سياسة عربية

قيادي سيناوي: الجيش يبيع الوهم حين يدّعي القضاء على الإرهاب

عقيل: قيادة الجيش لم تعد تمتلك معلومات عن المسلحين خلال العامين الأخيرين
عقيل: قيادة الجيش لم تعد تمتلك معلومات عن المسلحين خلال العامين الأخيرين
أكد عضو مجلس الشورى المصري السابق عن محافظة شمال سيناء، يحيى عقيل، أن الهجوم الأخير الذي وقع في سيناء هو رسالة من تنظيم "ولاية سيناء" تقول إنه قادر على الضرب في عمق سيناء، ونقل المعركة خارج النطاق القديم له، مؤكدا أن ردود فعل الجيش المصري دائما ما تكون عشوائية، وتهتم بالتضخيم، وتوسيع رقعة القتل والقذف في المناطق المدنية.

وكشف -في حوار لـ"عربي21"- عن أن أجهزه سيادية دعت بعض مشايخ سيناء ليكونوا وسطاء في فتح حوار مع المسلحين لإجراء تفاوض للوصول لمصالحة وتسوية، إلا أن وزير الدفاع صدقي صبحي قال للمشايخ -خلال لقائه بهم في 29 أيلول/ سبتمبر الماضي- إنه لا تفاوض مع "الإرهابيين"، وعلى القبائل المساعدة في جمع السلاح، ما أحبط المشايخ، وأغلق ملف التفاوض، وانتهت فترة هدوء شهدتها سيناء، لتعود العمليات أكثر شدة.

وقال "عقيل": "طرح فكرة أن الحل الأمني هو الحل الوحيد للمشاكل في سيناء يخدم توجه السيسي، الحريص أشد الحرص على أن تظل هذه المنطقة ملتهبة لأطول فترة ممكنة، كي يتاجر بهذا الملف، الذي يسوق به نفسه في الخارج والداخل، خاصة في ظل حالة الفشل الذريع التي يعاني منها نظامه على كافة الأصعدة".

وأشار إلى أن السيسي يهدف للوصول لمنطقة خالية من السكان في منطقة شمال شرق سيناء تتراوح مساحتها ما بين 600 إلى 1200 كيلومتر مربع، ليتم السماح بتمدد قطاع غزة فيها، ثم إجراء عملية تبادل أراض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشدّدا على أن إسرائيل عرضت فكرة تبادل الأراضي، والسيسي بدأ في تنفيذ هذا المخطط، الذي قال إن ملامحه قد تتكشف بشكل أوضح مستقبلا.

وإلى نص المقابلة كاملة:

كيف ترون الهجوم الأخير الذي وقع في سيناء مؤخرا، وأدى لمقتل 12 جنديا بالجيش المصري؟

هو رسالة من تنظيم "ولاية سيناء" تقول إنه قادر على الضرب في عمق سيناء، ونقل المعركة خارج النطاق القديم لها، وأيضا توضح أثر ضغط الجيش وتكثيف عملياته في شمال شرق سيناء، ما مثل تضييقا على الولاية في أن تقوم بعمليات بمثل هذا الحجم في مربع بئر العبد والعريش والشيخ زويد ورفح. كما أنها عملية موجعة للجيش، وتكبد فيها خسائر كبيرة.

كيف ترى رد فعل الجيش المصري على هذا الهجوم؟

تعودنا أن ردود فعل الجيش دائما ما تكون عشوائية، وتهتم بالتضخيم وتوسيع رقعة القتل والقذف، ودائما ما تكون في المناطق المدنية، تحت ذريعة أن المسلحين يحتمون بالأهالي المدنيين، وعادة ما يسقط الكثير من الضحايا المدنيين في مثل هذه العمليات، لكن الواقع يقول إن الضرب يكون عشوائيا وفي قرى ومدن وتجمعات مدنية، وأكبر دليل على ذلك، أنه خلال العملية الأخيرة تم قصف مزرعة دواجن، وقتل 25 ألف دجاجة، رغم أن الاستخبارات تقول إنها تملك معلومات تصفها بالدقيقة. 

