سياسة عربية

اكتشافات الغاز بمصر تتوالى.. فما مبرر استيراده من إسرائيل؟

"العلاقة بين مصر وإسرائيل يحكمها الآن الضمان الأوروبي والأمريكي"- فيسبوك

بعد سلسلة اكتشافات متوالية للغاز الطبيعي بمصر، أعلنت شركة "إيني" الإيطالية أمس الخميس، عن اكتشاف حقل جديد بالصحراء الغربية، بقدرة (25 مليون) قدم مكعبة يوميا، وهو ما يدفع للتساؤل حول مبرر استمرار مصر في تعاقدها لشراء الغاز الطبيعي من إسرائيل.

وأعلنت الشركة الإيطالية، أحد اللاعبين الأجانب الكبار في مصر منذ عام 1954، عن اكتشاف حقل غاز بمنطقة امتياز "شرق الأُبيض"، يصل عمقه (17 ألف) قدم مكعب، وينتج (25 مليون) قدم مكعبة يوميا بشكل تجريبي.

وفي تعليقه حول قيمة الحقل المكتشف، قال نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق، مدحت يوسف، إن اكتشاف البئر بهذا الإنتاج اليومي يعد إنجازا يحسن وضع مصر بمجال الغاز الطبيعي.

اكتشافات 2018

"إيني"، المنتج الرئيسي للبترول والغاز بمصر، بطاقة إنتاجية (300 ألف) برميل يوميا، منها (55 ألف) برميل نفط بالصحراء الغربية، والتي تمتلك حق امتياز حقل "ظهر" العملاق، كانت أعلنت في تموز/ يوليو، عن اكتشاف حقل "فاجور" النفطي بالصحراء الغربية، (130 كم) شمال واحة سيوة.

وفي27حزيران/ يونيو الماضي، أعلنت الشركة عن اكتشاف حقل غاز "نور"، بمنطقة امتياز شروق بالبحر المتوسط باحتياطيات (90 تريليون) قدم مكعبة، لتصفه الصحف المصرية بالأكبر بالمنطقة.

وفي 7 آذار/ مارس الماضي، أعلنت مصر اكتشاف حقول غاز جديدة غرب الدلتا، وأنها ستنتج ما بين (500-700 مليون) قدم مكعبة غاز يوميا من حقلي "جيزة" و"فيوم"، شمال الإسكندرية.

وفي 19 شباط/ فبراير الماضي، تم اكتشاف حقل غاز جديد بقرية "أبورمضان" بالدقهلية (وسط الدلتا).

وفي 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، افتتح رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مرحلة الإنتاج المبكر لحقل "ظهر" بالبحر المتوسط، بمعدل (350 مليون) قدم مكعب غاز يوميا، والذي تم اكتشافه في 2015 كأكبر حقل غاز بالشرق الأوسط باحتياطيات (30 تريليون) قدم مكعب غاز.

 

اقرأ أيضا: هل باع السيسي حقوق مصر في النفط والغاز للشركات الدولية؟

ووسط سلسلة الاكتشافات وقعت مصر مع "إيني" ثلاث اتفاقيات للتنقيب عن الغاز والبترول بمنطقة "نور" البحرية بشرق البحر المتوسط، ومنطقة امتياز دلتا النيل والصحراء الغربية.

وضع مصر الآن

وحول وضع مصر بعد تلك الاكتشافات، قالت شركة "بيكرهيوز جي إي" الأمريكية، بمؤتمر بالقاهرة، في نيسان/ أبريل الماضي، إنها "وضعت مصر ضمن أفضل 20 دولة عالميا من حيث احتياطيات وإنتاج الغاز الطبيعي"، وإن ذلك يمهد لتحولها لمحور إقليمي ومصدر للغاز.

وكانت الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" قد قدرت احتياطيات الغاز بتقديرات أولية لمنطقة "شروق" بالبحر المتوسط لنحو (122 تريليون قدم مكعب) غاز، أكدت أنها تكفي مصر 30 عاما.

