ملفات وتقارير

اليمن يعاني زيادة قياسية في الجوع ونقصا حادا في التمويل

شهد 2020 فجوة كبيرة في تمويل العمليات الإنسانية التي تقوم بها منظمات الأمم المتحدة في اليمن- جيتي

ما زالت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تحذر من تفاقم الكارثة الإنسانية التي يمر بها اليمن، فهل سيشهد الوضع الإنساني تحسنا في عام 2021، مقارنة بعام 2020 الذي كان الأسوأ منذ بدء الأزمة اليمنية؟

 

2020 هو أسوأ الأعوام التي شهدها اليمن من الناحية الإنسانية، حيث حوصر البلد العربي الفقير بثلاثي الحرب والجوع و"كورونا".


في ذلك العام، ازداد الوضع الإنساني تفاقما بشكل غير مسبوق، وسط شكاوى أممية متكررة من نقص حاد في تمويل المنظمات الإغاثية العاملة على الأرض؛ ما أدى إلى تقليص المساعدات وارتفاع معاناة كثير من اليمنيين.


وللعام السادس يعاني اليمن من تداعيات حرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة والحوثيين، المسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمالا) منذ أيلول/ سبتمبر 2014.

 

فجوة كبيرة

 

شهد 2020 فجوة كبيرة في تمويل العمليات الإنسانية، التي تقوم بها منظمات الأمم المتحدة في اليمن، وأبرزها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).


وبالرغم من أن خطة الاستجابة الإنسانية لـ2020 تطلبت 3.2 مليار دولار، إلا أن الأمم المتحدة لم تتسلم سوى 1.65 مليار دولار، وفق بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي.


وأعلنت الأمم المتحدة، في أيلول/ سبتمبر الماضي، أن النقص في التمويل أدى إلى إغلاق 15 برنامجا إنسانيا رئيسيا من أصل 45، أي ثلث البرامج الأساسية.


وأضافت، في بيان، أن "الوكالات الأممية اضطرت، بين نيسان/ أبريل وآب/ أغسطس الماضيين، إلى تقليص توزيع المواد الغذائية والمساعدات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي في البلاد".


وأدى نقص التمويل إلى تعليق عمل 70 بالمائة من مراكز خدمات الصحة الإنجابية التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، في سبتمبر الماضي، قبل أن تعاود النشاط في أوقات لاحقة بعد حصولها على تمويل.


لكن لا يُعرف ما إذا كان العمل قد عاد بشكل كلي أم جزئي.


جوع متزايد


في 2020، ازدادت نسبة الجوع وسوء التغذية بشكل غير مسبوق، وسط تحذيرات من عواقب إنسانية وخيمة حال استمر الصراع دون تدخل إنساني متواصل.


وقالت منظمتا "يونيسف" والأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، في بيان مطلع ديسمبر الماضي، إن درء المجاعة عن اليمن يتلاشى مع مرور كل يوم.


وأفادت بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الدرجة من انعدام الأمن الغذائي الكارثي يمكن أن يتضاعف ثلاث مرات تقريبا من 16 ألفا و500 شخص حاليا إلى 47 ألف شخص بين كانون الثاني/ يناير  وحزيران/ يونيو 2021.


وتابعت بأن "أعداد الأشخاص الذين يواجهون المرحلة الرابعة من انعدام الأمن الغذائي -مرحلة الطوارئ- على وشك الزيادة من 3.6 مليون إلى 5 ملايين شخص في النصف الأول من 2021، ما يضعهم أيضا على شفا السقوط في ظروف كارثية، وربما مجاعة، إذا لم يحدث تغيير في المسار".


وحذرت من أن "أكثر من نصف السكان (16.2 مليون شخص) سيواجهون مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 3) بحلول منتصف 2021، مع وجود العديد من الأشخاص على عتبة الانزلاق إلى مستويات متفاقمة من الجوع".

 

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حذر أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من خطر وشيك في اليمن سينتج عنه ملايين الوفيات بسبب المجاعة، ما لم يتم اتخاذ خطوات فورية.


وأرجع غويتريش ذلك، في بيان، إلى تخفيض كبير في تمويل عملية الإغاثة من قبل الأمم المتحدة في 2020 مقارنة بعامي 2018 و2019.


وأشار إلى أسباب أخرى تتعلق بـ"الإخفاق في الحفاظ على الدعم الخارجي للاقتصاد اليمني، لا سيما استقرار قيمة الريال اليمني، والصراع المستمر".


تداعيات "كورونا"


ألقت تداعيات فيروس "كورونا" بثقلها على كاهل اليمنيين، حيث فقد الكثير منهم أعمالهم مع بدء انتشار الوباء في البلد، مطلع نيسان/ أبريل الماضي.


وسجلت الحكومة نحو 2100 إصابة بالفيروس، بينها 606 وفيات.


ولا يشمل ذلك مناطق سيطرة الحوثيين، الذين أعلنوا، حتى 18 أيار/ مايو الماضي، عن تسجيل 4 إصابات بينها حالة وفاة، وسط اتهامات رسمية وشعبية للجماعة بالتكتم عن العدد الحقيقي للضحايا.


وتشير تقارير أممية باستمرار إلى أن عدد الضحايا أعلى بكثير مما يتم إعلانه، بسبب افتقار اليمن إلى أجهزة فحص الفيروس.


وما يؤكد ذلك، هو أن نسبة الوفيات مقارنة بحالات الإصابة تعد الأعلى عالميا، حسب تقارير أممية.
وأثر "كورونا" سلبا بشكل كبير على التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين في الخارج.


وقالت منظمة "أوكسفام" الإنسانية الدولية، في حزيران/ يونيو الماضي، إن التحويلات تراجعت 80 بالمئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2020، لعدة أسباب أبرزها فقدان يمنيين لوظائفهم في دول الخليج.


ويستند ملايين اليمنيين في معيشتهم على تحويلات المغتربين في الخارج، خصوصا في السعودية، ويشكل المغتربون أحد أهم وسائل جلب العملة الصعبة لليمن.


تدهور العملة


في 2020، تراجع الريال اليمني إلى أدنى مستوى في تاريخه، حيث تجاوز سعر الدولار الـ900 ريال، مطلع ديسمبر الماضي.


وفقد الريال أكثر من ربع قيمته في 2020، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وفق تقارير أممية.
ومع تشكيل الحكومة الجديدة، في 18 ديسمبر الماضي، سجل الريال تحسنا، حيث بات الدولار يصرف بنحو 700 ريال. لكن أسعار السلع ما زالت ثابتة على ارتفاع؛ بسبب عدم ثقة التجار بالاستقرار المتواصل للعملة.


أرقام مأساوية


ربما يواجه اليمن في 2021 عاما آخر لن يقل صعوبة عن سابقه، إذا لم تحدث انفراجة سياسية نحو وقف الحرب.


وتبذل الأمم المتحدة، منذ سنوات، جهودا متعثرة لإنهاء الحرب عبر مفاوضات بين طرفيها، وهم الحكومة الشرعية، المسنودة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيون المدعومون من إيران.
وتقول تقارير أممية إن اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث بات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليونا، بحاجة إلى مساعدات.


وبين هؤلاء 12 مليون طفل بحاجة ماسة إلى مساعدات، فيما وصلت معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في بعض المناطق إلى مستويات قياسية، مسجلة زيادة 10% في 2020، وفق تقرير لـ"يونيسف"، نهاية نوفمبر الماضي.


وأدت الحرب المتواصلة إلى نزوح قرابة 3.7 مليون شخص، يعيش معظمهم في ظروف معيشية بالغة الصعوبة، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 233 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.