قضايا وآراء

الذكرى الأربعون للثورة الإيرانية

1300x600

قامت الثورة الإسلامية في إيران في شباط (فبراير) 1979، وهذا العام هو عام التحولات الكبرى بين العرب وإسرائيل وبين إسرائيل وإيران وبين مصر وإسرائيل وكذلك بين مصر والعرب، وفي آذار (مارس) هذا العام تحل الذكرى الأربعون أيضاً لصفقة السلام الإسرائيلية المصرية.

الثورة الإيرانية ظلت في مواجهة هذه الصفقة تشكل المحور الأساسي في السياسات الإقليمية والدولية، وكانت النتيجة ازدهار إيران رغم محاولات خنقها الإسرائيلية والعربية ووصولها إلى رقم يصعب تجاوزه في السياسات الإقليمية والدولية. 

 

إقرأ أيضا: هكذا احتفل الإيرانيون بذكرى الثورة.. وروحاني يهدد

أما إسرائيل فهي الفائز الأكبر بعد تردي الحالة العربية وتسيد إسرائيل على المنطقة العربية بعد تحجيم مصر واختراقها، وهكذا تقدمت السعودية متوهمة أنها تمثل العرب، وأن كل العرب يجب أن ينتظموا لدعمها في مواجهة إيران وبالتحالف مع إسرائيل. وهكذا أصبحت الكتل الثلاث المتفرعة عن هذا الحدث الكبير في تحالف وتصارع، ويمكن القول إجمالا إنه منذ ثورة إيران فإن تركيا برزت هي الأخرى بمشروعها، فبدأ الصراع بدرجات مختلفة بين المشروعات الثلاثة الإيرانية والإسرائيلية والتركية على جثة العرب، وتقدمت إيران لمساندة سوريا وتراجعت تركيا قليلا في الأزمة السورية وركزت على قضية الأكراد ثم أنتجت الأزمة السورية تحالفا جديداً بين إيران وروسيا والصين.

والسؤال الذي يجب أن يلح في هذه الذكرى: لماذا نجحت إيران وتدهور حال العرب وازدهرت إسرائيل؟ وأين القضية الفلسطينية في هذا المعترك؟ 

في الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية، وهي ثورة سياسية وليست دينية، لأن إيران دولة إسلامية تاريخياً وإن كانت تعتنق المذهب الشيعي منذ عدة قرون، والذي تغير هو تحول إيران من دولة تابعة للولايات المتحدة ومعادية للاتحاد السوفييتي إلى دولة مستقلة تطالب بالاعتراف بقوتها وقدرتها على الصمود طوال أربعين عاما من محاولات الفتك بها.

 

إقرأ أيضا: برقية تهنئة من أمير قطر لروحاني بالذكرى الأربعين للثورة

وقد تزعمت إيران معسكر المقاومة ضد إسرائيل والهيمنة الأمريكية بينما يفخر نتنياهو بأنه أحدث ثورة في عقليات الحكام العرب والمسلمين، ولذلك كان طبيعياً أن يحدث الصدام بين إسرائيل وإيران، والفرق عند إسرائيل بين تركيا وإيران وهي دول كبرى تستطيع أن تسحق إسرائيل وحدها في أيام بينما تستطيع إسرائيل هزيمة كل العرب في نفس الأيام. نقول إن الفارق عند إسرائيل هو أن تركيا دولة ورثت الامبراطورية العثمانية التي كانت تهيمن على المنطقة العربية لعدة قرون وأنها حملت لواء الإسلام ضد أوروبا طوال هذه المرحلة حتى تكالبت عليها الصهيونية والعرب فهزمت وانتهت بعد الحرب العالمية الأولى، وتعلم إسرائيل أن نقطة التحول في تركيا نحو العداء لإسرائيل والصراع معها على الهيمنة على المنطقة هو أردوغان وحزبه الحاكم ولذلك لم تتوقف مؤامرات إسرائيل عليه.
 
أما إيران فقد كانت حليفا لإسرائيل مثل تركيا زمن الحكم العسكري يوم كان العرب يمكن أن يشكلوا قوة رابعة في المنطقة ولكن إصرار إيران على أن تكون محورا أساسياً في معادلات القوة هو الذي أزعج إسرائيل فهي بين مشروعين مشروع العثمانية الجديدة الذي يرتكز على الإسلام عموما ومشروع الامبراطورية الفارسية الذي يستلهم قيم المذهب الشيعي. وعندما يتحالف العرب مع إسرائيل ضد إيران فإن روسيا وتركيا سوف تدافعان عن المحور الإقليمي الذي تمثله إيران.

 

إقرأ أيضا: ترامب يغرد عن ذكرى الثورة الإيرانية.. ماذا قال؟

والعرب في هذه الحالة يفضلون إسرائيل على الفلسطينيين بينما تظهر إيران وكأنها الحامي الوحيد للفسطينيين والمدافع الوحيد عن بقاء العروبة بمعنى جديد.

والخلاصة هي أن الثورة الايرانية تخطو نحو عامها الحادي والأربعين وهي تواجه مؤامرات إسرائيل والخليج وبعض العرب، ولا يليق بمصر أن تكون ضائعة بين هذه المحاور الأساسية بعد أن كانت (مصر) هي المحور الأساسي قبل أن تتسيد إسرائيل على حسابها.

نقطة أخيرة، تدرك إيران ثقل مصر المحتمل، ولذلك تتمنى ألا تضيع مصر تحت سنابك الخيل في العاصفة التي يخططون لها. وأعتقد أن الشعوب العربية يمكن أن تعتبر الهجوم الإسرائيلي على إيران، وهي الوحيدة التي تدعم المقاومة وتساند الحق العربي، لحظة انفجار ضد الحكام الذين استعبدوهم ونهبوا مواردهم واختاروا عدوهم حليفا حتى تسقط إيران فتخلص المنطقة كلها لإسرائيل. ويجب على العرب أن يفهموا هذه المعادلة، فالصراع أساساً ليس بين العرب وإيران وإنما بين إيران وإسرائيل ويوم يستعيد العرب إرادتهم سوف يتحاورون مع إيران ويضطرون إسرائيل إما إلى القبول بدولة فلسطينية وإما الرحيل، لأن إسرائيل تراهن على ضياع الهوية العربية والإسلامية للمنطقة، وعار على العرب أن تدافع إيران عن هذه الهوية حتى لاعتبارات سياسية.

تحية للشعب الإيراني ولرجال الدين الإيرانيين الذين أثبتوا أن الفكر السياسي الشيعي لا يقبل الاستبداد، وأن تطويع الفكر السني لهذا الاستبداد هو الذي أطاح بالقوة العربية، ولا يجوز للمسلمين أن يبتدعوا انقساما في الإسلام، فالقرآن الكريم لا يعرف إلا إسلاماً واحداً، وأن فتنة الشيعة والسنة هي من عمل الشيطان الأمريكي، وأظن أن هذا النداء قد لا يستمر مطروحاً لأن تطورات الأحداث سوف تجعل العرب جميعا كالأيتام على مآدب اللئام.

 

إقرأ أيضا: ثورة تعيش سن المراهقة في الأربعين!