ملفات وتقارير

من هم المؤيدون والرافضون للاستفتاء على الدستور بالجزائر؟

المعارضة يميزها الانقسام بين معارض للمشروع ومقاطع للاستفتاء برمته- جيتي​

ذهبت المواقف السياسية في الجزائر إزاء مشروع تعديل الدستور في ثلاثة اتجاهات كبرى، فبرز المؤيدون والرافضون لمضمونه إلى جانب المقاطعين من غير المقتنعين بطريقة التعديل.


وقبل نحو شهر من الاستفتاء على مشروع الدستور، تحدّدت مواقف أبرز الأحزاب السياسية، ما يعطي نظرة أقرب عن مآل هذا المشروع، الذي يعول عليه الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، في تكريس ما يقول إنها "الجزائر الجديدة" التي يسعى لبنائها.


ولم تخرج الخارطة السياسية المتشكلة برسم هذا الاستفتاء عن الكتل السابقة زمن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فالموالاة التي كانت تنشط في عهده تؤيد بقوة مشروع الدستور، أما المعارضة فيميزها الانقسام بين معارض للمشروع ومقاطع للاستفتاء برمته.


أحزاب مؤيدة

 
ويوجد على رأس المؤيدين للمشروع: أحزاب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، والتحالف الوطني الجمهوري، وهي تشكيلات محسوبة على التيار الوطني، كما أعلنت حركة الإصلاح الوطني ذات التوجه الإسلامي أيضا دعمها للدستور.


ويعدّ النص المقترح، وفق مختلف آراء هذه الأحزاب، متوازنا وتوافقيا، كونه يدعّم وحدة الأمّة وثوابتها، ويكرّس احترام الإرادة الشعبية، ويعزّز الانسجام الوطني، ومبدأ الفصل بين السلطات، والتوازن بينها، والتداول السلمي على السلطة، وأخلقة الحياة السياسية والعامة، والوقاية من الفساد ومكافحته.

 

اقرأ أيضا: مفاوضات بين الجزائر وإيطاليا لترسيم الحدود بـ"المتوسط"

كما أنه وفق ردود الفعل الكثيرة التي نشرتها الأحزاب الداعمة، يحمي حقوق وحريّات المواطن، ويوسّع الصلاحيات الرقابية للبرلمان، ويكرّس التعددية الإعلامية الحرّة والمسؤولة، ويشجّع المرأة والشباب على المشاركة في الحياة السياسية، ويسهم في بروز مجتمع مدني فعّال ومستقل.


المصوتون بـ"لا"

 

 أما من الرافضين للدستور، فبرزت حركة مجتمع السلم، التي أعلنت رسميا التصويت بـ"لا" على المشروع، وذلك في قرار اتخذ على مستوى مجلس الشورى الذي يعدّ بمثابة برلمان الحزب.


وتعدّ حركة مجتمع السلم، المحسوبة على التيار الإسلامي، أكبر حزب معارض في البرلمان الجزائري، حيث تعدّ 33 نائبا، كما أنها تمتلك تمثيلا في معظم الولايات على مستوى المجالس المنتخبة.


وقال ناصر حمدادوش، القيادي في حركة مجتمع السلم، في تصريحه لـ"عربي 21"، إن هذا الموقف كان متوقعا بالنظر إلى الاتجاه العام الذي كان سائدا في الحركة خلال مناقشة وثيقة الدستور، والذي كان يميل بشكل واضح إلى رفض مضمونه.


ولفت النائب في البرلمان إلى أنه من السلبيات الجوهرية الموجودة في المشروع، تضخيم صلاحيات رئيس الجمهورية، وعدم استقلالية القضاء باعتماد التعيين وليس الانتخاب، وتغوّل السلطة التنفيذية على البرلمان من خلال الإبقاء على التشريع بالأوامر حتى أثناء الدورة البرلمانية في الحالة الاستعجالية والاستثنائية، وحق الحكومة في الأولوية في وضع جدول أعمال الدورة البرلمانية.


وفي مواضيع الهوية، أعاب النائب على النص أنه لم يعتمد إلزامية استعمال اللغة العربية في المؤسّسات والمعاملات الرّسمية، وعدم تجريم استعمال اللغات الأجنبية في الوثائق والمؤسّسات، وعدم اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي في التشريع، والإبقاء على مواد غامضة، مثل حياد المؤسسات التربوية والمساجد.


الرافضون للاستفتاء

 
على الطرف الثالث، يبرز الرافضون لهذا الموعد الانتخابي الأول في عهد الرئيس الحالي، وهم في الأساس من التيارات السياسية المحسوبة على التيار الديمقراطي، مثل جبهة القوى الاشتراكية، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، واليسار التقدمي مثل حزب العمال، والحركة الديمقراطية الاجتماعية، وغيرها، علما أن معظم هذه الأحزاب تتكتل حاليا في ما يعرف بـ"عقد قوى البديل الديمقراطي".


ولا تقدم هذه الأحزاب نفسها، على أنها مقاطعة للموعد الانتخابي بقدر ما تشير إلى أنها ليست معنية أساسا به، بالنظر لعدم اعترافها بشرعية السلطة التي أشرفت على هذا المسار.

 

اقرأ أيضا: رئيس الجزائر يعلن انتخابات تشريعية مبكرة بعد استفتاء الدستور

وقال القيادي في حزب العمال، رمضان تعزيب، في تصريح لـ"عربي 21"، إن هذا الدستور المقترح تم إعداده بطريقة تصادر الإرادة الشعبية عبر لجنة من الخبراء المعينين، كما أن تحضيره تم في جوّ من الغلق الإعلامي، وفي ظل أزمة صحية لم يكن ممكنا معها للجزائريين مناقشته.


وشدّد تعزيبت على أن المسار الصحيح بعد ثورة 22 فبراير 2019، في اعتقاد حزبه هو أن يتم إعداد دستور من طرف مجلس تأسيسي يحظى بتمثيل الجزائريين، حتى يتحدد شكل النظام الذي ترغب فيه الأغلبية، وتحدث القطيعة مع ممارسات الماضي.


ولم يخف النائب المستقيل من البرلمان بعد الحراك الشعبي مخاوفه من بعض ما تضمنه مشروع الدستور، على الرغم من التحفظ عليه من الأساس، خاصة في ما يتعلق بإمكانية إرسال قوات عسكرية للخارج، وهو ما قد يؤدي -حسبه- لتوريط الجزائر في مستنقعات صراع وحروب، في مخالفة لعقيدتها العسكرية الرافضة للتدخل في شؤون باقي الدول.


قيادة الجيش تدعم

 
وخارج الدائرة الحزبية، أظهرت مواقف قيادة المؤسسة العسكرية، وهي كبرى وأهم مؤسسات البلاد، انحيازا واضحا لمضمون الدستور، وشدّدت على أنها ستنخرط بقوة في ضمان نجاح الاستفتاء الشعبي.

 

وأوضح الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، في آخر كلمة له، أن هذا الاستفتاء يعد محطة هامة، حسبه، على مسار تحديد معالم الدولة الجزائرية الجديدة، التي وعد بها رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة.


وكانت المؤسسة العسكرية قد أبدت عدة اقتراحات وملاحظات على مسودة الدستور، أبرزها رفضها لإدراج منصب نائب رئيس الجمهورية، باعتباره غير منتخب، وهو ما انتهى إلى حذف هذا المنصب من المشروع النهائي.