حقوق وحريات

دهشة بعد فوز مصر بعضوية هيئة حقوق الإنسان بالتعاون الإسلامي

يعتقد حقوقيون أن التمويل السعودي للمنظمة يؤثر على كثير من ملفاتها- تويتر

عبر عدد من الحقوقيين عن استغرابهم لفوز مصر بأحد المقاعد بالهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي رغم سجلها السيء في مجال حقوق الإنسان.


وأكد حقوقيون في حديثهم لـ"عربي٢١" على أن ما جرى هو إجراء شكلي فقط قبل قدوم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، في محاولة لتوصيل رسالة "زائفة" بالحرص على حقوق الإنسان، على الرغم من ممارسة أعضاء هذه المنظمات "كل أنواع القمع والاستبداد والدكتاتورية".

وكان السفير محمود عفيفي، ممثل مصر، فاز مؤخرا بأعلى نسبة من الأصوات بأحد ثلاثة مقاعد خُصصت للمجموعة العربية في انتخابات الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، حيث حصل على ثلاثة عشر صوتًا.

جاء ذلك خلال اجتماع مجلس وزراء خارجية دول التعاون الإسلامي، والذي عقد في تشاد تحت عنوان: "متحدون ضد الإرهاب من أجل السلم والتنمية".

"انتخابات شكلية"

من جانبه قال مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل أن ما جرى "ليس مستغربا خاصة أن هذه المنظمة تتلقى دعما ماليا وتمويلا سعوديا إماراتيا، وهذا يؤثر على ملفات كثيرة، وبالتأكيد يكون له دور في الاختيار وتوجيه التصويت، خاصة في ظل العلاقة الحميمية بين كل من النظام السعودي والإماراتي من ناحية وبين نظام انقلاب السيسي من ناحية أخرى".

وحول المعايير التي يتم الاحتكام إليها في عملية الاختيار قال أبو خليل لـ"عربي21": "نحن نعيش في ظل أنظمة قمعية سواء كانت نظما عربية أو إسلامية، وعليه فالأمور تسير بالترضية فضلا عن أن هذه المنظمة ليست فاعلة وليس لها دور وهي لا تفعل شيئا، وتدار بنفس طريقة هيئة العلماء بالسعودية، حيث التوجيه وتنفيذ الأوامر لا أكثر، وكل ما يجري هو محاولة لتسويق الأمور قبل مجيء الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، وتصدير انطباع بأن هناك ممارسة ديمقراطية وخلافه وكل هذا نوع من التمثيل".

"اختيارات للمجاملة"

وفي تعليقها قالت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن، إنه بالرغم من نشأة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي في حزيران/ يونيو 2011، وتبنيها شعار حماية وتعزيز حقوق الإنسان في العالم الإسلامي، إلا أنه وبمتابعة بياناتها وتصريحاتها لم نجد أداء فاعلا تجاه رؤيتها المعلنة بالاهتمام بحقوق المرأة والطفل ومكافحة الإسلاموفوبيا وأوضاع حقوق الإنسان في البلاد الإسلامية على الحقيقة، بل نجد تصريحات تخص شجب انتهاكات بالهند أو حق المعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية ليس إلا".

وأضافت في حديث لـ"عربي٢١": "برغم كونها هيئة استشارية بحسب قرار إنشائها، وما يفترض أن تقدمه من مشورة للدول الأعضاء ومساعدة في مراجعة التشريعات المحلية ومطابقتها للآليات والمواثيق الدولية -كما تنص رؤيتها- إلا أننا لا نجد هذا في أنشطتها، وهو ما يؤكد أن الهيئة مثل كثير من الهيئات والمؤسسات الحقوقية، ما هي إلا مؤسسات وهيئات صورية لا تقوم بدور فاعل حقيقي مؤثر في الواقع، ويكون تشكيلها كذلك من باب المجاملات والترتيبات السياسية بين الدول غير قائم على الأحقية والكفاءة المطلوبين لتشكيل الهيئات الفاعلة".

"استغراب"

أما الباحث الحقوقي أحمد العطار فيقول إن فوز السفير محمود عفيفي، نائب مساعد وزير الخارجية المصري، قد أصابه بالاستغراب والاستهجان والاندهاش، مضيفا: "خاصة في ظل تدهور الملف الحقوقي المصري والإدانات الدولية له، مع مراعاة أن الفائز هو أحد أركان الدولة المصرية المسؤولة الأولى عن الانتهاكات والكوارث الحقوقية، ففوز عفيفي يطرح سؤالا مهما وهو: كيف ولماذا يتم اختيار عضو من دولة ملفها أسوأ الملفات ليكون مسؤولا عن تنمية وتطوير ملف حقوق الإنسان في العالم الإسلامي، خاصة أن هذا يمثل شهادة من قبل الأعضاء لمصر بحسن إدارتها لهذا الملف وهو عكس الواقع والأرقام والشواهد؟".

وحول كيفية إدارة العملية الانتخابية التي يتم اختيار الأعضاء من خلالها قال العطار لـ"عربي21": "نحن نشكك في نزاهة المجلس وقدرته على الحفاظ على حقوق مواطني الدول الأعضاء، ويعطي صورة سلبية عن عمليات التصويت والاختيار والتي بالتأكيد لا تبنى على الكفاءة والنزاهة، ولكنها تبنى على التوصيات والمصالح المشتركة والمجاملات بين الدول الأعضاء, وهذا يذكرنا بفوز مصر سنه 2016 بمقعد في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بتأييد 173 دولة (أعلى نسبة تأييد وقتها) في الانتخابات التي أجريت لاختيار أعضاء جدد في مجلس حقوق الإنسان، رغم الانتقادات الدولية بسبب سجلها الداخلي في مجال حقوق الإنسان".