قضايا وآراء

وزيرة التعاون الدولي المصرية.. بين التوريط والتسويق

أشرف دوابه
1300x600
1300x600
شاركت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي، في جلسة نقاشية عن سياسة التنافسية في الدول النامية، على هامش رئاستها وفد مصر في اجتماعات البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن.. مؤكدة أن الهدف الرئيسي للحكومة المصرية، تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، حيث تم إطلاق عدد من المشروعات العملاقة، التي تهدف لتحسين مستوى الاقتصاد المصري، ومنها محور تنمية قناة السويس، وتنمية سيناء والمثلث الذهبي، إضافة إلى العديد من مشاريع البنية التحتية وتطوير شبكة الطرق.

ومن يتابع تحركات وزيرة التعاون الدولي يجد تسارعها كسرعة البرق في تسويق النظام الإنقلابي من ناحية، وتوريط مصر في الديون الخارجية من ناحية أخري بصورة جعلت الحصول على القروض الخارجية هدفها الأول والأخير منذ توليها الوزارة بغض النظر عن آلية استخدامها وكيفية سدادها.

كما أن تغني الوزيرة بأغنية هدف الحكومة تحقيق التنمية المستدامة والشاملة هو من باب الكلام الذي لا ينبني عليه عمل والتخدير الذي بات لا ينطلي على ذوي الألباب، فلا يمكن لتنمية مستدامة أن تقوم على قروض تحول فوائدها  دون ميلاد هذه التنمية في الأساس.  كما أن المشاريع العملاقة التي ذكرتها الوزيرة باسم التنمية المستدامة والشاملة هى مشاريع افتقدت لوجود دراسات جدوى ومنها  ما هو وهمي الوجود ومنها ما هو موجود ولكنه باهظ التكاليف قليل العائد. 

فمن المشروعات التي أعلن عنها السيسي مشروع المليون وحدة سكنية مع شركة أرابتك الإماراتية والذي انتهت التفاهمات بشأنه مع الشركة الإماراتية إلى عدم تنفيذ المشروع. وكذلك مشروع استصلاح أربعة ملايين فدان الذي خفض لعشرة آلاف فدان ثم خرج علينا عبد الفتاح السيسي ليعلن عن تدشين استصلاح مليون ونصف فدان بزوبعة إعلامية كان هو محورها في زيارته الفرافرة بصورة تعيد للأذهان مشروعات التحرير والصالحية وتوشكى خاصة وأن خبراء المياه يؤكدون على عدم توافر المياه الجوفية اللازمة لزراعة هذه المساحة، فضلا عن مخاطر وصول مياه النيل لمصر في ظل وثيقة السيادة الأثيوبية التي وقع عليها السيسي. 

كما جاء مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة ليزيد من تكلفة التمويل ويستهلك من رصيد النقد الأجنبي ما يسدد مصاريف التكريك التي جاوت 2.2 مليار دولار . وقد جاءت نتيجته وفقا للتوقعات  المنطقية من حيث كونه باهظ التكلفة قليل العائد حيث انخفضت إيرادات قناة السويس  منذ افتتاح المشروع  في شهر أغسطس حتى يومنا هذا نظرا لارتباط حركة الملاحة  في القناة بحركة التجارة الدولية والتي يبلغ معدل نموها نحو 3%. 

كما جاء الإعلان عن مشروع العاصمة الجديدة بتكلفة  45 مليار دولار  كمرحلة أولى لبلد يعاني من شح وأزمة متنامية في الدولار ، وتم الاتفاق مع رجل  الأعمال الإماراتي محمد العبار على تنفيذ المشروع ولكن سرعان ما تم الغاء مذكرة التفاهم وأصبح المشروع حبرا على ورق حيث طلب العبار تمويلا من السوق المصري للمشروع مع تحمل مصر تكلفة المرافق بالكامل للمرحلة الأولى بنحو  6 مليار جنيه، فضلا عن طلب العبار النسبة الأكبر في المشروع ، واعتزامه الاعتماد على عمالة أجنبية بحجة عدم توافر العمالة المصرية الماهرة المدربة. 

كما جاء الإعلان عن مشروع عربيات السيسي ليعكس السطحية في حل مشكلة البطالة من خلال 350 سيارة مثلجة بتمويل 70% من القيمة  لكل سيارة وتوفير 1050 فرصة عمل باعتبار أن السيارة الواحدة تتيح 3 فرص عمل من الشباب. كما جاء الإعلان عن مشروع شبكة الطرق ، وقد كشف غرق البحيرة والاسكندرية  من بضع أيام من الأمطار سراب منظومة الطرق ، فضلا عن ارتفاع حوادث الطرق التي جعلت من مصر تتبوأ مركزا متقدما عالميا في ذلك. 

كما جاء الإعلان عن مثلث التعدين الذهبي في صحراء مصر الشرقية المليئة بالخيرات والتي يسيطر العسكر على ثرواته، وبات مصيره كمشروع منجم ذهب السكري الذي يقع في مثلث التعدين وبات الحصول على معلومات عنه ضربا من الخيال. وكذلك تم الإعلان عن حقل الغاز شروق في أغسطس 2015 باكتشاف من شركة ايني الايطالية له ووصف بأنه أكبر كشف غازي يتحقق في مصر وفي مياه البحر المتوسط ، والعجيب أن إعلان هذا الاكتشاف جاء بعد ثلاثة أشهر فقط من توقيع شركة إيني اتفاقا مع الحكومة المصرية في مطلع يونيو 2015 لتعديل سعر بيع حصة ايني من الغاز لمصر ليكون بالسعر العالمي.  كما أنه في الوقت الذي أعلنت فيه شركة إيني أنها ستبدأ إنتاجها في حقل شروق في العام 2017م تم عقد صفقات اعتبارا من العام 2019/ 2020 مع شركاء حقل غاز لوثيان الإسرائيلي لتوريد الغاز لمصر فضلا عن التفاوضات بخصوص عقد صفقة غاز مع شركاء حقل تمار الإسرائيلي. وقد أعلنت ايني أخيرا عن تقليص استثمارتها في مصر.

لقد آن لهذه الوزيرة أن تتوقف كثيرا في سياستها، وأن تمتنع عن توريط الجيل الحالي والأجيال القادمة في ديون لا قبل لهم بها، فالواقع المر والوضع الاقتصادي المتردي، وإحلال الرؤية العسكرية محل الرؤية الاقتصادية التي تعتمد على قوة الدبابة ومنطق القوة لا قوة المنطق هو سيد الموقف. كما أن تسويق مشروعات يتم من خلالها بيع الوهم للشعب يدعمه في ذلك آلة إعلامية تقلب الحقائق وتزين الوهم بعيدا عن الواقع لن يستمر خداعه طويلا.
التعليقات (0)