بيان القيادة العامة للقوات المسلحة الأخير قال إن الجيش لديه معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد بمناطق الإيواء وإعادة التمركز لمجموعات من العناصر، التي وصفها بالتكفيرية المسلحة.. فلماذا يتم ضربهم بالطائرات بعد قتل الجنود، ولم تحدث ضربات استباقية قبل الهجوم؟

أعتقد أن قيادة الجيش كانت لديها معلومات تفصيلية عن المسلحين في فترة من الفترات، لكن خلال العامين الأخيرين حدثت تغيرات كبيرة في نوعية المسلحين وأعدادهم، وأيضا مشاكل في مصادر المعلومات وتحديثها، وإلا، فلماذا لم يضرب الجيش استباقا؟ وأظن أن هذه النقطة كافية لنقول إن هناك مشاكل واضحة في المعلومات حول المسلحين وتحركاتهم.

ما هي دلالة وقوع هذا الهجوم في منطقة وسط سيناء، التي تشهد للمرة الأولى هجوما بهذا الحجم؟

هناك دلالة خطيرة مفادها أن هؤلاء المسلحين تحركوا لمسافة تزيد عن مئة كيلومتر من أقصى شمال شرق سيناء إلى منطقة كمين زقدان، الذي كان في منطقة بعيدة عن توقعات وصول المسلحين إليها، وأنهم مروا في طريقهم بأكثر من 10 كمائن ثابتة، أو استطاعوا العبور من حولها، وهذا يفسر أن السيطرة على منطقة وسط سيناء ضعيفة جدا، وأن التواجد الأمني بها تواجد رمزي بوجود بعض المجندين داخل الكمائن، إضافة إلى أن المجندين بها ليسوا عسكريين بالأساس، بل هم من المجندين إجباريا، ويقضون فترة الخدمة التي لا تزيد عن العام، وأعمارهم وخبرتهم البسيطة والمحدودة تجعلهم هدفا سهلا للمسلحين.  

هل تعتقد أن توقيت الهجوم الأخير في سيناء مرتبط بمظاهرات 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل والأزمة الاقتصادية أم لا؟

لا أظن أن هناك ارتباطا بين الهجوم ومظاهرات 11/11، إلا إذا ذهبنا إلى التفسير الذي استبعده، وهو أن جهازا سياديا هو من نفذ العملية، ليستغلها إعلاميا، وهو توقع ضعيف إلى حد ما.

الجيش المصري دائما ما يردد أنه قضى على الإرهاب، لكن سرعان ما يثبت الواقع عكس ذلك.. ما تفسيرك؟

القيادة عندما تدعي أنها قضت على الإرهاب، فإنها تبيع الوهم، وتقول غير الحقيقة، فقوات الجيش تخوض حرب عصابات أقرب إلى حروب الاستنزاف، وليس في الأفق المنظور دلائل على قرب انتهاء هذه المعركة على الإطلاق.

وقائد الجيش الثاني الأسبق أحمد وصفي قال -عقب الانقلاب العسكري، وقبل الإطاحة به- إنه سوف يسلم سيناء خالية ونظيفة تماما من الإرهاب خلال 3 شهور، وصرح بأن القوات المسلحة كان بإمكانها أن تقضى على الإرهاب بسيناء في 6 ساعات فقط، لولا وجود المدنيين واتباع الجيش لما وصفه بالمبادئ الإنسانية، والسيسي زعم أن سيناء في وضع الاستقرار، وقد تم تغيير قيادة الجيش بسيناء أكثر من مرة، مرورا بمحمد الشحات، ثم ناصر العاصي، إلى أن جاء أسامة عسكر، ليكون قائد لمنطقة القناة، بينما لاتزال العمليات كما هي، بل إن معدل هذه العمليات ارتفع من 35 عملية في الشهر خلال عام 2015 إلى 45 عملية في عام 2016.

