ملفات وتقارير

ماذا بعد تفويض البرلمان للسيسي بإرسال قوات إلى ليبيا؟

باحث بالشؤون العسكرية: هناك معضلة رئيسية تقف أمام تدخل السيسي عسكريا رسميا وهي الفيتو الأمريكي

استكمل نظام رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، جميع الإجراءات التي تخول له إرسال قوات إلى ليبيا للتدخل عسكريا لصالح قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر.

وفي تطور سريع للأحداث في الأزمة الليبية المشتعلة، وافق البرلمان المصري في جلسة سرية على تفويض السيسي بإرسال قوات من الجيش في مهام قتالية بالخارج للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد ما وصفها البرلمان بـ"أعمال المليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات".

مصادر خاصة

وكان مصدر مطلع كشف، الجمعة، لـ"عربي21"، أن البرلمان المصري سيعقد جلسة طارئة لإقرار التدخل العسكري للجيش في ليبيا.

وتوقع المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن تعقد الجلسة الأحد القادم، (تأجلت لليوم التالي لتحولها إلى جلسة سرية) لتمرير إرسال قوات من الجيش إلى ليبيا، استنادا إلى المادة 152 من الدستور المصري.

وتنص المادة 152 من الدستور على أنه "لا ترسل القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة إلا بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء ".

وكان السيسي قال خلال لقاء عقده، الخميس، مع شيوخ وأعيان قبائل ليبية في القاهرة، إن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي" أمام الهجوم على مدينة سرت، وفق وسائل إعلام مصرية.

وأضاف السيسي مخاطبا شيوخ القبائل: "مش هندخل إلا بطلب منكم، ومش هنخرج إلا بأمر منكم"، في إشارة إلى التدخل العسكري في ليبيا.

تحركات إقليمية وعالمية


وفي السياق ذاته، قالت الرئاسة المصرية إن السيسي بحث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال اتصال هاتفي، آخر مستجدات القضية الليبية.

وأضاف بيان الرئاسة أن السيسي استعرض موقف مصر الاستراتيجي الثابت تجاه القضية الليبية الهادف إلى منع المزيد من تدهور الأوضاع الأمنية، وذلك بتقويض التدخلات الأجنبية غير المشروعة في الشأن الليبي التي لم تزد القضية سوى تعقيدا و تصعيدا.

وترأس السيسي، الأحد، "مجلس الدفاع الوطني"، حيث تمت مناقشة تطورات أزمتي ليبيا وسد النهضة، والتأكيد على الالتزام بالحل السياسي كسبيل لإنهاء الأزمة الليبية.

وكانت فرنسا وإيطاليا وألمانيا هددت قبل أيام، على نحو مشترك، بفرض عقوبات على دول تنتهك قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحظر نقل السلاح إلى ليبيا.

وفي بيان مشترك، صدر على هامش قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، دعا قادة الدول الثلاث كل الأطراف إلى وضع حدّ لما وصفوه بالتدخل المتزايد في الصراع الليبي.

"تشتيت الأنظار عن الأزمات الداخلية"


اعتبر الرئيس السابق للجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري، رضا فهمي، أن "تحركات السيسي لا تهدف أبدا للحفاظ على وحدة ليبيا وإنما على اقتسام جزء من الأراضي الليبية، خاصة المنطقة الغنية بالنفط في المنطقة الشرقية".

لكنه أكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "السيسي يتوهم أن دخول ليبيا من السهولة بمكان، ولكن واقع الأمر غير ذلك، فالأزمة الليبية تشعباتها لا تقف عند مصر وحدها، ولا عند دولة أخرى بعينها، إنما تمتد لأطراف دولية كبرى مهيمنة ومسيرة، ولا تُحسم الأمور بغيرها".

وتوقع فهمي أن "يحاول السيسي لفت انتباه الداخل عن الأزمات المتتالية التي تعصف بالمصريين نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والتي أضرت بملايين المواطنين، ومحاولة إسكات أي صوت يتحدث في اتجاه غير الوقوف وراء الدولة والجيش في الحرب ضد تهديدات الأمن القومي المصري، إضافة إلى أزمة سد النهضة التي وضعت النظام في موقف محرج".

"استكمال إجراءات التدخل"

تعليقا على جلسة البرلمان السرية؛ قال الباحث في الشؤون العسكرية المصرية، محمود جمال، إن "السيسي استكمل، بتفويض البرلمان له إرسال جزء من القوات إلى ليبيا، جميع الإجراءات القانونية والدستورية التي تخوله الدخول في حرب في ليبيا".

وفي حديثه لـ"عربي21"، رهن جمال دخول قوات السيسي في حرب "بتحرك قوات الوفاق، المدعومة من تركيا، عسكريا لتحرير خط سرت – الجفرة من قوات حفتر، وانتقال المعارك إلى أجدابيا (المنطقة الغنية بالنفط والغاز)".

إلا أن هناك معضلة رئيسية تقف أمام تدخل السيسي عسكريا رسميا، وهي الفيتو الأمريكي، بحسب جمال، إذ إن "الموقف الأمريكي ليس في صالح تدخل مصر عسكريا، وهو ما أكد عليه أيضا محمد بوصير، المستشار السياسي السابق لخليفة حفتر".

وأكد الباحث العسكري المصري أن "تدخل السيسي عسكريا في ليبيا لا يهدف إلى حفظ الأمن القومي المصري، إنما يهدف إلى حفظ نظام السيسي نفسه"، مشيرا إلى أن "مناورات حسم الأخيرة التي كانت أشبه بمحاكاة الحرب تؤشر على استعداد بل ورغبة السيسي في التدخل".


اقرأ أيضا: برلمان مصر يمنح السيسي "تفويضا" للتدخل العسكري في ليبيا