قضايا وآراء

منظومة الفشل المصري.. النقل والتعليم نموذجين

1300x600
التاريخ والواقع والمستقبل يؤكد الفشل الحاضر والقادم لاعتبار علمي دقيق؛ هو مستوى التعليم والتدريب والكفاءة والإدارة دون المستوى، فماذا تنتظر إذاً؟! المسألة لا ترتبط بمجرد أشخاص، لكنها منظومة الاختيار ومواصفات الترشيح ونمط التدبير وفكر الإدارة.. ثقافة الدفاع والتبرير بل وتصدير الأزمات للغير لصناعة شماعة، والهروب من تحمل المسؤولية والإخفاق لدرجة اتهام وزير النقل لـ43 ألفا من العاملين بعدم التعاون، واتهام وزير التعليم لقرابة المليون ونصف المليون من المعلمين والعاملين في الوزارة بأوصاف يحاسب عليها القانون.

وزارة النقل

جاء الفريق كامل الوزير من على رأس الإدارة الهندسية للقوات المسلحة، والتي ظل الترويج لها طوال السنوات السابقة بهدف إثبات أن الجيش هو الحل، لدرجة سطع فيها نجم الفريق كامل الوزير بدرجة تهدد مكانة السيسي شخصيا، فكان الحل هو إزاحته إلى وزارة العمل فيها يعاني مخاطر وتهديدات الحروب لما يحدث فيها من كوارث يترتب عليها الوفيات والإصابات حتى أطلق عليها وزارة الموت، سواء حوادث السير أو القطارات.

طلب الجنرال مهلة ثلاثة شهور لتطوير الوزارة خاصة السكة الحديد، وأتيحت له كل الموارد المطلوبة، وكانت النتائج دون المستوى المتوقع كما هو المتوقع. فالمشكلة ليست في شخص الوزير أي وزير، لكنها في المنظومة، فكما أن النجاح منظومة فإن الإخفاق والفشل كذلك. لو أعطى الرجل لنفسه فرصة أطول لا تقل عن خمس سنوات، يقف في بدايتها على واقع الوزارة ويشخّص مشكلاتها، ويضع الحلول والبدائل ويرتقي بمستوى الإدارة بالكفاءات والتدريب والمتابعة والرقابة وأخذ فرصته في الوقت؛ لكان غير الذي كان، لكنها صعوبة الإدارة العسكرية للحياة المدنية التي تعتمد التعليمات وكأنه يتعامل مع جن سليمان عليه السلام.

عاش الجنرال هول الصدمة فوجه سهامه إلى الإخوان داخل الوزارة وعددهم 163 موظفا، وتم تحييدهم، لكن ما زالت الحوادث شبه يومية فخرج من عباءة الحكمة والرشد ووجه طلقاته نحو جميع العاملين وعددهم قرابة 43 ألف عامل بأنهم لا يتعاونون. وكان من الطبيعي الاستقالة بعد هذا التصريح لكنها لم تحدث، ولا أدرى كيف سيواصل الجنرال مع كبار العاملين وصغارهم وقد اتهمهم بعدم التعاون؟!

وزارة التعليم

جاء وزير التعليم باختيار منفرد من السيسي شخصيا، وظل الوزير يردد هذه المقولة بعقلية رجال الأمن وليس خبراء التعليم، ظنا منه أنها ستفتح له الأبواب المغلقة وتزيل العقبات الراسخة منذ عقود. جاء الوزير طارق شوقي يحلم ويحلق منفردا في عالم الأحلام دون دراسات ميدانية أو تجارب أولية، حين أوهم الأسرة والطالب أنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ منظومة التعليم المصرية. ثم اصطدم بالواقع البائس في كل شيء؛ من تدني مستوى المباني المدرسية وقلتها وعدم جاهزيتها، إلى تدني الخدمة التعليمية والتربوية والتي فشلت بامتياز في إنتاج وبناء الإنسان المصري المنشود بمواصفاتة الحضارية.

بدأت مظاهر الفشل تظهر وبدأ الوزير يرتبك ويعلق شماعة الفشل على المعلم الذي وصفه تارة بمعدوم الضمير، وتارة باللص وتارة بعدم الكفاءة، ثم انتقل إلى الأسرة يهاجم الأمهات بزعم تدخلهن في ما لا يفهمن فيه، وهو طبعا التعليم من وجهة نظره، وهو لا يدري أن الأم المصرية إن لم تكن خبيرة في التربية فإنها خبيرة في التعليم كما أنها خبيرة في الصحة بحكم المعاناة في كلاهما. ثم بدأ يحذر ويهدد بأن من جاء به هو السيسي شخصيا وأنه يحتمي به وأنه موجود ولن يقال، وأنه سيطبق نظامه التعليمي بقوة رغم الجميع.

ثم كانت الصدمة عندما صرح السيسي شخصيا في فرنسا وأمام العالم بأنه ليس لدينا تعليم جيد، وكما أعلن أيضا: "تسألونني عن التعليم وأنا أسألكم عن تحديد النسل".

الخلاصة: لا تعليم، ثم ها هو وزير التعليم يتراجع عن كل ما وعد به.. لا امتحانات غلكترونية ولا إلغاء لمكتب التنسيق ولا امتحانات متعددة تحسب للطالب فيها الدرجات الأعلى فقط.

وهكذا وصل الوزير لسياسة التصدير وهي المحطة الأخيرة قبل الرحيل، والتي سبقه إليها الوزير مختار جمعة وكامل الوزير وغيرهما، بأن الإخوان في أجهزة الدولة سبب الإخفاق والفشل العام. ربما يكون كل ما سبق تمهيد لقانون فصل الإخوان من أجهزة الدولة، بمعنى معركة تطهير على الخلفيات الفكرية والسياسية؛ لأن المجازر والمذابح والسجون والمنافي لم تكف ولم تشف غلواء مرضى النفوس والقلوب.

الخلاصة: ما تعانيه السلطة تعانيه المعارضة وقطاعات كثيرة من الشعب، وهو الإهدار والتكرار وإعادة التدوير للأشخاص والأفكار، فمن الطبيعي أن نصل لنفس النتائج (الإخفاق والفشل).