ملفات وتقارير

"حوارات سرية" بين قوى سياسية لإعلان حكومة طوارئ في العراق

العراق اجتماع لرئاسات العراق- رئاسة الجمهورية

كشفت جهات سياسية عراقية عن حوارات تجريها بعض القوى النافذة مع حكومة مصطفى الكاظمي، لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، والإعلان عن تشكيل حكومة طوارئ لإدارة البلد في المرحلة المقبلة.


وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع دعوات ناشطين لمظاهرات حاشدة في يوم 25 أيار/ مايو الجاري، تطالب بإسقاط النظام، وتدخل دولي لتشكيل حكومة طوارئ تُعد لانتخابات حرة ونزيهة، بسبب استمرار مسلسل الاغتيالات وانفلات السلاح.


تصريحات متضاربة


خلال مقابلة تلفزيونية، أمس الخميس، قالت البرلمانية العراقية عالية نصيف عن "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي؛ إن "قوى سياسية تجري حوارات للذهاب إلى خيار إعلان حكومة الطوارئ، وهذه الحوارات لم تطلع عليها غالبية الكتل السياسية".


وأفادت عضوة ائتلاف المالكي بأن "القوى السياسية اتفقت مع أطراف حكومية نافذة على تأجيل إجراء الانتخابات، وأن تذهب إلى تشكيل حكومة طوارئ مع انتهاء الدورة البرلمانية الحالية، أي تكمل 4 سنوات"، رافضة في الوقت ذاته الكشف عن أسماء هذه القوى.

 


لكن النائب كاطع الركابي عن الائتلاف ذاته، قال في حديث لـ"عربي21"؛ إن "اللقاء الأخير بين رؤساء الكتل والأحزاب السياسية مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي جرى قبل أسابيع، عبرت فيه القوى عن تخوف من تأجيل الانتخابات".


وأضاف الركابي: "القوى السياسية أصرت بالإجماع على أن تجري الانتخابات في موعدها المحدد 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ولا يمكن تأجيلها ليوم واحد، إلا إذا كان الوضع الأمني لا يساعد على ذلك".


وأشار النائب إلى أن "القوى السياسية شددت على الكاظمي أن توفر حكومته الظروف الأمنية المناسبة لإجراء الانتخابات في هذا التاريخ، وكان هناك إصرار من الكتل جميعها ومعهم رئيس الوزراء على ذلك".


وأكد الركابي أن "خيار حكومة الطوارئ لم يطرح خلف الكواليس، ولا يمكن طرحه بهذه الطريقة، ونحن في ائتلاف دولة القانون لسنا مع هذا الخيار، وإنما مع المضي في إجراء الانتخابات بموعدها المحدد، ولا علم لي بما تحدثت به النائبة عالية نصيف".


"أقرب للانقلاب"


من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، عدنان السرّاج، في حديث لـ"عربي21"؛ إن "خيار تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، هي من الاحتمالات المطروحة سابقا لحل المشكلات في حال وصلت إلى طريق مسدود".


لكن السرّاج استبعد تطبيق مثل هذا الخيار في الوقت الحالي، وذلك بسبب "التناقضات الموجودة في الساحة وانتشار السلاح، إضافة إلى الخصومات الموجودة بين تيارات مسلحة وأخرى سياسية".


ورأى الخبير بالشأن العراقي، أن "العمل على حكومة الطوارئ يصيب الدولة بالشلل؛ لأن إقليم كردستان وبعض المناطق لا ترضى بذلك، وحتى التوجهات الإقليمية والدولية لا تسمح بمثل هذه الحكومة، وأن تشكيلها سيكون بمنزلة انقلاب أقرب منه لحكومة الطوارئ".


السرّاج أكد وجود حديث حول حكومة الطوارئ يدور بين القوى السياسية، لكن لا يرتقي إلى مستوى التطبيق، ومن يطرح هذا الموضوع لا يجد نفسه إلا أمام إشكالات عديدة، فالموضوع يكاد يكون غير ممكن، ولا يمكن التفكير به في الوقت الحاضر لأسباب أمنية وسياسية داخلية وخارجية.


ولفت إلى أن "الانتخابات صيغت بطريقة قَبِل بها الجميع، وبضغوطات من الشارع، وأنه حتى الآن المؤشرات تفيد بأن الانتخابات ستجري، لكن هناك عدم تشجيع من الشارع للمشاركة، وربما يكون العزوف هو السمة الظاهرة، وأن حكومة الطوارئ حلّ بعيد المنال".