قلت سابقا إن هناك أجهزة سيادية عرضت على بعض مشايخ القبائل فتح حوار مع المسلحين؛ لإجراء وساطة وتفاوض معهم لحل الأزمة.. فهل الهجوم الأخير يثبت فشل تلك الوساطة، أم يؤكد أنها لم تكن موجودة من الأساس؟

نعم، دعت أجهزه سيادية بعض المشايخ ليكونوا وسطاء في فتح حوار مع المسلحين؛ لإجراء تفاوض؛ للوصول لمصالحة وتسوية للحالة، وعرضت أفكارا جيدة، واستبشر الناس خيرا، حتى كان الموعد المحدد للقاء المشايخ مع عبد الفتاح السيسي بمحافظة القاهرة في 29 أيلول/ سبتمبر الماضي، وكان السيسي في الأمم المتحدة، فالتقى بهم وزير الدفاع صدقي صبحي، بعد أن حدث تغييرا في أسماء المشايخ، فالذين دعوا محسوبين بشكل واضح على أجهزة المخابرات، ومستهدفون من الولاية.

وفي بداية اللقاء، فاجأهم صدقي صبحي بتغيير هدف اللقاء، وأخبرهم أن فكرة التفاوض لم يُرجع فيها للقيادة، بل هي مرفوضة بالنسبة لهم، حيث قال إنه لا تفاوض مع "الإرهابيين"، وعلى القبائل المساعدة في جمع السلاح، ما أحبط المشايخ الذين رجعوا بخفي حنين، وانتهى بذلك ملف التفاوض، وانتهت فترة هدوء شهدتها المحافظة، لتعود العمليات أكثر شدة.

هل تنظيم ولاية سيناء هو أقوى تنظيم مسلح في تاريخ مصر؟ وما هي نقاط تواجده القوية؟

تنظيم الولاية هو التنظيم غير الرسمي الأقوى في تاريخ مصر، وليست قوته في الأعداد المنطوية تحت لوائه، ولكن في نوعية مقاتليه، وتدريبهم، ودوافعهم، والبيئة التي تربوا فيها، والمظلومية العامة لأهل منطقة سيناء.

ووجود هذا التنظيم كان مقتصرا فقط على منطقتي جنوب الشيخ زويد ورفح، رغم أن تواجده كان ضعيفا بهاتين المدينتين (كانتا من أوائل المدن التي تعرضت للتهجير والقصف العنيف منذ البداية إلى أن أصبحت مدن مهجورة)، وانتقل الجزء الأكبر من المسلحين إلى جبل الحلال -وهو الأكثر وعورة في تضاريس مصر- حيث يتمركزون هناك، وهم يتحركون في عمليات كر وفر من وقت لآخر.  

وكيف ترى طبيعة المعركة بين تنظيم ولاية سيناء والجيش المصري؟

هي بمثابة حرب عصابات، وهذه الحرب لها عناصر أساسية تقوم على توافر المعلومات، والخبرة بالأرض، والقدرة على تحديد الأهداف، والقدرة على الانسحاب والتخفي. وأظن أن جميع هذه العناصر تصب في صالح المسلحين، الذين هم أهل دراية بالأرض وطبيعتها بشكل جيد، ويتفوقون بذلك على الجيش، خاصة أنهم مدربون بشكل كبير جدا، والبيانات والمعلومات حول القوات لديهم متوفرة بسهولة؛ لأن الجيش وقواته يتواجدون في كمائن ثابتة، ومعروفة منذ عشرات السنين؛ ولذلك يستطيع المسلحون تحديد أضعف الكمائن وأقلها تسليحا وحراسة -كما تم في كمين زقدان- والجيش فقد المعلومات، بعدما وسّع دائرة الاشتباه والقصف والقتل العشوائي، وهدم منازل الكثيرين دون تعويضات، فكل ذلك أفقد الجيش مصادر المعلومات، وأفقده الكثير من تعاطف الأهالي والقبائل معه.

كما أن فرق التدريب واضح جدا، حيث إن الجيش يزج بالمجندين الجدد الذين يؤدون خدمتهم الإجبارية، والذين يتلقون تدريبات لأيام أو أسابيع قليلة، ثم يتم الدفع بهم لمنطقة المواجهات، وأعمارهم لا تزيد عن 22 عاما، وجاءوا لمعركة غير محددة بالنسبة لهم، ولا يعرفون الهدف أو الغاية منها، وعلى أرض لا يعرفون عنها شيئا، ويتركوا في خدمتهم حتى دون وجود ضباط كبار أو عسكريين قدماء معهم.

