مقالات مختارة

فجرٌ مصريٌّ ونجومٌ آفلة

1300x600

عندما يكون الذين يناصبونك العداء هم أنفسهم الذين تنظر إليهم شعوب الأمة على أنهم تهديد لوجودها وعقيدتها ووحدة بلادها، فكن واثقا أنك على حق.

1) ثورة الشعب المصري: الحقيقة التي يجب أن ننطلق منها في قراءة وتحليل ما يجري في مصر منذ يوم الجمعة الماضي، هي أن الشعب المصري نزل إلى الشوارع والميادين ثائرا مدفوعا بمشاعر الكرامة الوطنية وعدم القبول بسحق إنسانيته، ومطالبا برحيل السيسي. أما الأكاذيب والأباطيل التي يجترها الإعلام الموالي للسيسي عن الثورة، فإنها تعكس حالة الرعب من صحوة المارد المصري التي ستقود حتما إلى صحوة عربية إسلامية رافضة للمشروع الصهيوني والمشاريع الصهيوعربية الرديفة له.

2) سقوط هيبة المؤسسة العسكرية: طوال العصور، كان المصريون شعبا حيا مبدعا، قد يختلفون سلميا حول شأن من الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكنهم يجتمعون على احترام جيشهم وإجلال مؤسسته العسكرية التي ينظرون إليها كقيمة وطنية نزيهة عليا. ثم قامت دول لها أطماع في مصر بتعيين السيسي رئيسا، فبدد هيبة الدولة إقليميا ودوليا، وأسقط هيبة المؤسسة العسكرية في نفوس المصريين عندما زرع في قيادتها الفاسدين الذين لا يعصمهم حسّ وطنيّ،
وجعل الجيش يعمل في بيع الخضراوات والمواد التموينية، وصناعة الألبان والحلويات، بينما يتساقط الجنود والضباط في سيناء في حرب عبثية ضد الإرهاب المزعوم الذي يحرك السيسي أطرافه وفق خطة صهيوعربية لإعداد جزء من أرضها للبيع في صفقة القرن. ومما زاد في مستوى سقوط هيبة المؤسسة العسكرية، أن السيسي اشترى رضا الدول الغربية عنه بشراء أسلحة منها بمبالغ طائلة دون أن تكون هناك دراسات جدوى لتلك الأسلحة في تقوية الجيش وتطوير قدراته، بل دون أن تظهر نتائج شرائها في انتصارات على الإرهاب المزعوم.

3) سقوط هيبة النظام: السيسي أصغر حجما بما لا يقاس من أن يتشرف بحكم دولة كبيرة كمصر. فمنذ قامت الدول الداعمة له بشرائه ثم تعيينه رئيسا، وهو يتصرف كموظف صغير فاسد جشع دون أن يسعى قليلا ليكون حاكما حقيقيا يعمل على تحقيق الحد الأدنى من المصالح الوطنية العليا لبلده، والانتقال بالشعب إلى حياة إنسانية كريمة. فباع حقوق مصر في غاز البحر المتوسط للصهاينة، وتخلى عن حقوقها في مياه النيل، ولم يحافظ على وحدة ترابها ببيعه لجزيرتي تيران وصنافير في مسرحية لم يسبق لها مثيل في تحقير الكرامة الوطنية والعقل الجمعي للشعب. ولم يكتفِ بذلك، فقام بتحويل مصر إلى مستعمرة تتحكم دول أخرى في قرارها واقتصادها وإعلامها، وحطم احترام الشعب للدولة عندما أخذ يقتل المواطنين ويعتقلهم وينكل بهم تحت دعاوى محاربة الإرهاب، فأذلهم وأفقرهم وسحق إنسانيتهم. لذلك، كان خروج محمد علي، المقاول الذي عمل مع منظومة الفساد سنينا، شرارة أشعلت نار الغضب والعزة في النفوس، ودفعت الشعب للثورة بعدما لم يبقَ عنده ما يخسره؛ فلا حياةَ كريمة يعيشها، ولا حقوقَ له إلا العيش بخنوع في هيكل الاستبداد السيساوي، ومعابد الاستعمار الخارجي لبلاده.

4) غباء النظام الانقلابي: كان على السيسي الاستجابة للذين نصحوه بعدم الظهور والرد على المقاول محمد علي، لكنه أصر على الظهور في مشهد تمثيلي من الدرجة العاشرة ليقول للمصريين إنه يبني قصورا رئاسية بمليارات الدولارات، بدلا من أن يقول لهم إنه سيعمل على تطهير مؤسسات الحكم من الفاسدين، وسيوجه الأموال لبناء المدارس والمستشفيات، وتنشيط الاقتصاد، والإصلاح السياسي. فكانت تلك سقطة عظيمة لأن قادة المؤسستين العسكرية والأمنية أدركوا أن ثمن بقائه سيكون سقوطهم جميعا، وقرروا تقديمه للمصريين ككبش فداء، فلم يتعاملوا مع الشعب بالعنف المعهود عنهم، ليتاح لهم عزل السيسي واستمرارهم في حكم مصر. وتناسوا أن الشعب ثار مطالبا بحقوقه، وهو ما سيقود بالضرورة إلى المطالبة برحيل الفاسدين ومحاكمتهم، وإنهاء الاستعمار الخارجي للقاهرة، مما أصاب قيادتي هذه الدول بالذعر، ودفعهما لمطالبة الجميع بالحفاظ على عميلهما السيسي لحين إعداد عميل آخر يحل محله في خدمتهما، ولو كانت الأثمان مزيدا من دماء وشقاء وفقر وحرمان وتهميش الشعب المصري.

عن صحيفة الشرق القطرية