سياسة عربية

حديث سعيّد عن تبعية القوات الأمنية له يثير مخاوف من "انقلاب"

قيس سعيد استعرض نصوصا قديمة من الدستور التونسي- الرئاسة التونسية على "فيسبوك"

أثار الرئيس التونسي قيس سعيّد، اليوم الأحد، قضية في الدستور، بشأن صلاحيات الرئيس في البلاد، ما أثار مخاوف من "انقلاب" على الدستور، إذ إنه يريد أن يكون قائدا أعلى ليس فقط للقوات المسلحة بل للمدنية أيضا.

 

وقال خلال إشرافه على موكب الاحتفال بالذكرى الـ65 لعيد قوات الأمن التونسي الداخلي، إن "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والأمنية".

 

وأضاف: ''جئتكم بالنص الأصلي للدستور الأول الذي ختمه الحبيب بورقيبة، وينص على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات العسكرية، وجئتكم بنص الدستور الذي ختمه المرحوم الجلولي فارس، وينص الفصل 46 منه على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية".


وتابع: ''وجئتكم بالدستور الحالي، رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة، ولم يأت في هذا النص الدستوري بيان للقوات المسلحة العسكرية، كما ورد في دستور 1959".

وقال: ''تعلمون أن رئيس الجمهورية هو الذي يتولى التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا العسكرية والدبلوماسية المتعلقة بالأمن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة، وتضبط الوظائف العليا بقانون. المبدأ هو أنه لا تفريق، حيث لم يفرق القانون. هذا معهود في كل نصوص العالم. فالقوات المسلحة هي القوات المسلحة العسكرية والقوات المسلحة الأمنية".


وشدد على أن ''رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية، فليكن هذا الأمر واضحا بالنسبة إلى كل التونسيين في أي موقع كان''.

 

وتمسك قيس سعيد في عيد قوات الأمن الداخلي بالقول: "القانون المتعلق بالتعيين في الوظائف العليا للدولة الذي تم وضعه سنة 2015 غير دستوري".

 

 

وتابع الرئيس موضحا: "بما أن هذا القانون دون الدستور، فإن المنطق الدستوري والترتيب التفاضلي يقتضي تغليب القوات المسلحة العسكرية والأمنية التي عددها قانون 1982، والتي تكون تحت القيادة العليا للرئيس".

وأضاف: "لا يذهب البعض ليتوهم أن هذا التأويل فيه نزعة أو حنين للماضي، بل بالعكس، إن القوات المسلحة يجب أن تكون في خدمة الشعب وتطبيق القانون، يجب أن يكون على الجميع دون استثناء لا بالمال والعلاقات مع الخارج ولا بالمصاهرة والنسب".

 

المشيشي يرد

 

من جهته، وصف رئيس الحكومة التونسي، هشام المشيشي، الأحد، تصريحات سعيد، بأنها "خارج السياق"، وفق إذاعة محلية.


وكانت تصريحات سعيد جاءت بحضور المشيشي ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي.

 

واعتبر المشيشي أن "هذه التصريحات تذكّرنا أيضا بالأولوية القصوى لتركيز (تشكيل) المحكمة الدستورية، والتي تمثّل الهيكل الوحيد للبت في مثل هذه المسائل".

وفي 3 نيسان/ أبريل الجاري، رفض سعيد التصديق على قانون معدل للمحكمة الدستورية، يخفض الأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضائها من 145 إلى 131 نائبا.


وتبت المحكمة في النزاعات المتعلقة باختصاصي الرئاسة والحكومة، واستمرار حالات الطوارئ، وتراقب مشاريع تعديل الدستور، والمعاهدات ومشاريع القوانين، والقوانين، والنظام الداخلي للبرلمان.


وتابع المشيشي: "نحن في حاجة إلى خطاب يجمع التونسيين حول الحكومة والسلطة، لأنه لنا معركة كبيرة، وهي معركة تجاه الوضع الاقتصادي الصعب والوضع الصحي الصعب وليس لنا وقت نضيعه في مثل هذه التحليلات التي ليس وقتها الآن".


وتسود خلافات بين سعيد والمشيشي، منذ إعلان الأخير في 16 يناير الماضي، تعديلا حكوميا صادق عليه البرلمان لاحقا.


لكن حتى اليوم، لم يوجه سعيد دعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدّستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.

"انقلاب على الدستور"؟

 

ولقي تصريح سعيد تفاعلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بآراء منها مؤيدة وأخرى رافضة تماما، ومعتبرة أن تصريحاته "انقلابا على الدستور" و"احتكارا لتأويله"، ومنهم من رأى أنه على "خطى السيسي" في مصر.

وفي تعليق له على حديث سعيد كتب عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة خليل البرعومي: "انقلاب واضح على القانون والدستور بتأويل فردي دون استشارة أو تنسيق مسبق، غير مسموح الزج بالقوات الأمنية في طواحين الشعبوية".

 

 

 

ودون المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة على صفحته الرسمية قائلا: "قيس سعيد رجل مهووس بالسلطة كما هو واضح.. خطاب عدواني ومتشنج يحاول برغبة متعطشة إلى الحكم الفردي ونهج الدكتاتورية.. لا تستغربوا أن يطلع علينا قريبا بتأويل جديد يعتبر فيه أن القضاء أيضا يقع تحت سلطته".