وهناك مفارقة في استخدام الطيران في قصف منازل المواطنين ومزارعهم، حيث تغيب هذه الطائرات عن نجدة الكمائن التي تتعرض لهجوم المسلحين، ولا تتدخل إلا بعد يوم أو اثنين، وهذا يوفر وقتا كافيا للمسلحين للانسحاب، ويوفر لهم إغراء أكثر بتنفيذ المزيد من العمليات دون الخوف من الطائرات؛ لأن التجربة قالت إن الطائرات لا تتدخل إلا بعد مرور وقت طويل على تنفيذ العملية، وبعد وصول المسلحين لحضن الجبل، وإلى المناطق الأكثر وعورة والأكثر صعوبة في الوصول إليهم.  

كيف تنظرون للقرار الجمهوري الذي أصدره السيسي أمس الثلاثاء، بمد حالة الطوارئ وحظر التجول ببعض مناطق شمال سيناء لمدة ثلاث شهور أخرى؟

تعد هذه هي أطول فترة حظر في التاريخ، وهي حالة اعتاد عليها النظام، فهو لا يستطيع العيش دونها، خاصة مع حالة الفشل الذريع أمنيا في وجود الطوارئ وحظر التجول، ولا يستطيع أحد منهم أن يقول متى سيصلون إلى نهاية إعلان الطوارئ، وبالمناسبة، هم يخالفون حتى دستورهم الانقلابي.

السيسي قال إن الحرب ضد من سماهم "الإرهابيين" في سيناء ستطول.. فهل تتفق معه أن المعركة ستطول بالفعل؟

نعم، صدق السيسي، فالحرب ستطول وتطول، حتى تتغير آليات المواجهة، وتتنوع سياسات التعامل مع الوضع السيناوي.

كيف تنظرون لإصرار الجيش على اتباع سياسة الحل الأمني فقط في سيناء؟

طرح فكرة أن الحل الأمني هو الحل الوحيد للمشاكل في سيناء يخدم توجه السيسي، الحريص أشد الحرص على أن تظل هذه المنطقة ملتهبة لأطول فترة ممكنة؛ كي يتاجر بهذا الملف الذي يسوق به نفسه في الخارج والداخل، خاصة في ظل حالة الفشل الذريع التي يعاني منها نظامه على كافة الأصعدة، وهذا ما يوضح حالة عدم النجاح أو انعدام السيطرة على منطقة سيناء، رغم الفارق الهائل بين الجيش والمسلحين، من حيث العدد والعتاد، وطبيعة التسليح، أو حتى التدريب لو جاءوا بخريجي الكليات الحربية وليس المجندين إجباريا.

ما الذي تتوقعه من هذه الاستراتيجية التي يتبعها السيسي وما الذي تهدف إليه؟

أظن أن المطلوب في النهاية هو الوصول لمنطقة خالية من السكان في منطقة شمال شرق سيناء، تتراوح مساحتها ما بين 600 إلى 1200 كيلومتر مربع، ما يعني من 30 إلى 40 كيلومتر على الساحل، ومن 20 إلى 40 كيلومتر في عمق سيناء، ليتم السماح بتمدد قطاع غزة فيها، ثم إجراء عملية تبادل أراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ لأن إسرائيل قامت ببناء كمية كبيرة جدا من المستوطنات يقدرونها بـ650 كيلومترا مربعا في الأراضي المحتلة عام 1967.

والفكرة المطروحة حاليا هي حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل)، على الأرض التي تم احتلالها عام 1967، وأن تبقى الأرض المحتلة عام 1948 هي الدولة الإسرائيلية، وللخروج من هذا المأزق والأزمة، تعرض إسرائيل فكرة تبادل الأراضي، وبدأ السيسي في تنفيذ هذا المخطط، الذي قد تتكشف ملامحه مستقبلا بشكل أوضح. 
التعليقات (1)
محمد
الأربعاء، 19-10-2016 06:32 م
مصر بخير وانشاء الله سنهزم الارهاب