وأعرب السرّاج عن اعتقاده بأن "المرجعية الدينية (الشيعية) وبقية الفعاليات المجتمعية ستؤثر باتجاه المشاركة الجماهيرية الكبيرة، لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بضرورة نجاح هذه الانتخابات، رغم مؤشرات بوجود سلاح منفلت ومال سياسي".


موقف المتظاهرين


وفي المقابل، قال الناشط المدني حسين الكرعاوي؛ إن "المظاهرات التي ستنطلق في 25 أيار/ مايو الجاري، ستكون مركزية في محافظة بغداد، للمطالبة بإسقاط النظام وتدخل دولي أممي، والإتيان بحكومة طوارئ للإعداد من جديد إلى انتخابات حرة ونزيهة".


وأوضح الكرعاوي خلال مقابلة تلفزيونية، أمس الخميس، أن "ساحات التظاهر في المحافظات العراقية لا تثق بالوضع الحالي، وربما القادم سيكون أسوأ، لذلك سيطالب الجميع في المظاهرة بالكشف عن قتلة الناشطين، ولا سيما قتلة الناشط إيهاب الوزني الذي اغتيل في مدينة كربلاء قبل أكثر من أسبوع".


وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي العراقي ماهر عبد جودة خلال مقابلة تلفزيونية قبل أسبوع؛ إن "تصريح السفير البريطاني قبل أيام الذي قال فيه؛ إنه في ظل هذا الظرف لا يمكن أن تجري انتخابات، يعدّ بمنزلة تهديد للقوى السياسية بأن المجتمع الدولي لم يعد يتحملكم، وأن حكومة الطوارئ العسكرية جاهزة، لكن الأمر مسألة وقت فقط".


وأضاف أن "رسالة تصريح السفير للقوى السياسية مفادها بأن عليكم إعادة الثقة للمواطن وتهدئة الشارع العراقي، والابتعاد عن ثقافة البندقية وصواريخ الكاتيوشا، والعمل بالسياسة؛ لأنكم أصبحتم على الحافة، وأن المجتمع الدولي ضمنهم الولايات المتحدة وبريطانيا، ينظر إلى أن إزاحتكم بات قاب قوسين أو أدنى، كما أزيح نظام عام 2003 بقوة السلاح".


وكان السفير البريطاني، ستيفن هيكي قد قال في تصريحات له؛ "إن الانتخابات لن تجري اليوم أو غدا، بل في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، فهناك 5 شهور يمكن خلالها تحسين الوضع الأمني وتحسين البيئة لإجراء الانتخابات".


وتابع: "أدين 100 بالمئة اغتيال الناشط إيهاب الوزني في كربلاء، ومن الضروري والمهم أن تكون هناك عملية محاسبة ومحاكمة لكل الجرائم ضد الناشطين والصحفيين، ولكن أقول في الوقت نفسه؛ بأن هناك إمكانية لتحسين الوضع الأمني قبل الانتخابات، وشخصيا أتمنى إجراء الانتخابات في موعدها (تشرين المقبل)".


تصريحات هيكي أثارت ردودا غاضبة من معظم القوى السياسية الشيعية، ولا سيما تحالفي "الفتح" بقيادة هادي العامري، و"سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مطالبين السفير بعدم تدخله في الشؤون الداخلية، واحترام السيادة العراقية.

 


وعلى خلفية ذلك، تراجع السفير البريطاني عن تصريحاته، وقال في سلسلة تغريدات على "تويتر"؛ إنه "تم تفسير تعليقاتي بشكل خاطئ، لذا أود أن أوضح أني: أدين بشدة مقتل إيهاب الوزني ونشطاء آخرين، كما أدعم الدعوات العراقية لتحقيق المساءلة وتوفير المزيد من الحماية للناشطين والصحفيين والسياسيين. أدعم الجهود العراقية لتحسين الوضع الأمني قبل إجراء الانتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر".


وأضاف هيكي: "شأن العراقيين وحدهم فيما يتعلق بالانتخابات ولمن سيصوتون. تحترم المملكة المتحدة بشكل تام سيادة علم العراق والعملية السياسية، وستبذل كل ما في وسعها لدعم إجراء انتخابات حرة ونزيهة، من خلال تقديم الدعم للمفوضية العليا للانتخابات والمراقبة التابعة للأمم المتحدة".