صحافة دولية

صفقات الرياض وموسكو.. هل تدخل حيز التنفيذ أم مجرد وعود؟

الملك سلمان
نشرت صحيفة "كولوكول روسيا" الروسية تقريرا، تطرقت فيه إلى الزيارة التاريخية للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو. والجدير بالذكر أن روسيا تعلق آمالا كبيرة على هذه الزيارة على الرغم من تشكيك مراقبين في نتائج هذه الزيارة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن زيارة الملك سلمان تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الروسية السعودية. وقد كان الاجتماع الذي انعقد بين العاهل السعودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتناولا فيه الوضع في السوق النفطية وكذلك أفق حل للنزاعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

بالإضافة إلى ذلك، تعد مسألة التعاون التقني العسكري موضع نقاش، بما في ذلك توريد منظومة الصواريخ المضادة للطائرات إس ـ 400.

ووفقا لما جاء على لسان وزارة الصناعة والتجارة الروسية، فإن المملكة تعتزم الاستثمار في أكثر من 25 مشروعا روسيا في قطاع المواد الاستهلاكية، والزراعة والعقارات والبنية التحتية، ناهيك عن قطاع النفط والغاز.

وذكرت الصحيفة، أن هذه الزيارة ستكلل بتوقيع العديد من الاتفاقيات، حيث سيعمل الجانبان على إبرام اتفاقيات استثمارية تفوق قيمتها 3 مليارات دولار.

 وتتعلق جميع المشاريع تقريبا في قطاع الطاقة، في حين أنه من المرجح إنشاء شركة استثمار مشتركة بقيمة 1 مليار دولار. وفي هذا الصدد، أبدى المستثمرون السعوديون اهتمامهم بشركة أوراسيا دريلينج، والينداكس، إضافة إلى مشاريع بصدد التنفيذ مثل مشروع الطريق السريع وخطوط السكك الحديدية الخفيفة في سانت بطرسبرغ.

وبينت الصحيفة أن المملكة، فضلا عن العديد من دول الخليج أيضا، تسعى إلى خلق موازنة تضمن عدم احتكار الولايات المتحدة الأمريكية للمنطقة. ومن هذا المنطلق، تعمل المملكة العربية السعودية على إقامة علاقات مع روسيا، خاصة فيما يتعلق بالشأن السوري. فقد بات من الواضح لدول الشرق الأوسط أنه يستحيل حل المشكلة دون موسكو.

في المقابل، أكد مدير مركز الدراسات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، سيميون باغداساروف، أن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا لا تحيل بالضرورة إلى برود العلاقة بين الرياض وشريكها الاستراتيجي، الولايات المتحدة الأمريكية، التي تؤدي دورا مهما في المنطقة.

وأفادت الصحيفة أنه على الرغم من أن هذه الزيارة قد ينظر إليها على أنها حدث تاريخي، حيث تعتبر الأولى من نوعها بالنسبة للملك سلمان، إلا أنه لا يجب أن يعلق عليها آمال كبيرة. فقد سبق أن تعهد السعوديون بشراء معدات عسكرية كثيرة من روسيا، من خلال إرسال طلبات لشراء الأسلحة، ولكن دون أن يتم التوقيع عليها في نهاية المطاف.

ومن المثير للاهتمام أن روسيا تتعامل بالفعل مع دول الخليج العربي، لعل أبرزها الإمارات العربية المتحدة، ومؤخرا، قطر التي بلغ حجم استثماراتها في الاقتصاد الروسي نحو 12 مليار دولار. أما بالنسبة للرياض فيقتصر الأمر فقط على الكلام وتقديم الوعود.

وأوردت الصحيفة، على لسان سيميون باغداساروف، أنه "حتى لو افترضنا أن روسيا ستقوم بتزويد المملكة العربية السعودية بالأسلحة بما في ذلك منظومة الصواريخ المضادة للطائرات إس ـ 400، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط. ويعزى ذلك إلى أن السعوديين، من دون الأسلحة الروسية، لديهم ما يكفي من الأسلحة التي وقع شراؤها سابقا من الأمريكيين. وعلى الرغم من كل هذا العتاد، فإن المملكة عاجزة عن التعامل مع الوضع في اليمن والسيطرة على صنعاء".

وصرحت الصحيفة، أن روسيا تحاول منذ سنوات الدخول إلى سوق الأسلحة السعودية. فقد سبق أن ناقشت موسكو والرياض جملة من العقود المحددة، التي بلغ حجمها عدة مليارات من الدولارات، إلا أن ذلك لم يدخل حيز التنفيذ وظلت مجرد وعود فقط. وحسب المحللة السياسية المستشرقة، كارين جيفورجيان، تم الإعداد لزيارة الملك إلى روسيا بعناية فائقة لمدة سنة على الأقل، مما قد يعني أن الطرفين قد اتفقا مسبقا على جميع البنود والشروط التي تتلاءم مع كل منهما، وإلا لما وقعت الزيارة منذ البداية.

وبينت الصحيفة أن زيارة الملك ذات أهمية دبلوماسية. فمن الجلي أن المملكة العربية السعودية تتخبط في العديد من المشاكل، فضلا عن صراعات داخل النخبة، مما يدفعها إلى البحث عن خيارات مختلفة من شأنها تحقيق توازن على مستوى القوى. بالإضافة إلى ذلك، غيرت مشاركة روسيا في الحملة السورية ضد تنظيم الدولة الوضع برمته في الشرق الأوسط، حيث أضحت موسكو تتمتع بموقع مختلف في المنطقة. وقد أثار ذلك مخاوف السعوديين.

والجدير بالذكر أنه سيتعين على موسكو تقديم بعض التنازلات ضمن عملية التفاوض بشأن العديد من المسائل على غرار القضية السورية. في المقابل، لن تحيد روسيا عن المواقف التي أعلنت عنها سابقا بشأن الرئيس بشار الأسد وبقائه في السلطة.

وذكرت الصحيفة أن واشنطن لم تبادر بتجاهل زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى موسكو. وفي هذا الصدد، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، أن هذا الحدث لن يزعزع العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة، وأن زيارة الملك السعودي إلى موسكو تظهر بوضوح أن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية جد متينة. وفي هذا السياق، وبالنظر إلى المشاكل التي تواجهها إدارة ترامب والإجراءات التي اتخذها ريكس تيلرسون ضمن السياسة الخارجية الأمريكية، من الصعب أن تقوم  واشنطن بعرقلة مسار الرياض في إنشاء شراكة مع موسكو.

وفي الختام، أقرت الصحيفة بأنه على ضوء التغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تبدو المعلومات المتعلقة بعقود شراء الأسلحة الروسية واعدة للغاية. وبالتالي، قد يتمكن العاهل السعودي بفضل الأسلحة الروسية من إعادة الأمور إلى نصابها في المنطقة.

الصحيفة: كولوكول روسيا

الكاتب: آناتولي مولشانوف

الرابط:

https://kolokolrussia.ru/geopolitika/saudovskiy-monarh-privez-v-rossiu-milliardne-fantomhttps://http//kolokolrussia.ru/geopolitika/saudovskiy-monarh-privez-v-rossiu-milliardne-fantom