صحافة دولية

الإندبندنت: تونس مثال ساطع للديمقراطية لماذا يتجاهلها الغرب؟

تونس علم الاناضول

نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالا للإعلامي بورزو داراغاهي، يتحدث فيه عن تونس، تلك الدولة المطلة على البحر الأبيض المتوسط، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، باعتبارها نموذجا ساطعا للديمقراطية في العالم العربي، خاصة بعد الانتقال السلس للسلطة بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، وتشييعه السبت الماضي.

وقال داراغاهي، في المقال الذي ترجمت "عربي21" أهم فقراته، إنه على الرغم من أن الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي كان يعدّ شخصية مخضرمة من الحرس القديم والنخبة في البلد الواقع شمال أفريقيا، فقد تم الاعتراف به من قبل خصمه الإسلامي راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الذي اعتبره "وطنيا" وذا "شخصية بارزة" في التاريخ التونسي.

وأكد مراسل الصحيفة البريطانية أنه على الرغم من الفراغ في السلطة، لم تكن هناك أي محاولة من قبل القوات المسلحة التونسية أو أي لاعب سياسي للانقلاب والسيطرة على البلد، ولم يكن هناك قلق كبير بين المستثمرين أو الدبلوماسيين أو المحللين من أن تونس ستستسلم للفوضى.

وسجل الكاتب أن رئيس البرلمان، محمد الناصر، تولى بهدوء دور رئيس الدولة المؤقت كما هو موضح في دستور 2014، الذي أقره أول برلمان منتخب ديمقراطيا في البلاد.

وقال داراغاهي إنه على عكس الملكيات الوراثية في شبه الجزيرة العربية، التي تشهد علاقات طيبة مع المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، فإن تونس لا تتلقى من القوى الغربية أي دعم لتجربتها، ما يجعل الأمر "محيرا"، لافتا إلى أن "تونس تمثل مثالا نادرا لدولة عربية تسعى جاهدة لتصبح ديمقراطية وتعددية".

ونقل الكاتب عن المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون، سارة يركس، قولها في تصريح للإندبندنت: "تعتقدون أنه سيكون من السهل للغاية بيع القضية".

وأضافت المسؤولة الأمريكية السابقة والأكاديمية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "كنتم تنتظرون أن تروا مستوى عاليا من عروض المساعدة والدعم الدبلوماسي. ما نراه باستمرار هو محاولات لخفض المساعدات ومحاولات تقويض الدعم".

وأشار الكاتب إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحاول بشكل خاص خفض الدعم المالي لتونس رغم المشاكل الاقتصادية التي تهدد تجربتها الديمقراطية، موضحا أن الكونغرس قاوم، حتى الآن، "محاولات البيت الأبيض المحيرة لخفض المساعدات لبلد لا يتحرك بجد نحو الديمقراطية فحسب، بل وأيضا شريك في المعركة ضد داعش".

وسجل الكاتب أنه حتى المبالغ التي قدمتها الولايات المتحدة لتونس تافهة مقارنة بالمتلقين الآخرين للمساعدات الأمريكية. 

 

اقرأ أيضاهل يؤثر رحيل السبسي على المسار الديمقراطي في تونس؟

وقال إن أندرو ميلر، الموظف السابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما، قدر إجمالي الدعم بما يتراوح بين 180 مليون دولار و230 مليون دولار، مقارنة بمبلغ 2.5 مليار دولار في شكل مساعدات قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت للأردن، وهي ملكية وراثية لم تأخذ أي خطوات نحو الديمقراطية إلا بعد مرور عقود.

وسجل الكاتب أن ميلر وآخرين في العواصم الغربية يقولون إن تونس تمثل قصة نجاح نادرة للغاية تستحق الدعم الدبلوماسي والمالي القوي.

وقال ميلر، نائب مدير مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، "إن الاهتمام بتونس يكمن في المقام الأول في تجربتها الديمقراطية الفريدة، وبدرجة أقل، القضايا المتعلقة بالإرهاب".

وأضاف: "بينما يحمي التونسيون تجربتهم بشدة، ويقولون إنهم لا يحاولون تصدير نموذجهم، أعتقد أنهم مصدر إلهام".

وأوضح الإعلامي بورزو داراغاهي أن الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي تتجاهل تونس، بل أيضا صندوق النقد الدولي الذي يمارس ضغطا مستمرا على تونس من أجل اتخاذ تدابير تقشفية وليبرالية جديدة، في الوقت الذي يتعرض فيه العديد من التونسيين للأذى؛ بسبب ارتفاع التكاليف والأجور الراكدة والبطالة.

وقال إن المشرعين التونسيين يشكون من أن الاتحاد الأوروبي، بقيادة فرنسا، يحاول تحريض البلاد على التوقيع على اتفاقية تجارة حرة من شأنها أن تدمر قطاع الزراعة الذي يعاني أصلا بتونس.

وقال ميلر: "هذا تحد، ليس فقط لصناع السياسة الغربية، بل للتونسيين أيضا. وقد يفشل هذا النموذج الاقتصادي الخاص في معالجة مخاوف الغالبية العظمى من المواطنين التونسيين".

وأوضح المقال أن تونس، وهي دولة تقع على البحر المتوسط ويبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة بين ليبيا والجزائر، تناقض المتشككين في الشرق الأوسط وأصدقاءهم الغربيين الذين يصرون على أن العرب لا يستطيعون التعامل مع الديمقراطية. 

وقال الكاتب إن تونس تعدّ نموذجا غير استبدادي في منطقة تهيمن عليها الأنظمة الاستبدادية، "إنها تستحق المزيد من الاهتمام والدعم الدوليين".

فيما قالت سارة ياركيس، الأكاديمية في مركز كارنيغي: "تونس تشهد تقدما ديمقراطيا هائلا في وقت تتراجع فيه الديمقراطية بشكل كبير في العالم".