سياسة عربية

الأزهر يتحدى السيسي ويفحمه ويقر وقوع الطلاق الشفوي

حالات طلاق- أرشيفية
حالات طلاق- أرشيفية
أقرت هيئة كبار العلماء في الأزهر، بوقوع الطلاق الشفوي، المستوفي شروطه وأركانه، دون اشتراط توثيق أو إشهاد، مشددة على أن هذا هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وأوضح بيان صادر عن الهيئة، الأحد، أنها خلصت إلى هذه النتيجة، بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم بعد اجتماعات عدة عقدتها لبحث عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة، من بينها حكم الطلاق الشفوي، وأثره الشرعي.

ويمثل البيان، وفق نشطاء ومحللين، تحديا قويا لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الذي كان قد دعا في كلمة ألقاها في 24 كانون الثاني/ يناير الماضي، بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة، إلى إصدار قانون يحظر إيقاع الطلاق الشفوي دون توثيق لدى المأذون، أو الجهات الرسمية.

وقال السيسي وقتها إنه طبقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يتم طلاق 40% من المتزوجين خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، مدعيا أن مثل هذا القانون يستهدف "إعطاء الناس فرصة لمراجعة نفسها بدلا من أن يتم الطلاق بكلمة من الرجل".

وتوجه السيسي بعد ذلك إلى شيخ الأزهر، أحمد الطيب، الذي كان يحضر الاحتفال، قائلا له بالعامية: "ولا إيه يا فضيلة الإمام؟"، ثم أردف موبخا: "تعبتني يا فضيلة الإمام".

وشنت وسائل إعلام قريبة من السيسي حملة عنيفة على شيخ الأزهر عقب هذه الحادثة، وطالبته بالاستقالة، إلا أنه لم يستدل على موقفها من قرار الأزهر الجديد، بعدما ذهبت إليه سابقا في تأييد السيسي.

إلا أن هيئة كبار العلماء، في اجتماعها الأحد، برئاسة شيخ الأزهر، قالت إن مجلسها خلص بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم إلى وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية، وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وحتى يوم الناس هذا، دون اشتراط إشهاد أو توثيق.

وكأنها تفند ما ذهب إليه السيسي في دعوته المشار إليها، رأت الهيئة أن ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعنيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه.

وردا على استشهاد السيسي بإحصاءات الطلاق، قالت الهيئة إن إحصاءات الطلاق المعلن عنها حالات مثبتة وموثقة سلفا إما لدى المأذون أو أمام القاضي، وإن العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب، وحمايتهم من المخدرات بكل أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجاد، والدعوة الدينية الجادة المبنية على تدريب الدعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة، وعظم شأنها في الإسلام.

وفي حصار للدعوات إلى حظر الطلاق الشفهي إذا لم يتم توثيقه، التي تبناها عدد من الشيوخ والدعاة الموالين للسيسي، وأبرزهم خالد الجندي، ناشدت الهيئة جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذر من الفتاوى الشاذة التي ينادي بها البعض، حتى لو كان بعضهم من المنتسبين للأزهر؛ لأن الأخذ بهذه الفتاوى الشاذة يوقع المسلمين في الحرمة، حسبما قالت.

كما أهابت الهيئة بكل مسلم ومسلمة التزام الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء، والاستمساك بما استقرت عليه الأمة؛ صونا للأسرة من الانزلاق إلى العيش الحرام.

وتمنت على من "يتساهلون" في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء، وما استقر عليه المسلمون، أن يؤدوا الأمانة في تبليغ أحكام الشريعة على وجهها الصحيح، وأن يصرفوا جهودهم إلى ما ينفع الناس، ويسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع.

وبكلمات قوية تحمل إسقاطا على الواقع الاقتصادي المتردي بمصر، وفيما اعتبره نشطاء "إفحاما واضحا للسيسي"، قالت الهيئة: "ليس الناس الآن في حاجة إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم بحاجة إلى البحث عن وسائل تيسر سبل العيش الكريم".

وفي محاولة لإحداث نوع من التوازن في فتواها قالت الهيئة: "على المطلق أن يبادر فى توثيق هذا الطلاق فوْر وقوعه؛ حفاظا على حقوق المطلقة وأبنائها"، مضيفة أنه "من حق ولي الأمر شرعا أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لسن تشريع يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة على من امتنع عن التوثيق أو ماطل فيه؛ لأن في ذلك إضرارا بالمرأة، وبحقوقها الشرعية"، بحسب البيان.

كما دعت كل زوج إلى أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دون تراخ؛ حفظا للحقوق، ومنعا للظلم الذي قد يقع على المطلقة في مثل هذه الأحوال، مقترحة أن يعاد النظر في تقدير النفقات التي تترتب على الطلاق بما يعين المطلقة على حسن تربية الأولاد، وبما يتناسب مع مقاصد الشريعة، وفق قولها.

وكانت تقارير إعلامية تحدثت، الأحد، عن امتناع شيخ الأزهر عن التوجه لممارسة مهام عمله بمقر المشيخة منذ خطاب السيسي المشار إليه، غضبا مما قاله له، فيما توقع مراقبون أن يتم توظيف فتوى هيئة كبار العلماء من أجل إظهار السيسي كما لو كان قد خرج منتصرا في هذه المواجهة، والإيعاز لنواب موالين له بالتقدم بمشروع قانون عبر البرلمان لتوقيع عقوبات صارمة على كل من يطلق دون أن يوثق طلاقه، استنادا إلى الفتوى نفسها.
التعليقات (2)
بسام
الإثنين، 06-02-2017 03:42 م
بارك الله بالأزهر الشريف و علمائه الأفاضل.. بالرغم انه لكل جوادٍ كبوة ; يبقى الأزهر درع المسلمين
مسلم من المسلمين
الإثنين، 06-02-2017 07:56 ص
موقف شجاع وفي مكانه يا علماء الأزهر.. ولكن ولكن ولكن أين كان هذا الموقف عندما سفكت دماء الأحرار والحرائر؟؟ أين هذا الموقف من اعتقال وتعذيب الرجال والنساء؟