سياسة عربية

وزير خارجية تونس: بلادنا مثال لتعايش الإسلام والديمقراطية

وزير الخارجية التونسي: التوافق جنب تجربة الانتقال الديمقراطي عندنا الانزلاق نحو الفشل (الخارجية التونسية)

أكد وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، أن تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس هي نتاج التقاء جملة من العوامل الداخلية التي جعلت منها تجربة ناجحة أمكن لها أن تكرس نموذجا فريدا للتغيير السياسي.

وأوضح الجهيناوي، في محاضرة له ألقاها في "المعهد الوطني للخدمة الخارجية" التابع لوزارة الخارجية الأرجنتينية، ونقلها موقع الخارجية التونسية اليوم، تطرق فيها إلى "تجربة الانتقال الديمقراطي وتوجهات السياسة الخارجية لتونس"، أن الشباب التونسي الذي قاد بدايات الاحتجاجات ضد الدكتاتورية لم تحركه أحزاب سياسية أو دوافع إيديولوجية بقدر ما هو تحرك تلقائي للمطالبة بالكرامة والحرية والتشغيل.

 



وذكر الجهيناوي أن "تونس اتبعت منهجا توافقيا ما بعد الثورة جنب المسار الديمقراطي الانزلاق نحو الفشل وجلب في المقابل لتونس إشادة دولية على أعلى مستوى، من تجلياتها حصول الرباعي الراعي للحوار الوطني على جائزة نوبل للسلام سنة 2015".

وأضاف: "إن تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس قد أعطت مثالا قويًا على أن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا جنبا إلى جنب".

ولدى تطرقه إلى المكاسب العديدة التي حققتها تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، أشار وزير الخارجية التونسي إلى سن دستور 2014 الذي قال: "إن فصوله جاءت لتقوّض العديد من المحرمات وتكرس القيم العالمية للديمقراطية، من خلال التنصيص على حرية الضمير والمعتقد والعبادة وإقرارالمساواة بين الجنسين وحسم النقاش حول جدلية الدين والسياسة من خلال التمسك بأن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وسيادة القانون". 

وذكّر الوزير أيضا بتنظيم تونس لانتخابات تشريعية ورئاسية حرة ونزيهة سنة 2014 وتنظيم أول انتخابات بلدية شفافة في تاريخها في شهر أيار (مايو) 2018.

 

إقرأ أيضا: السبسي: التوافق مع النهضة ساهم باستقرار البلد ولست نادما عليه

من جهة أخرى، تطرق الوزير إلى جملة التحديات التي عرفتها تونس ما بعد الثورة وفي مقدمتها تحدي مواجهة خطر الإرهاب، مثمنا في هذا الصدد النجاحات التي حققتها القوات الأمنية التونسية في الحد من خطورة المجموعات الإرهابية، لجاهزيتها ولوجود إجماع لدى عموم التونسيين برفض التطرف بمختلف أشكاله، مؤكدا أن الوضع الأمني في تونس عرف تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة واستعادة تونس صورتها التقليدية كبلد سياحي آمن.

وبخصوص المقاربة التونسية لمقاومة الإرهاب، أشار الجهيناوي إلى أن "التعامل مع هذه الظاهرة العابرة للحدود الوطنية يتجاوز قدرات كل دولة على حدة ويتطلب تعاونا إقليميا ودوليا واسعا"، مؤكدا "أن الاستثمار في التنمية الاقتصادية الشاملة وفي التعليم تبقى من أهم وسائل التوقي ضد التطرف".

ولفت الجهيناوي الانتباه إلى أن النجاحات التي حققتها تونس على أكثر من صعيد لم تكن وليدة الصدفة بل هي نتاج لمد إصلاحي طويل يمتد على أكثر من 3000 سنة حضارة ووجود مجتمع مدني نابض بالحيوية وطبقة وسطى متعلمة وإقتصاد متنوع يتوفر على إمكانات هامة. 

في المقابل أكد خميس الجهيناوي على أن تحديات عدة ما تزال تواجه تونس وفي مقدمتها الاستجابة لانتظارات الشباب التونسي في مجال التشغيل وتحقيق الإنتقال الاقتصادي وخلق التنمية لمجابهة المطلبية الاجتماعية.

وبخصوص التحديات الخارجية، أشار الوزير بالخصوص إلى دقة الوضع الأمني الذي تمر به ليبيا وتأثيراته المباشرة على تونس، مجددا التأكيد على ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى استئناف المسار السياسي في هذا البلد برعاية الأمم المتحدة حتى يستعيد إستقراره ويتجه نحو بناء مؤسساته. 

وأكد الجهيناوي، في محاضرتها التي حضرها عدد من المسؤولين الأرجنتينيين وثلة من الأكاديمين والباحثين وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بالأرجنتين، على أن الدبلوماسية التونسية تقوم على قيم ومبادئ ثابتة تحدد توجهاتها وطبيعة المواقف التي تتخذها على صعيد السياسة الخارجية، مضيفا أن تونس تعمل على تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع العالم العربي وإفريقيا وأوروبا، وهي تتطلع لتقوية روابط الصداقة والتعاون التقليدية التي تجمعها مع دول أمريكا وآسيا.

وذكر الوزير أن ديمقراطية تونس الناشئة تبقى ملتزمة التزاما راسخا باحترام القانون الدولي والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مشيرا إلى استعداد تونس للانضمام إلى مجلس الأمن كعضو غير دائم للفترة 2020 ـ 2021، حيث ستركز الدبلوماسية التونسية على بعض الأولويات المتعلقة خاصة بتعزيز السلام في العالم والتسوية السلمية للنزاعات بما في ذلك النزاعات في إفريقيا والشرق الأوسط إلى جانب تعزيز مشاركة المرأة والشباب في عمليات حفظ السلام ومواجهة التحديات الناجمة عن خطر الإرهاب وتغير المناخ والتهديدات السيبرانية للأمن والتنمية الدوليين.