سياسة عربية

هكذا نكأ وثائقي "في سبع سنين" جراح شباب الثورة المصرية

الفليلم رصد بعض التحولات التي طالت شباب مصر منذ ثورة 25يناير- جيتي (أرشيفية)

"بكيت لأجلهم ولأجلنا؛ لأجل من غابوا، لأجل من رحلوا، لأجل من قُتلوا، ولأجل من أُسرو، لأجل من ضحوا، ولأجل من فُتنوا، ولأجل الراغبين في الثبات الداعين الله ألا يُبدل ويُغير قلوبهم، ولأجل من بدلوا وغيروا، لأجل التائهين منا والسائلين منهم"، تلك الكلمات الحزينة للشابة زينب القاضي، كتبتها معبرة عن حال شباب الثورة المصرية بعد عرض وثائقي "#في_سبع_سنين".

 

حديث زينب، يأتي ضمن حالة جدل أثارها الفيلم الوثائقي "في سبع سنين- بين الإلحاد والتشدد الديني"، إنتاج فضائية "الجزيرة، والذي يرصد بعض التحولات التي طالت شباب مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، كاشفا عن سقوط عدد منهم بشراك الإلحاد والفكر المتطرف، إثر ضياع حلمهم الثوري.

 

وأظهر الفيلم 8 من الشباب الذين شاركوا بالثورة وكيف كانت أحلامهم وطموحاتهم وكيف وصل الحال ببعضهم الآن -4 ملحدين و4 جهاديين- من خلع للحجاب والنقاب، والتنكر لأفكار جماعات الإسلام السياسي، لاعتناق أفكار متشددة، وحتى الشك بوجود الله تعالى، والإلحاد.

 

https://youtu.be/72j5DhsDjIk?t=7

 

الفيلم، فجر مشاعر شباب آخرين قهرتهم هزيمة الثورة، ولكنهم مازالوا ثابتين، بينهم الشابة زينب القاضي، التي تقول: "لأجل أسئلة ظلت عالقة لم نعثر على إجابتها بعد ما حملناها بداخلنا وأغلقنا عليها خشية أن نضل بها، لأجل ثقتنا الزائفة بالأشياء والأشخاص، بكيت لكل هذا ثم سألت الله ثانية ألا يبدل علينا قلوبنا وألا يؤاخذنا بما نحمله فيها ولا ما بدى منها".

 

 

وعبر حساب باسم "المُهَاجِر"، عن حجم مرارة ما عايشه شباب الثورة بقوله: "ما مررنا به #في_سبع_سنين لا يوصف في 60 دقيقة".

 

 

نشطاء رأوا أن الفيلم جاء كاشفا لحقيقة يتجاهلها كثيرون على مدار 7 سنوات، بينما يعتقد آخرون أنه بغير محله ويجب علاج المشكلة دون الجهر بها إعلاميا، فيما كال آخرون الاتهامات لتيار الإسلام السياسي برفع سقف أحلام الشباب ثم انهياره بعد فشل التجربة.

 

القيادي السابق بالإخوان المسلمين محي الدين عيسى، أكد أن "الفيلم، صرخة تحذير لما وصل إليه شباب وفتيات وأسباب التحول للإلحاد والتطرف"، معلنا تعاطفه مع النماذج الثمانية بالفيلم كونهم مجني عليهم.

 

وانتقد عيسى، خطاب الإسلاميين بعد ثورة يناير مشبها إياه بخطاب جمال عبدالناصر إثر هزيمة 1967، ودغدغة المشاعر بشعارات دون مضمون وأفعال متناقضة، مضيفا أن الكارثة كانت أكبر بخطاب منصة اعتصام (رابعة).

 

وقال إن النتيجة هي تساؤل الشباب كيف تُهزم الفئة المؤمنة؟ وغيرها من علامات التشكيك بوجود إله عادل، مؤكدا أنه تلقفتهم مجموعات بمواقع الإنترنت بعقول جاهزة للتشكيك والإلحاد. وأشار إلى أن "النماذج الأربعة الأخرى بفعل الصدمة والتعذيب سافرت لحمل السلاح بسوريا، لكن سُرعان ما تبين لهم كذب وخديعة هذه التنظيمات؛ ولا يعرفون كيف التراجع عن هذا الطريق". وختم بالقول: "تعاطفت معهم لحد البكاء على ما أصاب جيلا من صدمة جناه عليه قيادات فاشلة".

 

  

 

وفي تعليقه قلل الكاتب الصحفي قطب العربي، من حجم الأزمة مؤكدا أن "الفيلم قدم الجانب السلبي المسكوت عنه بتحولات الشباب بعد ثورة يناير وانقلاب 3 يوليو من إلحاد أو اتجاه للعنف"، موضحا أن "هذه النماذج تظل الاستثناء وغالبية الشباب لا زالوا بخير، ولدينا من نماذج الصمود الشبابية الآلاف".

 

وأشار العربي، لرفض الشباب بالسجون توقيع استمارات توبة للإفراج عنهم، ونجاح الشباب المطارد والهارب بالدراسة بجامعات عالمية، وتعلم اللغات والعمل، مضيفا أن "معاناة الشباب لا ينكرها أحد ولكن الغالبية صامدة وتقاوم وتحافظ على مبادئها وتطور نفسها".

 

  

 

وفي تعليقه قال الباحث بعلم الاجتماعي السياسي قياتي عاشور: "الفيلم بمجمله يعكس تجارب ذاتية لا تمثل بأي شكل من الأشكال ظاهرة مجتمعية يمكن تسليط الضوء عليها"، متسائلا: "لماذا يتم التركيز على مصر تحديدا من الجزيرة؟ وهل الشباب المصري يمثله الملحدين والإرهابيين والمتطرفين فكريا إن جاز لنا التعبير؟"، مجيبا: "قطعا لا؛ لأن الفيلم قائم على رؤى وتجارب شخصية لا يمكن القياس عليها أو التعميم بها ولا تمثل سوى أصحابها".

 

الأكاديمي بكلية الآداب جامعة بني سويف، يرى بحديثه لـ"عربي21"، أن "القاسم المشترك هو الحالة النفسية والصدمة التي ألمت بتلك الشخصيات على المستوى الشخصي أو لأحد أقاربهم وصنعت منهم شخصا مختلفا"، مشيرا إلى أنه "لا توجد موضوعية بالعرض والطرح". وأضاف، عاشور، أن الفيلم ركز في التقرير على حالة التدين بمصر أن 4 بالمئة ملحدون و11 بالمئة من الشباب يرون العمل المسلح حلا لمواجهة السلطة دون الإشارة للنسبة الأكبر 96 بالمئة بالأولى و89 بالمئة بالثانية.

 

وأكد أن هناك نقاطا كثيرة تعكس حالة السطحية والتدليس، متسائلا: "وماذا عن القطاع العريض من الشباب المصري الذين أصبحوا أفضل وأرقى بمجالات كثيرة بعد الثورة؟ وماذا عن الشباب الطبيعيين الذين لم يصبهم التغيير قط بالأحداث التي مرت بمصر سوى زيادة الانتماء والهوية وحب البلد، أين هم من الوثائقي؟". وأوضح أن "أي ثورة بالتاريخ لها تغيرات على المستوى الاجتماعي والثقافي على المجتمعات، ولنا بالثورة الفرنسية المثال؛ ولكن لم تقد التحولات المجتمع للإلحاد والتطرف".