية

تشيلر دخلت المعترك السياسي التركي في 1990 تلبية لدعوة رئيس الجمهورية الأسبق سليمان دميريل، وانضمت إلى صفوف حزب الطريق المستقيم الذي كان يرأسه دميريل. وفي الانتخابات التي أجريت في 1991، دخلت البرلمان، وعينت وزيرة الدولة المسؤولة عن الاقتصاد في الحكومة الائتلافية التي تشكلت جراء الانتخابات. وبعد وفاة رئيس الجمهورية آنذاك، تورغوت أوزال، في 1993، انتخب دميريل رئيسا للجمهورية، وتولت تشيلر رئاسة حزب الطريق المستقيم، ليتم تكليفها في ذات العام من قبل دميريل بتشكيل الحكومة، وهكذا أصبحت أول مرأة تتولى رئاسة الوزراء في تاريخ تركيا.

شراكة حزب الطريق المستقيم مع حزب الرفاه في تشكيل الحكومة الائتلافية في حزيران/ يونيو 1996، وتمكين هذه الشراكة نجم الدين أربكان من تولي رئاسة الوزراء، كانت من أهم المحطات في حياة تشيلر السياسية، وأدّت إلى تعرضها لغضب قوى الوصاية العلمانية التي أسقطت تلك الحكومة بعد عام بانقلاب وصف بـ"ما بعد الحداثة". وتخلت تشيلر عن رئاسة حزب الطريق المستقيم عام 2002، بعد فشل حزبها في تجاوز حاجز 10 في المائة في الانتخابات، وخرجت من المعترك السياسي.

أول ظهور لتشيلر بعد غياب طويل عن الأنظار كان في مهرجان إسطنبول الانتخابي الكبير الذي نظمه حزب العدالة والتنمية، قبيل الانتخابات الرئاسية في 2018 في "ميدان يني كابي" في مدينة إسطنبول، بمشاركة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان. وكان ذاك الظهور رسالة دعم لأردوغان.
تشيلر تنتقد بشدة مساعي التحالف المعارض للعودة إلى النظام البرلماني، وقالت في حوار مع صحيفة "يني شفق"، إن تصوير النظام البرلماني كـ "أمل" خيانة للشعب، مشيرة إلى أن تركيا يجب أن لا تحكمها حكومات ائتلافية، وأنها عاشت بنفسها ما تعنيه تلك الحكومات

رئيسة الحزب الجيد ميرال آكشنير دخلت المعترك السياسي التركي في انتخابات 1994 المحلية كمرشحة عن حزب الطريق المستقيم لرئاسة بلدية قوجا إيلي، كما دخلت البرلمان التركي عام 1995، وعينت وزيرة للداخلية في تشرين الثاني/ نوفمبر 1996 بعد استقالة سلفها مهمت آغار. ويقال إن فتح الله غولن هو الذي قام بتزكية آكشنير لتكون أول امرأة تتولى حقيبة الداخلية في تاريخ تركيا.

وقالت آكشينر قبل أيام في برنامج تلفزيوني إنه يتبادر إلى ذهنها أردوغان كلما سمعت اسم تشيلر، في إشارة إلى تغير الأخيرة بعد عقدين ودعمها لرئيس الجمهورية التركي.

تشيلر تنتقد بشدة مساعي التحالف المعارض للعودة إلى النظام البرلماني، وقالت في حوار مع صحيفة "يني شفق"، إن تصوير النظام البرلماني كـ"أمل" خيانة للشعب، مشيرة إلى أن تركيا يجب أن لا تحكمها حكومات ائتلافية، وأنها عاشت بنفسها ما تعنيه تلك الحكومات. وأكدت أن أداء الحكومات الائتلافية أسوأ من أداء الانقلابيين، وأن نسبة نمو الاقتصاد التركي تكون أعلى في ظل الحكومات التي يشكلها حزب واحد.
أحزاب تحالف الملة الانتخابي قلقة للغاية من تحركات تشيلر الأخيرة، لأنها سوف تعيد إلى تحالف الجمهور على الأقل تلك النسبة من الأصوات الهاربة منه بعد انضمام أحمد داود أوغلو وعلي باباجان إلى التحالف المعارض

هناك سيناريوهات يدور الحديث حولها، منها تأسيس تشيلر حزبا جديدا أو انضمامها إلى أحد الأحزاب الصغيرة لتتولى رئاسته. ويبدو أن هذا الأخير هو الاحتمال الأقوى في الظروف السياسية الراهنة. ويقال إن رئيسة الوزراء السابقة ستنضم إلى "حزبنا" الذي تأسس في 2020 وغيّر اسمه الشهر الماضي إلى "حزب تركيا الكبيرة". ومن المتوقع أيضا أن ينضم حزب تشيلر إلى تحالف الجمهور الانتخابي.

أحزاب تحالف الملة الانتخابي قلقة للغاية من تحركات تشيلر الأخيرة، لأنها سوف تعيد إلى تحالف الجمهور على الأقل تلك النسبة من الأصوات الهاربة منه بعد انضمام أحمد داود أوغلو وعلي باباجان إلى التحالف المعارض. ومن المؤكد أن الحزب الجيد برئاسة آكشنير سيكون أكبر متضرر من عودة تشيلر إلى الساحة السياسية وانضمامها إلى تحالف الجمهور، لأن آكشنير ستكون في مواجهة امرأة أقوى منها، وخبيرة في الاقتصاد درست الماجستير والدكتوراة في أرقى الجامعات الأمريكية، وكانت يوما معلمتها في السياسة.

twitter.com/ismail_yasa