وأكد وزير البترول، طارق الملا، أن إنتاج الغاز الطبيعي بلغ نحو (5.5 مليار قدم مكعب) غاز يوميا، بارتفاع 50 بالمئة عن عام 2016، مضيفا في حزيران/ يونيو، أن استيراد مصر للغاز سيتوقف خلال الربع الأخير من 2018، موضحا أنه في آب/ أغسطس، يبلغ إجمالي حجم الإنتاج (6 مليارات قدم مكعب) يوميا، ومن المنتظر أن يرتفع إلى (6.5 مليار قدم مكعب) في أيلول/ سبتمبر.

لماذا نستورد الغاز؟

والسؤال: لماذا لا تعطي هذه الاكتشافات المتعددة للغاز بمصر والاحتياطيات المتوقعة المبرر لإلغاء تعاقد شركة دولفينوس المصرية مع إسرائيل بقيمة 15 مليار دولار لشراء الغاز الإسرائيلي لمدة 10 سنوات، والتي أعلن عنه في شباط/ فبراير الماضي؟


وفي رده، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، أنه "مع الإعلانات المتواصلة عن اكتشاف مزيد من حقول الغاز والاكتفاء الذاتي من الغاز بنهاية العام الجاري، حسب تصريحات وزير البترول طارق المُلا، فإنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي واحد لإتمام صفقة استيراد الغاز من الكيان الصهيوني، خاصة مع تكلفتها السياسية والمالية الضخمة"، موضحا أنها "تعد تطبيعا مع إسرائيل، وكلفتها 15 مليار دولار".

 

اقرأ أيضا: أزمات كبرى تبتلع إنتاج مصر من الغاز بـ 2018.. تعرف عليها

واستنكر عبد السلام، خلال حديثه لـ"عربي21"، ما وصفه بـ"إصرار مصر على هذه الصفقة، خاصة أن فترة الاستيراد تمتد لعشر سنوات"، مضيفا: "هذا الإصرار يضعنا أمام احتمالين، الأول: هو عدم صحة التصريحات الرسمية التي تتحدث عن اكتفاء مصر من الغاز، خاصة من حقل (ظهر) وحقول الصحراء الغربية".

وأردف: "الاحتمال الثاني: هو الإصرار على التطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني، رغم عدم الحاجة لغازه؛ وبالتالي الإصرار على دعم الخزانة الإسرائيلية بمليارات الدولارات من جيوب المصريين ودافعي الضرائب".

وأضاف: "الحديث عن أن الغاز المستورد من إسرائيل هو لأغراض التصدير فقط، وتشغيل محطة الإسالة هو كلام غير دقيق، خاصة مع إعلان كبار المسؤولين بوزارة البترول المصرية قبل أيام أن جزءا من غاز إسرائيل سيوجه للاستهلاك المحلي"، موضحا أن هذا "يعني الإصرار على الصفقة، بغض النظر عن أي اعتبارات وطنية أو سياسية أو اقتصادية".

تعزيز الشراكة

من جانبه، أكد الباحث والمحلل السياسي، محمد حامد، أن صفقة الغاز الإسرائيلي لمصر لها هدفان، الأول: تصدير الغاز الإسرائيلي بعد تسييله إلى دول أوروبا، والثاني هو تعزيز شراكة السلام أكثر من أي شيء آخر".

وحول كون قصة استيراد الغاز من إسرائيل سياسية أكثر منها اقتصادية، أوضح حامد، لـ"عربي21"، أن "العلاقة بين مصر وإسرائيل يحكمها الآن الضمان الأوروبي والأمريكي".

وقال إن "استيراد الغاز الإسرائيلي أو القبرصي أو اللبناني من خلال أنابيب الغاز التي تمر بالأراضي المصرية هدفها أن تكون مصر مركزا لتسييل الغاز بمنطقة الشرق الأوسط، ثم تصديره لأوروبا لا أكثر ولا أقل".

وأكد أن "عقد استيراد الغاز من إسرائيل غير مرتبط بالاكتشافات الجديدة من شركة إيني أو بالصحراء الغربية وبالبحر المتوسط، لكنه مرتبط برغبة أوروبا وحاجتها للغاز المسال عن طريق دول جنوب المتوسط، المتمثلة في مصر وإسرائيل وسوريا ولبنان".